أبرزها دعم الموازنة.. «الحكومة» تكشف مميزات مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي    يائير لابيد: نتحدث مع الجميع وسنسقط الحكومة الإسرائيلية    رسالة حاسمة من «التعليم» لطلاب الثانوية العامة بشأن امتحان الفيزياء    سميرة سعيد تنعى والدة ملك المغرب    مدبولي يثمن توقيع أول عقد ملزم لشراء الأمونيا الخضراء من مصر    محمد حلاوة: ثورة يونيو نقطة تحول تاريخية في مسار الدولة المصرية.. ولابد من تكاتف جميع قوى الشعب للحفاظ على مكتسباتها    استئناف مباراة منتخب ألمانيا ضد الدنمارك بعد التوقف فى يورو 2024    موعد مباراة سويسرا في ربع نهائي يورو 2024 بعد الفوز على إيطاليا    مانشستر يونايتد يفتح خط اتصال مع دي ليخت.. والأخير يحدد موقفه    أحمد موسى يكشف سر تأخير تشكيل الحكومة الجديدة    تحرير 13 محضرا تموينيا ضد مخابز بالفيوم لصرفهم وتهريبهم دقيق مدعم    يضم 124 باكية.. محافظة القاهرة تستعد لفتح سوق سوهاج للفاكهة بمصر الجديدة    متظاهرون يتوجهون لمقر نقابة العمال العامة في إسرائيل لإعلان إضراب شامل    السفير محمد حجازى: تزايد الصراعات العالمية لعدم الالتزام بقواعد الشرعية الدولية    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    وزير النقل يبحث مع وفد من كبرى الشركات الألمانية الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات الجاري تنفيذها    أستاذ تمويل يوضح مكاسب مصر من ترفيع العلاقات مع أوروبا    مصرع شقيقين داخل بيارة صرف صحي ب ساحل سليم في أسيوط.. ما القصة؟    وفد شؤون الأسرى المفاوض التابع للحوثيين يعلن وصوله إلى مسقط    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    رئيس الوزراء يلتقي رئيسة منطقة شمال إفريقيا والمشرق العربي بشركة إيني الإيطالية    مبابي يختبر قناعا جديدا قبل مواجهة بلجيكا في أمم أوروبا    حدث في 8 ساعات|أخطاء في بعض أسئلة امتحان الفيزياء.. وموعد تشكيل الحكومة والمحافظين الجدد    بعد 8 أعوام.. الجامعة العربية تلغي تصنيف حزب الله "منظمة إرهابية"    حبس 20 متهماً بتهمة استعراض القوة وقتل شخص في الإسكندرية    وزير الصحة يبحث مع ممثلي شركة «إيستي» السويدية تعزيز التعاون في القطاع الصحي    «مياه الشرب بالجيزة»: كسر مفاجئ بخط مياه بميدان فيني بالدقي    ليفربول يحاول حسم صفقة معقدة من نيوكاسل يونايتد    مانشستر سيتي يخطف موهبة تشيلسي من كبار الدوري الإنجليزي    عمرو دياب يطرح ريمكس مقسوم لأغنية "الطعامة"    الداخلية تكشف ملابسات واقعة طفل الغربية.. والمتهمة: "خدته بالغلط"    بماراثون دراجات.. جامعة بنها الأهلية تحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو    استشارية أمراض جلدية توضح ل«السفيرة عزيزة» أسباب اختلاف درجات ضربة الشمس    عرض أول لفيلم سوفتكس لنواز ديشه في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي بالتشيك    إحالة أوراق المتهم بقتل منجد المعادي للمفتي    ننشر أسماء الفائزين في انتخابات اتحاد الغرف السياحية    المجاعة تضرب صفوف الأطفال في شمال قطاع غزة.. ورصد حالات تسمم    القاهرة الإخبارية: لهذه الأسباب.. الفرنسيون ينتخبون نواب برلمانهم بانتخابات تشريعية مفاجئة    جامعة سوهاج: تكليف 125 أخصائي تمريض للعمل بمستشفيات الجامعة    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    برقية تهنئة من نادي النيابة الإدارية للرئيس السيسي بمناسبة ذكري 30 يونيو    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنانة سلوى محمد على خلال دورته ال 17    عضو "طاقة النواب": مصر نجحت في عمل بنية تحتية جاذبة للاستثمار    الأهلى تعبان وكسبان! ..كولر يهاجم نظام الدورى.. وكهربا يعلن العصيان    ضحية إمام عاشور يطالب أحمد حسن بمليون جنيه.. و14 سبتمبر نظر الجنحة    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حظك اليوم| برج العذراء السبت 29 يونيو.. بشائر النجاح والتغيير بنهاية الشهر    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    الأنبا باسيليوس يتفقد النشاط الصيفي بكنيسة مارجرجس ببني مزار    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    البنك الأهلي: تجديد الثقة في طارق مصطفى كان قرارا صحيحا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد السبت يكتبة : أحمد البرى
الحقيقة المرة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 12 - 2010

أكتب إليك رسالتي بكل ما فيها من حقيقة مرة أعيشها وأتعذب بها ليل نهار‏,‏ فما أصعب أن يوضع أحد في هذا الوضع العصيب الذي أعيشه‏,‏ ودعني أروي لك قصتي كاملة لكي تتبين الجوانب الأخري في حياتي والتي أوصلتني إلي ما أحياه الآن‏.‏ فأنا مهندس في أواخر العشرينيات‏..‏ توفي أبي وأنا في سن صغيرة‏,‏ وكان فارق السن بينه وبين والدتي كبيرا جدا‏,‏ فوجدت نفسها أرملة وهي لم تكمل الثلاثين بعد‏,‏ مما دفعها للدخول في مغامرات عاطفية كثيرة‏,‏ ولجأت إلي الزواج العرفي تارة‏,‏ والسري تارة أخري‏,‏ وسارت حياتها علي هذا النحو‏,‏ ولم تكن لدينا مشكلة مادية‏,‏ فلقد ترك أبي لنا ثروة كبيرة‏,‏ فالتحقت بالجامعة الأمريكية وعايشت التجارب المؤلمة لوالدتي برغم أنها كانت تخفي عني ما تفعله‏,‏ وتخرج من البيت بحجج واهية‏,‏ وأحيانا كانت تأتي بمن تتزوجه في غيابي‏.‏
ومرت الأيام وأنا كاظم غيظي‏,‏ ولا حول ولا قوة لي معها‏,‏ وتخرجت في كلية الهندسة‏,‏ والتحقت بوظيفة كبري في محافظة ساحلية‏,‏ فوجدتها فرصة للبعد عنها ولو بضعة أيام‏,‏ فالحقيقة أنها علاوة علي موضوع الزواج السري‏,‏ ترتدي الملابس المثيرة‏,‏ وتصبغ وجهها بكل ألوان الطيف‏..‏ وكنت أجد حرجا من زملائي عندما ينظرون إليها‏,‏ إذ تعلو وجوههم علامات الدهشة والاستغراب‏.‏
