غداً.. قطع المياه لمدة 5 ساعات عن عدد من مناطق القاهرة    إعلام سوري: الدفاعات الجوية تتصدى لأهداف معادية قبالة سواحل مدينة جبلة غربي البلاد    الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ ضربات دقيقة على الضاحية الجنوبية لبيروت    عام على حرب غزة، إسرائيل "محت" 902 عائلة بقتل كامل أفرادها    مجموعة السبع تدين الهجوم الصاروخي الإيراني وتؤكد أن السلام لا يزال ممكنا    صفقة مفاجئة في طريقها إلى الأهلي بتوصية من مختار مختار    موعد مباراة نيس الفرنسي ولاتسيو في الدوري الأوروبي والقناة الناقلة.. ظهور محتمل لعبدالمنعم    هجوم جديد ضد أحمد بلال بعد سخريته من الزمالك قبل السوبر الإفريقي    حركة تنقلات محدودة في «تموين كفر الشيخ»    بعد إعلانها اعتزال التمثيل نهائيًا.. من هي منى جبر؟ (تقرير)    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    قوتها تصل ل265 حصان... شاهد سكودا سوبيرب الجديدة    خلو ماكينات صرف الأموال في ألمانيا من النقود بسبب إضراب    بعد أزمة الشيخ التيجاني.. «الصوفية» بريئة من البدع.. و«الفكر الوسطى» هو الحل    "فوز ليفربول وهزيمة الريال".. نتائج مباريات أمس في دوري أبطال أوروبا    نجيب ساويرس: الواحد مبقاش عارف مين بيمثل ومين حقيقي    «البلدي.. لا يوكل» في الذهب| خبراء: حان وقت الشراء وخاصة السبائك    أسعار الفراخ اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024 بالأسواق.. وبورصة الدواجن الآن    بشرى سارة.. علاج امرأة مصابة بالسكري من النوع الأول    منها تقليل خطر الزهايمر.. 7 فوائد لشرب القهوة    ما هي الصدقة الجارية والغير جارية.. مركز الأزهر يوضح    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    محلل: بايدن لا يملك السيطرة على نتنياهو.. وإسرائيل لا تملك إلا خيار الرد    نجوم 21 فرقة تضىء مهرجان «الإسماعيلية للفنون الشعبية»    أمل جديد لمرضى القلب.. تصوير مقطعي لتقييم تدفق الدم    تعرف على أسباب استبعاد إمام عاشور من قائمة منتخب مصر    أمريكا...عضو بمجلس الاحتياط الاتحادي يؤكد استمرار مشكلة التضخم    درجات الحرارة بمدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى في القاهرة 30    "قومي المرأة" بالمنيا يناقش تفعيل مبادرة "بداية" لتعزيز التنمية البشرية وتمكين المرأة    الانقلاب يدعم المقاومة الفلسطينية بتجديد حبس 153 شاباً بتظاهرات نصرة غزة ً وحبس مخفياً قسراً    حقيقة مقتل النائب أمين شري في الغارة الإسرائيلية على بيروت    حرب أكتوبر.. اكتئاب قائد المظلات الإسرائيلي بعد فقد جنوده أمام كتيبة «16 مشاة»    وكالة مرموش تكشف تطورات مستقبله مع فرانكفورت بعد وصول عروض مغرية    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    رئيس مياه دمياط يؤكد ضرورة تطبيق أفضل نظم التشغيل بالمحطات لتقديم خدمة متميزة