ليس من قبيل المبالغة القول إن الاحباط كان هو العنوان الأنسب لما آلت إليه نتائج الانتخابات الاخيرة لمجلس الشعب والتي اتفق المحللون علي كونها الأهم والأخطر والاكبر في تاريخ مصر. يري محللون كثر ان مرجع هذا الاحباط يكمن في أربعة أسباب رئيسية ألا وهي. تدني نسبة مشاركة الناخبين إذ لم تزد هذه النسبة علي35% من اجمالي عدد الناخبين, وهو عزوف صار ظاهرة تواكب كل الانتخابات السياسية علي نقيض مايحدث في انتخابات النقابات والأندية, ان هذا العزوف يشي بلا مراء بأن رجل الشارع قد فقد حماسه ازاء الانتخابات وآثر النأي بنفسه عن الانتخابات مقتنعا بتزويرها وأن النتائج معروفة سلفا.. هكذا علمته تجربته الطويلة والمريرة مع الانتخابات. استخدام سلاح البلطجة والمال السياسي بشكل فج تجاوز كل الحدود, ومن أسف فلقد استخدم الجميع هذا السلاح جهارا نهارا وعلي رؤوس الاشهاد, وهي ظاهرة جد خطيرة لانها تعني باختصار الترغيب والترهيب في آن واحد..ترغيب من هو علي استعداد تحت وطأة الحاجة وشظف العيش لبيع صوته لمن يدفع وترهيب كل شريف فلا يجد مناصا إلا العزوف عن المشاركة في الانتخابات درءا لرذاذ العنف وتجنبا لممارسات البلطجة. حدوث تجاوزات( بغض النظر عن حجمها الحقيقي) تم رصدها بالصوت والصورة جري فيها تزوير وتسويد البطاقات وتقفيل الصناديق بصورة تسيء إلي مصر للأسف ولاسيما أن هناك دولا أقل شأنا من مصر من منظور التاريخ وواقع الجغرافيا قد أجرت انتخابات شهد العالم بنزاهتها. عدم توفيق أحزاب المعارضة التي شاركت في الانتخابات( تسعة عشر حزبا) وكذا المستقلون في احراز عدد من المقاعد يتواءم والحجم الفعلي لهذه القوي في الشارع المصري, ولقد حدا هذا بحزبي الوفد والناصري إلي الانسحاب من الانتخابات في جولة الاعادة. هذه هي أعراض الداء, ونزعم أن البحث عن دواء لايحتاج إلي مزيد من الجهد ولكنه يقينا يحتاج إلي توفير ارادة الشفاء, ودعنا نجتهد مع من اجتهدوا في وصف الدواء الناجع والذي يجب أن يتركب من العناصر التالية: أولا: تنقية الجداول الانتخابية من أسماء الذين توفاهم الله أو أولئك الذين هاجروا إلي بلاد الله الواسعة, مع ضرورة اجراء الانتخابات من ألفها إلي يائها بشفافية تامة وحيدة كاملة وتحت الاشراف القضائي المباشر والشامل حتي نستعيد ثقة الناس بمنظومة الانتخابات برمتها. ثانيا: تطبيق حاسم وفوري للقانون وعلي الجميع وبلا استثناء, فلابد من شطب اسم أي مرشح فورا حال ثبوت قيامه وأعوانه بشراء الأصوات أو ممارسة أعمال العنف والبلطجة. ثالثا: الأخذ بنظام القائمة النسبية في الترشيح عوضا عن النظام الفردي المطبق حاليا والذي ثبتت بما لايدع مجالا للشك مثالبه في مجتمع تلعب فيه العصبية والعائلات والنعرات دورا لايمكن انكاره, ان نظام القائمة النسبية سيكون تصويتا علي برنامج عمل أكثر من كونه تصويتا علي اسم مرشح بعينه قد يتم انتخابه لدوافع كثيرة ليس من بينها الكفاءة والاهلية لتمثيل الناس والتعبير عن آمالهم وآلامهم. رابعا: دعم اللجنة العليا للانتخابات سواء بالامكانات المادية أو البشرية مع اعطائها كل الصلاحيات التي تضمن للانتخابات نزاهتها الكاملة, وهو ما سينعكس ايجابا بالتأكيد علي حسن اختيار الناخبين للمرشحين الذين يمثلونهم بعيدا عن المزايدات والمناورات وأساليب الترغيب والترهيب واطلاق الشعارات الرنانة التي لاتسمن ولاتغني من جوع. د. محمد محمود يوسف أستاذ بزراعة الاسكندرية