ارتفاع أسعار البيض اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    "س و ج".. كل ما تريد معرفته عن مخالفات البناء وكيفية تقنين الأوضاع    وزير الخارجية الإيراني يصل إلى بيروت    حزب الله يستهدف شمال حيفا الإسرائيلية بالصواريخ    ماجواير: مانشستر يونايتد بحاجة لمزيد من الصلابة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    مصدر أمني ينفي صحة مزاعم فيديو اقتحام منزل بالبدرشين    حالة الطقس اليوم الجمعة 4-10-2024 في محافظة قنا    مصرع شخصين وإصابة 2 آخرين إثر حادثي سير على الطرق بالبحر الأحمر    «دور الإعلام في تعزيز الوعي وتحسين جودة الحياة» في ورشة عمل ل«الصحة»    الكشف على 1263 مواطنا بقافلة طبية مجانية في جزيرة نكلا بشبراخيت    جيش الاحتلال يطالب سكان أكثر من 20 بلدة جنوب لبنان بالإخلاء    وزارة التموين تطمئن المواطنين.. مخزون السلع الغذائية آمن وطرح المنتجات بأسعار مخفضة 25%    3 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات قوية من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    أخبار الأهلي : تصريحات نارية لقندوسي :لاعب الزمالك أفضل من إمام عاشور وهذا أفضل حارس    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    سعر الذهب اليوم في مصر يرتفع ببداية تعاملات الجمعة    جيش الاحتلال يطالب سكان أكثر من 20 بلدة جنوب لبنان بالإخلاء    قلق في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب قراصنة صينيين    حقيقة نفاد تذاكر حفلات الدورة 32 من مهرجان الموسيقى العربية.. رئيس الأوبرا ترد؟    أم خالد تتصدر التريند لهذا السبب    الأردن يدين قصف الاحتلال لمخيم طولكرم    215 شخصًا حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا    10 معلومات عن تطوير مستشفيات "حميات وصدر ملوي" في المنيا (صور)    الصحة العالمية توافق على الاستخدام الطارئ لأول اختبار تشخيصي لجدري القردة    «بول القطط» وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به.. «الإفتاء» توضح    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة والأوقات المستحبة للدعاء المستجاب    سعر صرف العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه اليوم    ايه سماحة تكشف مفاجأة بخصوص نهاية مسلسل «عمر أفندي»    آيه سماحة تكشف قصة تعارفها على زوجها محمد السباعي    مهرجان الموسيقة العربية.. تفاصيل وموعد وأسعار تذاكر حفل تامر عاشور    أفيخاي أدرعي ينذر سكان الضاحية الجنوبية    87.2%.. إجمالي تعاملات المصريين بالبورصة في نهاية تداولات الأسبوع    "وما النصر إِلا من عِندِ الله".. موضوع خطبة الجمعة اليوم    اليوم.. الأوقاف تفتتح 25 مسجداً جديداً بالمحافظات    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    «أنا قدامك خد اللي إنت عايزه».. حكاية صعيدي أراد التبرع ب«كليته» ل أحمد زكي (فيديو)    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    ملف يلا كورة.. برونزية مونديالية للأهلي.. وانتهاء أزمة ملعب قمة السيدات    مايكروسوفت تضيف مزايا ذكية ل Windows 11    مصررع طفلة رضيعة في الدقهلية.. اعرف السبب    برج الأسد حظك اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024: تلتقى بشخص مٌميز ومكالمة مٌهمة    مدير الكلية العسكرية التكنولوجية: الخريجون على دراية كاملة بأحدث الوسائل التكنولوجية    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    موعد مباراة مانشستر يونايتد القادمة عقب التعادل أمام بورتو والقنوات الناقلة    المقاولون العرب يضم لاعب الزمالك السابق    محافظ الدقهلية يستقبل وفد اتحاد القبائل