للمواطنين    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    عبد العزيز مخيون يكشف تفاصيل مشاركته في الجزء الثاني من مسلسل جودر    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 3 أكتوبر.. «ثق بغرائزك واتبع مشاعرك الصادقة»    حظك اليوم| برج الميزان الخميس 3 أكتوبر.. «فرصة لإعادة تقييم أهدافك وطموحاتك»    حظك اليوم| برج الأسد 3 أكتوبر.. «يوما مليئ بالإنجاز والفرح»    نشرة التوك شو| الزراعة تتصدى لارتفاع أسعار البيض والبطاطس.. وتأثر النفط والذهب بالضربات الإيرانية    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    حدث ليلا| حقيقة زلزال المعادي.. وحقوق المنوفية توضح تفاصيل واقعة سب أستاذ للطلاب بألفاظ نابية    قتلت زوجها بمساعدة شقيقه.. الجنايات تستكمل محاكمة "شيطانة الصف" اليوم    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    ضبط 400 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    ضبط بدال تمويني تصرف فى كمية من الزيت المدعم بكفر الشيخ    ضبط تشكيل عصابي بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بطوخ بالقليوبية    دمياط.. انطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية بداية بقرية شرمساح    «احذر خطر الحريق».. خطأ شائع عند استخدام «الإير فراير» (تعرف عليه)    زوجة دياب تمازحه بال«وزة» ..وتعلق :«حققت امنيتي»    انتى لستِ أمه.. 4 نوعيات من النساء ينفر منهن الرجال (تعرفي عليهن)    عمرو موسي والسفير العراقي بالقاهرة يبحثان القضايا العربية على الساحة الدولية    ضبط 3 أطنان لحوم حواوشي غير مطابقة للمواصفات في ثلاجة بدون ترخيص بالقليوبية    اغتيال صهر حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على دمشق    أستون فيلا ينتزع فوزا صعبا من بايرن ميونخ في دوري الأبطال    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توقعي لمباراة هي أصلا خارج التوقعات‏
بقلم : إبراهيم حجازي
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 01 - 2010

في الرياضة أحداث يمكن توقع سير مجرياتها وشكل نتيجتها وأحداث أخري يصعب جدا التعرف علي ملامحها‏...‏ ولقاءات كرة القدم بين مصر والجزائر تدخل ضمن الأحداث التي يصعب التعرف علي ملامحها ونتائجها نتيجة حساسيات وأخطاء وسلوكيات خلقت تراكمات خطايا لا علاقة للرياضة بها وباتت الأصل والأساس وماعداها فروع وهوامش وعندما يكون الغضب والانفعال وخبرات الخطأ وخطايا الخبرات هي المتحكم في هذه اللقاءات فلا مجال لأي قراءة صحيحة لما سيحدث أو توقع بما سيكون‏...‏ هذه الإشكالية قائمة من زمن وبسببها ظلت مباريات المنتخبين المصري والجزائري معا خارج كل التكهنات وأذكر هنا مباراة أقيمت في مصر وقت كان منتخب الجزائر يضم في صفوفه أفضل أجيال الكرة الجزائرية ووفقا لأي حسابات عملية مستحيل أن تنتهي المباراة إلي النتيجة التي انتهت إليها‏!‏ منتخب مصر فاز بخمسة أهداف مع الرأفة مقابل هدفين‏..‏ وعندما نبحث عن السبب الذي يجعل حدثا خارج التوقعات نجده في الرواسب والتراكمات والحساسيات التي أصبحت هي المتحكم في مجريات الأمور والنتائج‏!.‏