وحاولت الاقتراب من أسرة أبي‏,‏ بعد أن قاطعونا بسبب تصرفات أمي لكنني وجدت منهم جفاء شديدا‏,‏ بل إنهم لم يحسنوا استقبالي‏,‏ وقالوا لي كلمات لاذعة عن أمي‏,‏ فخرجت من عندهم أتصبب عرقا‏,‏ وخلوت إلي نفسي وبكيت كثيرا‏,‏ ثم اتخذت قرارا بأن أهاجر إلي المحافظة التي أعمل بها‏,‏ وبالفعل اشتريت شقة فيها وحصلت علي سيارة بالتقسيط من خلال عملي‏,‏ وأصبح لي عالمي الخاص من العمل إلي البيت‏,‏ ومن البيت إلي العمل‏,‏ وركزت كل جهدي فيه ونلت تقدير رؤسائي‏.‏
وجذبتني زميلة لي برقتها وعذوبتها وروحها الجميلة‏,‏ فتعرفت عليها ودارت بيننا حوارات كثيرة‏,‏ وتأكدت أنها الفتاة المناسبة لي‏,‏ وشاورت عمي في الموضوع‏,‏ فناقشني فيه كثيرا‏,‏ ولما اقتنع برغبتي‏,‏ وبأسرة فتاتي حدد لي موعدا لزيارة أسرتها‏,‏ وأبلغتها به‏,‏ وكان الجميع في استقبالنا‏,‏ وكانت لحظة جميلة شعرت فيها بالدفء الأسري‏,‏ ومنيت نفسي بحياة مستقرة وسعيدة‏.‏
ولما سألوني عن والدتي أخبرتهم بأنها مسافرة‏,‏ وعدت إلي بيتي‏,‏ وأنا أفكر في الأمر‏..‏ وطلبت والدتي وحكيت لها ما حدث‏,‏ فلم تسألني عن العروس ولا عن أهلها وباركت خطوتي‏,‏ وقالت إنها سوف تحضر حفل الخطبة‏,‏ فوجدتني ألح عليها بأن تغير طريقة ملبسها ومظهرها علي الأقل أمام أسرة فتاتي‏,‏ وألا تتحدث كثيرا معهم فوعدتني بذلك‏!!‏
وجاء يوم الخطبة‏,‏ وبينما كنت أجلس في الكوشة مع خطيبتي دخلت أمي‏,‏ وكان مظهرها العام لا بأس به استجابة لما وعدتني به‏,‏ لكن المفاجأة أن نظرات الحاضرين اتجهت صوبها‏,‏ وبدت علامات الغضب ممزوجة بالدهشة علي وجوه من حولنا‏,‏ حتي أمي نفسها اصفر وجهها‏,‏ وتغيرت معالمه من الضحك إلي العبوس‏,‏ ومضت نحوي بخطوات سريعة‏,‏ وسلمت علي وهي مضطربة وبدت وكأنها لا تعرفني‏.‏ وقبل أن أخبر خطيبتي بأنها أمي باغتتني متسائلة‏:‏ من هذه السيدة؟ وما صلتك بها؟ لقد تزوجها ابن عمي سرا وكانت العصمة في يدها‏..‏ ولما افتضح أمرها‏,‏ ضغطت العائلة عليها لتطليقه فلم توافق ودخلنا في صراع معها حتي أجبرناها علي الطلاق‏..‏ سمعت كلماتها ولم أرد‏..‏ وضاعت الفرحة من قلبي طوال الحفل‏!‏
لقد خرجت أمي سريعا‏,‏ ولكن تداعيات حضورها لم تنته حتي الآن‏,‏ ومازالت تلاحقني فضائحها‏,‏ وألاحظ تحفظا كبيرا من أهل خطيبتي في تعاملهم معي مع أنهم لم يعرفوا بعد علاقتها بي‏,‏ وربما بلغت بهم الظنون إلي حد أنني أحد الشباب الذين اصطادتهم‏,‏ ولا أدري ماذا سيكون موقفهم لو علموا أنها أمي؟ لقد قتلني التفكير ووصلت إلي حالة احباط شديدة‏,‏ فهل أجد لديك حلا لما أنا فيه؟‏!‏
‏*‏ أخطر آفة تصيب أي أسرة هي انصراف الأب والأم أو كليهما إلي ملذاتهما وحياتهما الشخصية دون اعتبار لما يترتب علي سلوكهما من تدمير لابنائهما‏,‏ وضياع لسمعتهما بين الناس‏,‏ فالأب الذي يترك أسرته ويبحث عن علاقات نسائية لايختلف عن الأم التي تصنع نفس الصنيع‏,‏ فتصاحب الرجال‏,‏ وتصطاد الشباب طلبا لمتعة زائلة‏,‏ فينشأ الأبناء ضحايا لهذه البيئة الفاسدة‏,‏ وينظر الآخرون إليهم نظرة دونية مهما بلغوا من درجات العلم والأخلاق وحسن السلوك‏.‏