لتنفيذ مبادرة تشجير    وليد فواز عن حبسه في مسلسل «برغم القانون»: إن شاء الله أخرج الحلقة الجاية    صندوق النقد الدولي يكشف موعد المراجعة الرابعة لقرض مصر    عز يتراجع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    حريق يلتهم سيارة ملاكي أعلى كوبري المحلة بالغربية    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    قتلوا صديقهم وقطعوا جثته لمساومة أهله لدفع فدية بالقاهرة    أهالي قرية السلطان حسن بالمنيا يعانون من عدم وجود صرف صحي    رسمياً.. فتح باب تسجيل تقليل الاغتراب جامعة الأزهر 2024 "الرابط الرسمي والخطوات"    صحة دمياط: إجراء 284 عملية جراحية متنوعة منذ انطلاق المبادرة الرئاسية بداية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقابات‏..‏ التاريخ والحاضر والمستقبل 4‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 01 - 2010

كانت النقابات الانجليزية ناتجا لعلاقات المصنع الانجليزي‏.‏ لذلك كانت حركة الأجراء الانجليز في مواجهة الرأسمالية الانجليزية‏..‏ وهكذا كانت الأمور في فرنسا وفي ألمانيا وفي كل هذه الدول الصناعية الكبيرة‏.‏ أما في بلدان المستعمرات‏,‏ ومنها مصر فقد كانت النشأة مختلفة تماما‏.‏ لأن النشأة هنا في بلداننا‏,‏ كانت في غالبيتها العظمي في وحدة العمل الأجنبية‏.‏ فكان الأجراء المصريون في مواجهة صاحب العمل الانجليزي أو الفرنسي أو البلجيكي‏..‏ أو‏..‏ أو حسب جنسية الاستثمار‏.‏ لذا نقول دائما إن مسيرة نقاباتنا كانت مسيرة مختلفة‏.‏ لأن الأجراء هنا في بلادنا وأمثالها من بلدان المستعمرات القديمة كانوا لا يواجهون رأسماليا مستغلا فحسب وإنما وبالإضافة كان أجنبيا‏.‏ فامتزج النضال العمالي بالنضال الوطني وبات المطلب النقابي مرافقا للمطلب الوطني‏.‏ وأصبح النضال من أجل الاعتراف النقابي مرادفا للنضال من أجل الاعتراف بالاستقلال الوطني‏.‏
ولذلك نجد أن الأدبيات السياسية التي تسجل تاريخ حركات التحرر الوطني التي بدأت مع نهاية الحرب العالمية الأولي وتأججت بعد الحرب العالمية الثانية تذكر بكل وضوح وبالتفاصيل الدور الوطني الهائل الذي لعبته النقابات العمالية لإنجاح حركة التحرر في الهند وفي غانا وفي اندونيسيا وحتي في آخر بلدان إفريقيا المحقق لتحرير شعبه‏..‏ في جنوب إفريقيا‏.‏
وبالعودة إلي كل الكتابات التي قدمها المؤرخون المصريون مثل د‏.‏ رؤوف عباس وأ‏.‏ أمين عز الدين وغيرهما فإن الإرهاصات الأولي للحركة الجماعية للأجراء المصريين كانت في مشروع خزان أسوان في نهاية القرن التاسع عشر‏.‏ يؤكدون جميعا أن في عام‏1899‏ قاد العمال المصريون العاملون في خزان أسوان أول إضراب عمالي‏(‏ ونؤكد هنا علي كلمة‏'‏ قاد‏').‏ فسجلوا الإرهاصات الأولي للحركة الجماعية للعمال المصريين‏.‏ في ذلك العام لم تكن مصر قد عرفت النقابات بعد‏.‏ ولكنها كانت تعرف الإضراب‏.‏
كانت مصر تعرف الإضرابات التي ينظمها العمال الأجانب‏,‏ من إيطاليين ويونانيين ومالطيين‏.‏ وكان أشهر هذه الإضرابات قد وقع عام‏1889‏ في خزان أسوان أيضا أي عشر سنوات قبل إضراب‏.1899‏ قاد هذا الإضراب الأول العمال الأجانب وشارك فيه المصريون‏.‏ أما إضراب خزان أسوان عام‏1899‏ وهو الثاني في منطقة الخزان فقد كان بقيادة العمال الأجراء المصريين‏.‏ كانوا قادته ومنظموه وجماهيره‏.‏ وتكمن هنا أهميته التاريخية‏.‏
ولا شك أن حركة الإضراب الأخيرة هذه كانت غريبة حينذاك علي المجتمع المصري الذي كان مغمورا غارقا في إطار من علاقات وقيم تقليدية زراعية شبه إقطاعية يحكمها كبار ملاك الأرض الزراعية الذين كانوا يتعاملون مع الفلاح المتمرد بالسوط‏.‏ أي بالجلد‏.‏