الذي أقوله واقع يصعب تجاهله ومستحيل إنكاره وأجده يفرض نفسه علي مباراة المنتخبين المصري والجزائري في الدور قبل النهائي لكأس الأمم من لحظة تأهل كلا المنتخبين لهذا الدور ولقائهما أمس الخميس والذي بدأ في التاسعة والنصف من مساء الأمس أي بعد صدور الطبعة الأولي لكل الصحف لا الأهرام وحدها بما يوضح أن هذه السطور كتبتها قبل أن تبدأ المباراة التي هي حدث مختلف وليس مثل أي حدث رياضي‏..‏ لأنها من سنين تعيش في عباءة تعصب غريب وحساسية مرضية والذي زاد عليها مؤخرا أنها استخدمت في لعبة السياسة‏!.‏
قناعتي أن المنتخب المصري بإمكانات لاعبيه وخبراتهم ونتائجهم‏..‏ قادر علي التأهل للنهائي بل والحفاظ علي لقب يحمله من أربع سنوات‏..‏ قادر علي هذا فيما لو أنه تعامل مع هذه المواجهة علي أنها المباراة الخامسة في بطولته المفضلة والتي تؤهله إلي المباراة السادسة والنهائية في البطولة‏!.‏
ننسي أن المنافس منتخب الجزائر وننسي الحساسيات ولا نكون رد فعل لاستفزازات وهذه النقطة نجح المنتخب المصري بامتياز فيها في مباراته الرابعة مع منتخب الكاميرون المصنف الأول أفريقيا والمليء بالنجوم الذين يلعبون في أكبر أندية أوروبا‏..‏ والمباراة كانت بالغة الحساسية عند نجوم الكاميرون الذين استفزوا نجوم مصر بمختلف الطرق ومن قبل أن تبدأ المباراة بتصريحات متعجرفة مستفزة وخلال المباراة بأشياء كثيرة‏..‏ كلها فشلت لأن منتخب مصر لم يستدرج للاستفزاز لأن تركيزه في المباراة وعلي النتيجة ولم يضع نفسه رد فعل للمنافس بل فرض نفسه وأجبر المنافس علي الانصياع لأسلوبه ويكون رد فعل لأفعاله‏..‏ والمحصلة أنه انتصر بثلاثة أهداف مقابل هدف وله فرص أكبر كانت تضاعف النتيجة والمنافس لم يتح له منتخب مصر فرصة صنع فرصة تهديف‏..‏ وما كان هذا يحدث إلا بالتركيز الهائل في المباراة ولا شيء إلا المباراة وعدم الاستدراج لأي استفزازات أو التأثر بأي سوابق نتائج‏!.‏ المنتخب المصري لم يركن إلي سوابق انتصاراته علي منتخب الكاميرون وعمل ألف حساب لمنتخب الكاميرون ولعب بالخطة التي تحول دون أن يصل مهاجم من الكاميرون إلي المرمي المصري‏!.‏ نجح منتخب مصر لأنه لم يعتمد علي السوابق ولم ينجر إلي استفزاز وقبل هذا وذاك دخل المباراة باعتبارها رقم أربعة في البطولة ولابد من الفوز بها مع كل الاحترام والتقدير للمنافس‏!.‏
أعلم أن الضغوط نفسها فرضت نفسها علي المنتخب من لحظة انتهاء مباراة الكاميرون مساء الاثنين وحتي مباراة الخميس مع الجزائر‏!.‏ نفس السيناريو ونفس الكلام ونفس التحركات من الجانب الآخر‏..‏ والكلام موجود علي الإنترنت وليس اختلاقا من عندي‏!.‏ في المقابل نفس الردود ونفس الصمت ونفس التصرفات من الجانب المصري‏..‏ وتكرار الأحداث بنفس الملامح والذاكرة لم تنس بعد ما حدث في‏18‏ نوفمبر‏..‏ هذا التكرار يشتت أي تركيز‏..‏ ومع هذا‏!.‏
