قسوة أبي جعلتني مجرما بينما كان الوالد مهموما بالحفاظ علي مستقبل نجله وتأمين مستقبله ومنعه من الانخراط مع أصدقاء السوء, اعتبر الابن ان والده يقف في طريقه ويمنعه من متعة الحياة التي وجدها مع أصدقائه, وبين شعور الابن بالضعف وقلة الحيلة ظل ينسج خيوطا للتخلص من والده بأي شكل حتي هداه الشيطان الي أن يدس السم لوالده في الطعام دون ان يدري انه سوف يقتل امه وشقيقته بالاضافة الي ابيه ويخسر في لحظة غاب فيها عقله كل شيء. الجريمة التي ارتكبها محمد عبدالجواد ابن التسعة عشر عاما جديرة بالتوقف أمامها ودراستها ومناقشة مرتكبها عن دوافعه وشعوره قبل وأثناء وبعد ارتكابها.. ويفتتح محمد قلبه للاهرام ويقول.. أنا انسان وشاب مثل الآلاف من الشباب كانت لدي طموحات بأن اتفوق في الدراسة وكنت أجد متعتي في الوجود مع أصدقائي الذين كانوا يسيطرون علي معظم وقتي وتفكيري فوجدت نفسي انحاز اليهم وكان ذلك يسبب لوما وعتابا مستمرا من والدي لدرجة العنف والقسوة التي كانت تفقدني شخصيتي وكنت اشعر دائما انني مازلت صغيرا وبدون شخصية خاصة امام أسرتي في الوقت الذي يراني المجتمع واصدقائي كبيرا أمامهم ومع زيادة قسوة والدي ومحاولته حصاري في المنزل ازدادت رغبتي في الارتباط باصدقائي والبحث عن أية طريق للوجود معهم فشعرت بالضعف وعدم الحيلة ودارت في رأسي أفكار للخروج من السجن الذي كنت اعيش فيه ومنها التخلص من والدي بأي شكل إلي ان اهتديت الي دس السم له في الطعام. وليلة ارتكاب الجريمة تسللت الي صيدلية قريبة من المسكن وطلبت مبيدا حشريا واخفيته بعيدا عن اعين امي وشقيقتي وسنحت لي الفرصة عندما قام والدي بشراء سمك وبعد انتهاء والدتي من اعداد الغذاء غافلت الجميع ووضعت المبيد في الطعام ظنا مني ان الذي سوف يأكل الوجبة هو والدي وليس امي وأختي اللتان احبهما حبا شديدا. ويضيف علي الرغم من انني كنت انوي التخلص من والدي إلا انني في داخلي كنت اتمني ألا يموت علي يدي وان أكون انا السبب إلا أنني شعرت بثلاث طعنات متتالية عندما تناول السم والوجبة أبي وأمي واختي. مشيرا الي انه خلال ارتكاب الجريمة قام باعداد الاطباق ووضع الأطعمة مع والدته انتظارا لقدوم الأب يتناول السم بالسمك.. وفي تلك اللحظات استأذنت من امي لكي اذهب الي الكلية وبالفعل اثبت حضوري بين زملائي ثم عدت الي المنزل لاجده ثكنة بوليسية ووجود الادلة الجنائية وأجد الخنجر الذي طعن قلبي وراح معه عقلي وماتت أمي واختي بجوار جثة أبي. ويضيف محمد عبدالجواد للأهرام الدنيا انتهت عندي عند هذا المشهد حيث انني لست محترف الاجرام ولكني ضحية قسوة الأب وعدم وجود شخص في البيت يسمع شكواي فشعرت انني غريب وان والدي هو العائق امام حريتي وانفتاحي علي المجتمع. وقال بعد ارتكاب الجريمة انا نادم علي ارتكابها وآسف لأمي واختي اللتين لم يكونا الهدف ولكنهما ضحية مثلي. وبعد ان قمت بارتكاب الجريمة مر نحو ستة أشهر دون أن يتعرض لي أحد وأنا أعيش اسوأ أيام حياتي وأشدها قسوة تفوق قسوة والدي والتي تمنيتها في أي لحظة بعد رحيل اسرتي وبعد ان فقدت الملاذ والملجأ الذي اعود اليه. وينصح محمد الشباب بالتمسك بالدفء الاسري وعدم البحث عن الحرية خارج المنزل التي كما يقول وجدتها سرابا بعيدا عن امي واختي وحتي ابي الذي كان يقسو علي وبشدة ويتساءل من جديد هل انا في حلم أم كابوس أطاح بمستقبلي وحياة أسرتي. اللواء الدكتور زكريا عبدالعزيز استاذ علم النفس يقول ان هذه الجريمة لم يكن الابن هو المجرم الوحيد فيها بل ان الابحاث العلمية في علم النفس اثبتت ان القسوة علي الابناء من الاباء من الاشياء التي تؤدي الي العنف المضاد مشيرا الي ان ابسط الأمور في المثل الشعبي الدارج اذا كبر ابنك خاويه أي اجعله اخيك وصديقا لك وقال ان حرمان الابن من الاصدقاء يشعره بالضعف مع الوضع في الاعتبار ضرورة مناقشة الابن عن افراد الشلة وتقييم كل منهم علي حدة, مشيرا إلي ان المناخ الاسري يجب ألا يكون مشحونا بالتوتر ومجرد سجن للابناء. يقول الدكتور زكريا عبدالعزيز ان جريمة انتقام الابن كانت مؤقتة حيث انه ليس من ارباب السوابق والمسجلين في الاجرام ولكنه اتجه إلي السلوك نتيجة الضغط النفسي والعصبي وعقاب الاب له باستمرار.