عندما تعلن مصر عن اعدادها لخطة قومية لمكافحة الاتجار في البشر.. فهذا يعني أن هناك شواهد أثبتت أن مصر ليست بمنأي عن هذه الظاهرة العالمية.. حيث تؤكد منظمة العمل الدولية أنه يتم استخدام2.5 مليون شخص( غالبيتهم من النساء و الأطفال) في الاتجار بهم عبر الحدود في شتي أنحاء العالم بأرباح قيمتها28 مليار دولار سنويا و الدول في هذه القضية إما دول مصدره أو معبر أو موئل والمفاجأة أن مصر صنفت عالميا بأنها دولة معبر. القضية تعنينا ولذلك أصدر الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء قرارا بتشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الاتجار بالبشر منذ منتصف يوليو2007 وقامت هذه اللجنة بخطوات عديدة كان آخرها اعداد الخطة القومية. كان لابد من الحوار مع المسئول الأول عن هذا الملف في مصر وهي السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الاتجار في البشر حيث تنفرد الأهرام بنشر تفاصيل الخطة القومية وبنود عملها والتي ستشرع مصر في تنفيذها لمدة عامين بداية من يناير2011. قبل التطرق إلي تفاصيل الخطة القومية كان لابد أن نطرح أبعاد المشكلة لمعرفة حجم ودور مصر في هذه القضية العالمية فبدأت حواري مع السفيرة نائلة جبر بالسؤال الأتي: * لماذا لجنة وطنية تكافح الاتجار بالبشر؟ { هو جهد استباقي لأننا نعيش في عالم مفتوح الحدود والفضاء والجريمة أصبحت نتيجة لهذا الاتساع مثل الميكروب سريعة الانتشار وعابرة للحدود وأصبح أي فكر اجرامي منظم يمكن أن يحدث علي المستوي الوطني أوخارجه ومصر تصنف في قضية الاتجار في البشر كدولة معبر وبداية اكتشافنا للجريمة كانت منذ ثلاث سنوات من خلال مائة سيدة من عدة دول أوروبية دخلن إلي مصر بتأشيرة سياحية وانتقلن عبر حدودنا إلي دول أخري لممارسة أعمال أخلاقية وكانت هذه هي البداية ومن منطلق هذا الوعي بنوعية هذه الجرائم كان لابد من أن يتم تنسيق الجهود الداخلية من خلال لجنة وطنية تجمع أطرافا عديدة(16 جهة) تضم عدة وزارات تنفيذية والمجالس القومية المعنية مثل المرأة وحقوق الانسان وكذلك المجتمع المدني للوقوف علي برنامج عمل محدد وملزم. * شكلت اللجنة الوطنية منذ ثلاث سنوات فهل هذه المدة كانت كافية لاعداد خطة قومية لمكافحة الاتجار بالبشر؟ { الخطة القومية تعد خطوة متقدمة سبقتها أدوار مهمة للجنة التنسيقية فمنذ بداية عمل اللجنة حرصنا علي وضع الأساس العلمي السليم المتكامل للتعامل مع هذه الظاهرة الإجرامية من خلال التحرك علي ثلاثة مسارات متوازية الأول وهوالتشريعي وبالفعل تم اصدار القانون64لسنة2010 الخاص بمكافحة الاتجار في البشر وذلك بناء علي لجنة صياغة لاعداد القانون قامت بها اللجنة الوطنية بعد دراسات مقارنة للقوانين والتشريعات الأخري للدول وأفضل التشريعات الدولية حتي نأخذ أفضل النصوص المتسقة مع احتياجاتنا المجتمعية والقيم والتشريعات الوطنية وعلي رأسها الدستور المصري, وتكمل السفيرة: ثم كان المسار الثاني وهو اعداد قاعدة بيانات للوقوف علي حجم الظاهرة وصورها في المجتمع المصري من خلال دراسة قام باعدادها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ويأتي المسار الثالث وهوالتوعية الاعلامية بالقضية وكذلك المجتمع المدني للتعريف بالقانون وطرق حماية الأفراد وبالتالي فالخطة القومية هي نتاج المسارات التي تمت بالفعل. * إذن ما هي أهداف الخطة القومية لمكافحة الاتجار بالبشر؟ { الأهداف محددة في مكافحة ومنع الاتجار بالبشر وحماية المجتمع وحماية ومساعدة ضحايا الاتجار بالبشر وضمان توقيع العقاب الصارم والملائم علي مرتكبي جريمة الاتجار بالبشر الذي أقره القانون المصري الذي صدر في ابريل الماضي ووافق رئيس مجلس الوزراء علي لائحته التنفيذية وكذلك تعزيز وتسهيل التعاون والتنسيق علي المستويين الوطني والإقليمي والدولي لتحقيق كل ما سبق من تلك الأهداف. علي ذكر حماية ومساعدة الضحايا حملت أوراق دراسة المركز القومي للبحوث نسبة40% من الحكومات عليهن في جرائم ممارسة الدعارة تم تجنيدهن بالاكراه وهذا عدد كبير من ضحايا الاتجار.. فمن خلال الخطة الوطنية كيف سيتم تأهيل هؤلاء السيدات وحمايتهن فيما بعد الخطة تهدف الي التنفيذ الفعال للقانون المصري والنص القانوني يلزم الحكومة بحماية وتأهيل الضحية( بالغين وأطفالا) والحفاظ علي خصوصيتها سواء كما نص القانون أنه تم التعامل معها بقصد الاستغلال في أعمال الدعارة أوالسخرة أوالخدمة قسرا أوالممارسات الشبيهة بالرق أوالاستعباد أوالتسول أواستئصال الأعضاءالبشرية والخطة تحدد كافة أنواع الرعاية علي سبيل المثال الرعاية الصحية والاجتماعية من خلال انشاء عيادات متخصصة في تقديم العلاج الطبي والنفسي وتوفير مراكز الإيواء للضحايا هذا غير اجراءات أخري مثل انشاء العيادات القانونية لتعريف الضحايا بحقوقهم, وكذلك برنامج اعادة الادماج في المجتمع من خلال المساعدة في توفير فرص عمل بقروض ميسرة وكذلك اعادة الضحايا لأوطانهم اذا كانوا أجانب مع الأخذ في الاعتبار تحقيق أعلي مستويات الحماية والعودة بكرامة. * وهل المجتمع المدني سيكون هوحلقة الاتصال الرئيسية في التعامل مع المجتمع كأفراد لتوعيتهم وحمايتهم أم أن الخطة ستضم شركاء آخرين؟ { صدور قانون مصري لمكافحة الاتجار بالبشر هو خطوة كبيرة وانا سعيدة بها لكن الأهم هوتدريب كوادر عديدة لمساعدتهم علي تنفيذ بنود القانون مثل تدريب القضاة علي معرفة نوعية قضايا الاتجار وتدريب الاخصائيين الاجتماعيين في جمعيات المجتمع المدني لمعرفة الضحية ومساعدتها علي اعادة دمجها في المجتمع وتدريب المعلمين في المدارس من خلال دليل ارشادي عن كيفية تدريس موضوعات الاتجار وغرس مفاهيم المساواة واحترام المرأة وكذلك تدريب كوادر الشرطة والاعلاميين لتوعية المواطنين وتعريفهم بالقضية وطرق الابلاغ عن طريق الخطوط الساخنة التي تصدرها بعض الوزارات والجمعيات الأهلية فيوجد لدينا في الخطة العديد من الشركاء. * لماذا تحددت المدة الزمنية للخطة الوطنية بعامين فقط؟ { نعتبر العامين هما أفضل فترة لقياس مدي التفاعل بين الأجهزة التنفيذية والمجتمع المدني حتي يكون لدينا الفرصة في التعديل والإضافة بشكل واقعي وبناء عليه سيتم عمل خطة أكثر طموحا قد تمتد لعامين أو خمسة, كما هو موجود في بعض الدول. * في مطلع الأسبوع القادم ستبدأ فعاليات منتدي الأقصر الدولي لمكافحة الاتجار بالبشر وستحضره السيدة سوزان مبارك رئيس ومؤسس حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام.. فهل هذا المنتدي هو نوع من تواصل الجهود مع المجتمع المدني للتعريف بجهود مصر في هذا المجال؟ { السيدة الفاضلة سوزان مبارك هي أول من نبهت إلي قضية مكافحة الاتجار في البشر وأطلقت مبادرة فريدة من نوعها وهي' أوقفوا تجارة البشر الآن' من خلال المائدة المستديرة التي رأستها في أثينا عام2006 وتضمنت المبادئ الأخلاقية السبعة المناهضة لتلك الجريمة البغيضة بالتعاون مع رجال الأعمال والمنظمات الدولية وتعد حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام هي مظلة المجتمع المدني التي تضم شركاء عديدين للتوعية بين كافة فئات المجتمع ولديها برنامج مميز لتوعية الشباب ودعم فكرة التواصل والحوار بين شباب مصر ودول العالم ومنتدي الأقصر وغيره من جهود الحركه واصدار القانون واعداد خطة وطنية كلها بمثابة رسالة قوية نرسلها خارج الحدود مفادها أن لدينا أسسا قانونية ومجتمعية لمحاربة تلك الجريمة وعقوباتنا رادعة لمن يقترفها داخل مصر أوعبر حدودها.