وأنت واحد من أمثال هؤلاء الأبناء الضحايا‏,‏ فعندما تزوج والدك الراحل من والدتك كان فارق السن بينهما كبيرا‏,‏ وربما وافقت عليه والدتك مرغمة من أهلها من منطلق أنه ثري وسوف يضمن لها حياة مستقرة‏,‏ وبالتالي لم تشعر بشبابها وأنوثتها مثل البنات ممن هن في مثل سنها‏,‏ وما إن رحل عن الحياة‏,‏ حتي التفتت إلي نفسها وجمالها‏,‏ فراحت تبحث عمن يعوضها عن حرمانها من السعادة الزوجية مع الشباب صغار السن‏,‏ وانجرفت إلي هذا السلوك حتي بعد أن بلغت الخمسين من عمرها‏,‏ وبأموال أبيك راحت تتزوج واحدا بعد الآخر‏,‏ وهكذا صارت الحياة الزوجية بالنسبة لها لعبة تتسلي بها‏,‏ وتغير الأزواج بعد أن تنال منهم حاجتها‏.‏
ودارت الأيام‏,‏ وجاء يوم خطبتك لتعيش هذا المشهد المؤلم أمام المدعوين من أهلك‏,‏ وأهل فتاتك‏,‏ وإذا كنت قد التزمت الصمت أمام سؤال فتاتك عن حقيقة هذه السيدة‏,‏ فإنك لن تستطيع أن تخفي ذلك إلي الأبد‏,‏ فحتما سوف تعلم يوما الحقيقة المرة‏,‏ ولا سبيل أمامك لتجاوز ما حدث إلا بالحديث الصريح والمباشر مع أسرة من ارتبطت بها بالاستعانة بعمك الذي ساندك في خطبتها‏,‏ فهو رجل عاقل‏,‏ ويستطيع أن يستوعب غضب أسرتها من والدتك لما صنعته‏,‏ وما ارتكبته في حقكم جميعا‏.‏
ولتعلم أسرة فتاتك أنها تشتري مهندسا شابا يحترمه الجميع‏,‏ ويشيدون بأخلاقه‏,‏ وأنه إذا كانت أمك قد أخطأت ببعض التصرفات الطائشة فإن ذلك ليس ذنبك‏,‏ ويكفيك أنك اتخذت موقفا قاطعا بالحياة بعيدا عنها‏.‏
علي جانب آخر‏..‏ أرجو أن تكون والدتك قد تعلمت الدرس مما حدث‏,‏ وأن تعيد النظر في تصرفاتها وهي في هذه السن المتقدمة‏,‏ وكفاها استهتارا بالعادات والتقاليد والأخلاق‏..‏ وكفاها أيضا ما سببته لك من آلام‏.‏
عليها أن تكف عن هذا السلوك الذي ينتقص منها‏,‏ فلكل سن جلالها واحترامها‏..‏ ولتكن البداية بالملابس المحتشمة والمكياج الهادئ الذي يجعل الناس يغيرون نظرتهم إليها‏,‏ ويشعرون بأن شيئا فيها قد تغير‏,‏ وأنها عادت بالفعل إلي رشدها‏.‏
ولكل الآباء والأمهات أقول‏:‏ رفقا بالأبناء‏,‏ فهم يتخذونكم قدوة‏,‏ ويسيرون علي دربكم‏,‏ ولذلك قيل من شابه أباه فما ظلم فكل تصرف تكون له انعكاساته علي الأبناء‏,‏ وكذلك السلوك العام والأخلاق ونظرة الآخرين‏..‏ فالإنسان لا يعيش لنفسه فقط‏,‏ وإنما يعيش أيضا لأبنائه فيربيهم تربية صالحة‏,‏ ويوجههم التوجيه السليم‏,‏ وينير لهم طريق الصواب‏..‏ أما الآباء الضالون فيجنون علي أبنائهم الذين قد لا يجدون من ينتشلهم من عالم الضياع فيسقطون فيه‏!‏
وأخيرا‏..‏ عليك يا سيدي أن تثق بنفسك وقدراتك‏,‏ وأن تأمل في الله خيرا‏..‏ وأسأله أن ينير لك الطريق‏..‏ وهو عز وجل علي كل شيء قدير‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.