المنتخب المصري لو جعلها المباراة الخامسة ولا شيء سواها‏..‏ يصل بإذن الله إلي السادسة‏..‏
هذا توقعي لمباراة هي أصلا خارج أي توقعات‏!‏
‏.......................................................‏
‏**‏ عملية الإغارة علي لسان بورتوفيق يوم‏9‏ يوليو والتي تحدثت عنها الأسبوع الماضي والذي قبله‏..‏ توقفت أمامها لأنها في الواقع غير مسبوقة وهذا واقع تجاهله خبراء العسكرية في العالم لأن هذه المعركة لم تكن مجرد عملية عسكرية إنما هي نموذج جديد فريد جريء غير مسبوق في عمليات الإغارة المتعارف عليها في العلوم العسكرية‏!.‏ لماذا؟‏.‏
لأن مثل هذه العمليات الخاصة أساسها المفاجأة‏..‏ مفاجأة العدو لتكبيده أكبر خسائر في أقل وقت بأقل خسائر للقوة المهاجمة‏..‏ لذلك تجري ليلا وتتم في صمت بلا تحضيرات مدفعية أو دبابات وبدون استخدام لمواصلات تنبه العدو‏..‏ وهذا كله لم يحدث في عملية لسان بورتوفيق التي تمت نهارا وسبقها ضرب مدفعية واستخدمت فيها قوارب مزدوة بموتورات ضجيجها مسموع‏..‏ وليس سرا القول إن الخبير الروسي المرافق لقائد الجيش الثالث اعترض شكلا وموضوعا علي قرار العملية عند عرضه علي قائد الجيش الثالث ووصفه بأنه عملية انتحار للقوة المهاجمة التي لن يبقي منها رجل واحد علي قيد الحياة بما يعني أن ال‏140‏ مقاتلا مصريا لن يبقي منهم واحد علي قيد الحياة‏!.‏ المهم أن قائد الجيش الثالث وافق علي القيام بالعملية كما رأتها قيادة الصاعقة وتمت ونجحت بإبهار وخسائر العدو كما أعلن هو‏43‏ قتيلا وجريحا وجوز أسري وهو أعلن أنهم‏43‏ ما بين قتيل وجريح والحقيقة أن ال‏43‏ قتلوا وهم يعرفون يقينا هذا مثلما نعرف نحن تماما ذلك دون الدخول في تفاصيل‏!.‏
الهجوم نهارا لا ليلا وصخبا لا صمتا‏..‏ فكرة النقيب أحمد شوقي الحفني قائد الكتيبة‏43‏ صاعقة التي شرفت بإسناد هذه العملية لها وما إن بدأ استطلاع النقطة القوية والطرق المؤدية لها وجدوها لسانا من اليابس شبه جزيرة يطل جنوبا علي خليج السويس وغربا علي القناة وشرقا علي البركة المسحورة وهي مساحة هائلة مغمورة بالمياه الجوفية ويستحيل السير فيها وهذا اللسان البري مرتبط باليابس شمالا بسيناء‏...‏
قائد كتيبة الصاعقة بعد الانتهاء من عمليات الاستطلاع ليس أمامه إلا الهجوم علي الموقع من الغرب وأمامه قناة السويس وبعد اجتيازها عليه المرور من رصيف مليء بشبكة مواسير وشبكة أسلاك شائكة وهذه مسألة القيام بها ليلا غاية في الصعوبة ولابد أن تتم نهارا‏..‏ ومن هناك كانت فكرة تنفيذ الإغارة نهارا ومادامت ستكون في النهار فإن عنصر المفاجأة لا وجود له‏!.‏
طيب‏..‏ كيف نهاجم نهارا موقعا حصينا؟‏.‏ مسألة مستحيلة وهلاك محقق لأن الذي يهاجم يكون في وضع حركة ولا شيء يحتمي فيه من نيران عدو متمركز في موقع دفاعي محصن بنقاط نيران في دشم تغطي كل شبر أرض في مواجهتها‏!.‏
الحل يحتاج إلي شجاعة فائقة وقلوب لم تسمع يوما عن خوف‏..‏ يحتاج إلي رجال يحملون أرواحهم علي أيديهم عن عقيدة يؤمنون بها‏..‏ يحتاج إلي فكر وتدبير وخداع‏..‏ يحتاج إلي خير أجناد الأرض‏..‏ يحتاج إلي من لا يعرفون المستحيل ولا أحد غيرهم المصريين‏...‏
إذن الغارة الصامتة ليلا مستحيلة مع هذه النقطة القوية المحاطة بالمياه من ثلاث جهات والمتصلة بسيناء من الجهة الرابعة‏(‏ الشمال‏)‏ والإغارة ليلا مستحيلة لأن خليج السويس جنوبا والبركة المسحورة شرقا وسيناء شمالا‏..‏ هي ثلاث جهات صعب جدا جدا عمليات الإغارة منها والمتبقي قناة السويس غربا‏,‏ وبعد اجتياز مياهها هناك رصيف كله أسلاك شائكة ومواسير ممتدة في كل اتجاه ومستحيل المرور منها ليلا بدون إضاءة وبهذا لابد أن تكون الإغارة في الضوء وهذا ما جعل رجال الصاعقة يجعلونها غارة صاخبة لا عنصر مفاجأة فيها وهذا خطر‏..‏ ما لم يكن هناك مكر وخداع ودهاء‏..‏ وهذا ما حدث‏!.‏
اخترعوا نظرية توقيع الجزاء الجماعي علي النقاط القوية في بارليف الواقعة في مواجهة الجيش الثالث‏..‏ وذلك بتحضيرات مدفعية يوميا عليها خلال فترة زمنية معينة وأظنها كانت من الرابعة حتي الخامسة بعد الظهر يوميا‏!.‏ كل النقاط القوية تنضرب بالمدفعية في وقت واحد ويوميا والضرب لا يعقبه شيء وهذا ما أوقع العدو في حيرة تم تفسيرها من وجهة نظرهم بعد كام يوم‏..‏ علي أنها عمليات قصف يقوم بها المصريون لرفع روحهم المعنوية ظنا منهم أن لدوي المدافع علاقة بالروح المعنوية‏!.‏
الصهاينة قناعتهم أن المصريين يائسون والدليل ذاك القصف المدفعي الذي لا طائل منه‏..‏ بينما الوضع مختلف جذريا غرب القناة وكل حركة بل كل همسة لها هدف‏..‏ وبعدما تأكد رجال الصاعقة من أن قصف المدفعية يجبر العدو علي الدخول في الملاجئ وهذا معناه أنه بالإمكان إجبار العدو علي البقاء في الملاجئ إلي أن تعبر القوارب ال‏14‏ القناة وتصل إلي جهة الشرق وبهذا ضمنا عدم تعرض القوة لأي قصف عليها وهي في المياه والعدو لم يقصف لأنه في الملاجئ وهو في الملاجئ لأن المدفعية المصرية تضرب عليه من الغرب من مسافة ثلاثة وأربعة كيلومترات والمدفعية ستوقف الضرب بمجرد عبور القوة للقناة‏..‏ وتوقف المدفعية يعني خروج العدو من ملاجئه ونحن لا نريد خروجه الآن لأن قوة الإغارة بعد اجتياز القناة أمامها فتح ثغرات في حقول الألغام بالساتر الترابي وبعدها ستهاجم النقطة القوية ولابد أن يتم هذا قبل خروج العدو من ملاجئه‏!.‏ طيب كيف؟‏.‏
المصريون فكروا في المدافع ذاتية الحركة‏..‏ وهي مدافع علي شاسيهات دبابات وتتحرك في أي مكان وتوفر المناورة والضرب المباشر‏..‏ وهنا جاء دور المدافع ذاتية الحركة التي تبدأ قصف العدو بمجرد وصول القوة للشاطئ الآخر وبعد توقف ضرب المدفعية غير المباشر‏..‏ وبذلك بقي العدو في الملاجئ وتوفرت لقوة الإغارة فرصة العمل بدون تدخل للعدو الذي فوجئ بأن المصريين فوق رأسه ويركبون النقطة القوية في عز النهار‏!‏
النقيب أحمد شوقي قائد الكتيبة‏43‏ صاعقة مع رجاله الذين اختيروا لعملية الإغارة يتدربون في موقع هيكلي بدون ذخيرة وبعد التأكد من إتقان كل مقاتل لمهمته في الوقت المحدد والمكان المستهدف أعطي تمام الاستعداد للمقدم صالح فضل قائد مجموعة الصاعقة الذي يتابع ويراجع ويصحح كل الخطوات‏..‏ ليبدأ التدريب علي الإغارة بالذخيرة الحية بداية من فتح ثغرات الألغام ونهاية بتدمير ملاجئ العدو ومخازن ذخيرته ومعداته وآلياته‏,‏ وأجريت بروفة نهائية حضرها قائد الجيش وبعد انتهائها صدر قرار تنفيذ مهمة تأديب أقوي نقطة قوية في خط بارليف بغرض تدميرها وإلحاق أكبر خسائر بها وهو ما حدث يوم‏9‏ يوليو‏1969‏ قبل آخر ضوء عندما قام‏140‏ مقاتلا من الصاعقة بعملية إغارة صاخبة واضحة معلنة انتهت باحتلال النقطة القوية لمدة تقترب من الساعة وتدمير خمس دبابات وقتل‏43‏ من العدو والعودة بجوز أسري وإنزال العلم الإسرائيلي من فوق الموقع ورفع العلم المصري والعودة بوثائق وأسلحة خفيفة‏...‏
وأتوقف هنا لألقي الضوء علي مجموعة من مجموعات الإغارة وهي جماعة الصاعقة التي قادها المساعد حسني سلامة والذي أشرت إليه من قبل في عبارة سريعة بأنه أسطورة شجاعة‏..‏ أتوقف اليوم لأحكي بالتفصيل المهمة التي كانت موكلة إليه وكيفية تنفيذه هو ورجاله لها‏...‏
مجموعة القطع اليميني بقيادة المساعد حسني سلامة مهمتها جنوب النقطة القوية المطلة علي خليج السويس وفيها دشمة مدفع‏155‏ مم ذاتي الحركة ودشمة رشاش نصف بوصة والعدو يتباهي بالمدفع ذاتي الحركة الذي يطلق الصهاينة عليه لقب قناص الاقتصاد المصري لأنه يضرب أي باخرة تحاول الاقتراب ودخول الميناء‏..‏ أما الرشاش نصف البوصة فهو مصدر إزعاج لا يتوقف‏...‏
المهمة الخاصة بمجموعة حسني سلامة تدمير المدفع والرشاش وتأمين قوة الإغارة من أي محاولة تدخل من جهة الخليج إلي أن تنتهي العملية كلها لتكون هذه المجموعة هي آخر من يترك النقطة القوية وآخر قارب يغادر الشرق في طريق العودة للغرب‏..‏ ماذا حدث؟‏.‏
بعد وصول قارب هذه المجموعة إلي الشرق‏..‏ بدأ العمل بفتح حقل ألغام بواسطة البنجالور وهي ماسورة مليئة بالمتفجرات ويتم تفجيرها بطريقة معينة والمتفجرات تفجر أي ألغام وتفتح الثغرة المطلوبة وفق وضع التفجير‏..‏ المهم أن المساعد حسني سلامة ومقاتليه فتحوا الثغرة واتجهوا إلي هدفهم وهو أقصي جنوب النقطة القوية حيث المدفع الذاتي الحركة المتباهي بنفسه والذي كان ضاربه قد وصل إليه وأطلق علي الرجال طلقة واحدة ولم تخرج الثانية لأن قذيفة‏R.B.J‏ عاجلته وبعدها قنبلتان من القنابل المضادة للدبابات وانفجرت الدشمة بمدفعها بالضارب الصهيوني وزيادة في التأكيد تم التعامل معها بقاذفات اللهب لزيادة الاطمئنان علي عدم وجود أحياء والدشمة التي تدمرت انحرقت كمان‏..‏ والذي حدث للمدفع الفتوة ذاتي الحركة تم مع الرشاش نصف البوصة الخفيف‏..‏ انضرب وتدمر وانحرقت دشمته‏!.‏