لذلك بالعودة إلي الصحف المصرية في ذلك الزمان للتعرف علي صدي هذا الإضراب سنقرأ أراء ربما تبدو غريبة علينا الآن‏.‏ أراء تقول أن العمال المصريين‏'‏ متدينون وطنيون وطيبون‏'‏ لا يمكن أن يقبلوا تقليد هذه‏'‏ البدعة‏'‏ التي نقلها العمال الأجانب الغربيون إلي مجتمعنا المصري‏'‏ المتدين المحافظ‏'.‏ كما كانت هذه الصحف تدين فكرة‏'‏ النقابة‏'‏ وتصفها بأنها اختراع غربي شكله العمال الغربيون ليفسدوا المجتمع ويحدثوا فيه‏'‏ التفسخ‏'‏ والانقسام الاجتماعي‏.‏ أراء من هذا القبيل التي نعتبرها الآن في زمامنا أفكارا ساذجة‏.‏ ولكنها كانت تعبر عن حالة من تغيير يحدث ضمن تغيير عام في هذا المجتمع الزراعي الذي تعود علي علاقات السخرة الجبرية في حفر القناة أو شق الترع والمصارف ثم التأديب بالسوط‏.‏ ثم وجد نفسه يواجه علاقات عمل جديدة تعبر عن نفسها وعن سخطها بأسلوب غير زراعي أو تقليدي وإنما بأسلوب جماعي سلمي حديث يسعي لتحقيق الحقوق العمالية المهضومة‏.‏
ولكن ما كاد القرن العشرون يطل علي مصر حتي زادت الاستثمارات الأجنبية فيها وبدأت تشهد البلاد تزايدا في مساحة انتشار علاقات العمل الجديدة التي لم تعد قريبة من علاقات السخرة الجبرية القديمة وإنما باتت أقرب إلي عقود العمل في وحدات الغزل والدخان وصناعة لف السجائر ومحالج القطن والزيوت والصابون والترام وغاز الاستصباح والمياه ووحدات الخدمات الصغيرة‏.‏ كل وحدات العمل الجديدة هذه كانت توظف العاملين فيها مقابل الأجر الثابت‏.‏ كانت توظف العمال مقابل أجر يومي والموظفين مقابل الراتب الشهري‏.‏
ومع زيادة عدد الاستثمارات‏,‏ أصبح عدد الأجراء المصريين في تزايد لذلك كانت حركتهم الجماعية تتزايد هي الأخري‏,‏ ولكن في حركتين وتجاه تنظيمين مستقلين ومتوازيين‏,‏ للعمال تحركاتهم ومطالبهم وللموظفين ذات الشيء حركتهم ومطالبهم المختلفة‏.‏ وكان لهذا الانفصال أسبابه‏.‏ فللعمال ظروف وشروط عملهم وللموظفين ظروف وشروط عملهم‏,‏ خاصة أن المواقع الإدارية العليا في الوحدات‏,‏ من مدراء ورؤساء ورديات عمل أو ما كانوا يسمون بالأسطوات كانت مقصورة علي الأجانب‏.‏
لذا يمكن فهم تلك الحركة المميزة الخاصة التي صاغها العمال المصريون إبان أحداث ثورة‏.1919‏ فهم أي العمال المصريون ومعهم الفلاحون في الريف ركزوا وخلطوا ومزجوا بين المطلب الوطني العام أي الاستقلال وبين المطالب الاجتماعية التي كانوا يسعون إليها‏.‏ فالعامل المصري شهد الاستعمار ليس فقط في جيش الاحتلال والمندوب السامي‏,‏ وإنما كان يراه يوميا في إدارة أجنبية تفرض عليه أجرا صغيرا وساعات عمل طويلة كما كان يراه في شخص مشرف عمل أجنبي يفرض عليه خصومات وجزاءات كان يراها المصريون مبالغا فيها‏.‏
في هذا الزمان المبكر لم يحاول الأجراء من العمال ضم الأجراء من الموظفين المصريين في الوحدات إلي حركتهم‏,‏ كما أن هؤلاء الآخرين‏,‏ الأجراء من الموظفين المصريين‏,‏ لم يحاولوا الانضمام إلي إخوانهم من الأجراء العمال في الوحدات‏.‏ بل الأكثر من ذلك ظلت الحرف المختلفة في كل وحدة تملك حركتها المستقلة ثم بعد ذلك‏(‏ بعد صدور قانون الاعتراف بالنقابات عام‏1942)‏ تنظيمها المستقل‏.‏ وجدت في مرفق الترام نقابة لسائقي الترام ثم نقابة لكمسارية الترام ثم نقابة ثالثة لمفتشي الترام‏.‏ وجدت كل هذه النقابات في الوحدة الواحدة بجانب نقابة أخري هامة وقوية وهي نقابة موظفي مرفق الترام‏.‏ واستمر هذا الانقسام لعدة عقود زمنية إلي أن صدر القانون‏91‏ لعام‏1959‏ الذي وحد من حركة وتنظيم كل العاملين من عمال وإداريين في كل وحدة صناعية أو تجارية أو خدمية‏.‏
وربما كان هذا الانقسام القديم قد دعم من انقسام أكبر أثر سلبا علي الحياة النقابية المصرية‏.‏
المزيد من مقالات أمينة شفيق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.