حين كنا ندرس بالخارج, في بلاد الصقيع والضباب, كما ننتظر ذلك المظروف الداكن الذي يصلنا كل أسبوع أو أسبوعين من المكتب الثقافي في العاصمة الانجليزية لنستنشق من خلاله هواء الوطن ونتنسم أخباره. نفض المظروف بلهفة المشتاق, ففيه توجد أعداد الأهرام المتراكمة, نقرؤها فنعايش الأحداث التي جرت في الوطن في الأيام الماضية, ونتجول بين مقالات الكتاب, ونتفاعل مع آراء المفكرين وتحليلاتهم, لتطفئ بعضا من ظمئنا إلي وطن بعيد, ونظل نحن الدارسين المصريين نستعيد ماقرأناه في الأهرام, فيدور حديثنا في الأيام التالية حول مااستقر في نفوسنا من أخبار وأفكار, فكأن الأهرام هي شريان الحياة المتدفق بالآراء والرؤي الذي يربطنا بالوطن, تماما مثل الحبل السري الذي يربط الجنين بالأم. عدنا إلي الوطن بعد انتهاء الدراسة, ودارت الأيام والسنون, لنبتعد عن الوطن مجددا في مهمات قصار أو طوال, وتطورت الدنيا ولم نعد بحاجة لذلك المظروف المنتفخ, فلقد جاء هذا الاختراع الغريب المسمي بالانترنت, وأصبح هناك موقع إلكتروني يأتيك بالأهرام أينما كنت ووقتما تشاء, تتابع فيه الأخبار المحلية والاقليمية والعالمية, وتقرأ المقالات والأعمدة, والموضوعات المبوبة وكأنك تتصفح الجريدة. اشتد ارتباطي بالموقع الالكتروني حين استقر المقام بي في خارج مصر بعض الوقت, عندما سافرت إلي البحرين فكانت الأهرام هي ذلك الرباط اللاصق الذي يتدفق بنبض الحياة في مصر, وحين خفت نور العين, أصبح ذلك الموقع الالكتروني لاغني عنه, فهو يتيح لك تكبير الكلمات التي لايمكن قراءتها بسهولة. فتحت الموقع الالكتروني الأسبوع الماضي فاذا به موقع جديد ومختلف متجدد مبهر مليء بالصور الملونة المنسقة, به أرشيف منظم يتيح لك البحث في صفحات الأهرام الثرية عما فاتك من كتابات, وفي صدارته المدخل إلي مقالات النخبة المتميزة من كتاب الأهرام ومقالاتهم, بل ويفسح للقراء مساحة للتفاعل مع ماقرأوه, فكأنك تشترك مع الآخرين وتتبادل معهم الرأي حول ماقرأته معهم من أفكار أو أخبار, فتذكرت كيف كانت أحاديثنا المتصلة في الغربة حول مايصلنا من الأهرام تشيع الدفء في أيامنا الرتيبة. وإذا كنا قد أدمنا الاشراة إلي ماهو رديء.. أليس من الانصاف ان نشير إلي الجيد, وأن نشيد بذلك الانجاز الخلاق, ونرحب بطاقة الضوء التي انبعثت وأشرقت, ونشد علي أيدي الفريق الذي لانعرفه والذي طور ذلك الموقع فحقق انجازا يستحق الشكر والثناء تحية إلي بناة الأهرام الإلكتروني, الذي أثبتوا لنا أن الأهرام حقا هي شريان الحياة. د. شريف قنديل الأستاذ بجامعة الاسكندرية محرر بريد الأهرام: ولك كل التحية والتقدير علي هذه اللفتة الكريمة, وأحب إبلاغك أن موقع الأهرام الالكتروني يتوسع يوما بعد يوم, وسوف تحمل الأشهر المقبلة تطويرات له تتيح للقراء متابعة الأحداث لحظة بلحظة.