المجموعة أنجزت مهمتها وأجهزت علي أطقم المدفع والرشاش والمنطقة مؤمنة تماما والقوة انتقلت لوضع التعامل مع أي قوات للعدو قادمة من الخليج‏...‏
المساعد حسني سلامة عنده مهمة أخري في رأسه وهي علم العدو الذي يرفرف علي صاري عال يراه كل من في السويس‏...‏
الصاري المرفوع عليه العلم ربما تكون المنطقة المحيطة به ملغمة‏..‏ لهذا لجأ حسني سلامة إلي حيلة للوصول إلي العلم دون أن يدخل المنطقة‏!.‏ حبل طويل في نهايته زاوية حديد ثقيلة وقام بقذفها تجاه أعلي الصاري فالتف الحبل بسبب تقل الزاوية الجديد‏..‏ التف حول أعلي الصاري المصنوع من الخشب الزان وتم جذبه ليسقط ومعه العلم وينزعه حسني سلامة المتبقي عليه أن يرفع علم مصر علي النقطة القوية والاختيار محدد من مدة‏...‏
إنها الماسورة التي تعتلي صهريج المياه المعدني المرتفع عن الأرض‏20‏ مترا‏..‏ بسرعة صعد حسني سلامة واعتلي الصهريج وأدخل حرف العلم المصري في الماسورة لتبدأ رفرفته قبل السادسة من بعد ظهر يوم‏9‏ وليستمر مكانه عاليا مرفرفا لمدة ثلاثة أيام لأن الكتيبة‏90‏ مظلات المتمركزة في بورتوفيق تضرب أي محاولة اقتراب صهيوني من صهريج المياه‏..‏ وفي اليوم الرابع نسف العدو صهريج المياه كله لأجل إنزال العلم المصري‏...‏
هذا ما حدث من مجموعة صاعقة تضم‏10‏ مقاتلين ويقودها مساعد‏..‏ فما بالنا بما أحدثته بقية المجموعات التسع في أقوي نقطة قوية بخط بارليف القوي‏!.‏
بعد عملية لسان بورتوفيق‏..‏ عادت فصائل الصاعقة الأربع إلي مقر الكتيبة‏43‏ صاعقة في بير عديب حيث مكان تمركزها‏.‏ أما مهامها القتالية المكلفة بها مع كتائب الصاعقة الأخري‏..‏ فكلها داخل سيناء وكلها تستهدف العدو الذي اكتشف أن نهاره ليل وليله نهار وأن الأرض التي احتلها لم تحمه من الموت بل جاءت له بالموت الذي أصبح ينتظره في أي لحظة وبأي مكان‏...‏
يبدو أن عملية لسان بورتوفيق فتحت شهية الكتيبة‏43‏ صاعقة‏...‏
بعد ثلاثة أشهر تقريبا من أغرب وأجرأ إغارة علي أقوي نقطة قوية‏..‏ تم أجرأ وأشجع كمين للعدو‏...‏
كمين وسط قواته وفي وضح النهار والشمس في وسط السماء والطريق الآمن المؤمن انشقت الأرض عنه وخرجت من بطنها مجموعة صاعقة بقيادة الملازم أول معتز الشرقاوي أحد أبطال لسان بورتوفيق واعترضوا سيارة للعدو ونسفوها وقتلوا الرتبة الكبيرة ومرافقيها وعادوا جميعا بدون خدش إلي غرب القناة‏...‏ وكل ذلك نهارا جهارا والشمس في منتصف السماء وقوات العدو الصهيوني في كل مكان‏!.‏
كيف حدث هذا؟‏.‏ هذا ما سنعرفه الأسبوع المقبل بإذن الله‏.‏
تحية إلي جيش مصر في الأمس واليوم وكل يوم‏...‏
تعيشي يا مصر‏..‏ يا حبيبتي يا مصر‏...‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.