(لا تسبوا الدهر, فإني أنا الدهر, الأيام والليالي لي أجددها وأبليها, وآتي بملوك بعد ملوك). يقول الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الفقه بجامعة القاهرة في تفسير هذا الحديث إن الله تعالي خالق الدهر وخالق الحوادث التي تكون فيه ولذا قال: الأيام لي أجددها وأبليها, وأتي بملوك بعد ملوك, أي إذا سب ابن آدم الدهر علي أنه فاعل لهذه الأمور عاد السب إلي الله تعالي لأنه الفاعل الحقيقي والدهر إنما هو ظرف لمواقع هذه الأمور, فقد جاء الحديث لتصحيح العقيدة وحسن الأدب في اللفظ فقد كان الناس يزعمون أن مرور الأيام والليالي هو المؤثر في هلاك الأنفس. ويضيفون كل حادث إلي الدهر فيلعن بعض الناس عند الغضب من شخص معين اليوم أو الساعة التي عرفه فيها, ومن الذم أيضا: الزمان ما له أمان فهذا كحال الذين قالوا:( ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا و ما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون). وقد قال الإمام الحافظ بن الجوزي: ما رأت عيني مصيبة نزلت بالخلق أعظم من سبهم للزمان وعيبهم للدهر وقد كان هذا في الجاهلية ونهي الرسول صلي الله عليه وسلم عن ذلك فقال:( لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر). وفي فتاوي العقيدة للشيخ ابن عثيمين يقسم سب الدهر إلي ثلاثة أقسام: الأول, أن يقصد الخبر المحض دون اللوم وهذا جائز مثل أن يقول تعبنا من شدة الحر هذا اليوم أو ما شابه ذلك لان الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر. والثاني أن يسب الدهر علي أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلي الخير أو الشر, فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا نسب الحوادث إلي غير الله. والثالث أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله و لكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة وهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب الذي يجب علي المسلم أن يتحلي به. ويؤكد الدكتور محمد الدسوقي أنه مهما تعرض الإنسان لضغوط الحياة سواء النفسية أو المادية لا يعطي له مبررا لسب الدهر, وهذا الحديث يوجه الإنسان المسلم إلي أن يتأدب مع الله, يقول تعالي:( ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا).