خلال زيارته الأولي لمصر والتي تم الترتيب لها علي مدي ستة شهور واستغرقت6 ساعات فقط عقد فيها اجتماعات في غاية الأهمية.. كانت الأهرام الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي خصصت لها إدارة بي ان واي ميلون ساعة كاملة للحوار مع السيد جيمس باليرمو نائب رئيس المجموعة ناقشنا فيها كل ما يشغل بال بنوك العالم وحكوماته. والأوضاع الراهنة للإقتصاد العالمي, وتقديره لأداء الإقتصاد المصري, وغيرها من القضايا التي تمثل رسالة إعلامية واضحة لكل مديري البنوك في أكثر من100 دولة يمثلون عملاء هذا البنك العالمي الكبير الذي يدير أمولا قد تزيد علي25 تريليون دولار.. الحوار حضره طارق الرفاعي المدير الاقليمي للمجموعة في الشرق الأوسط وأفريقيا.. جيمس باليرمو نائب رئيس أكبر مؤسسة مصرفية داعمة للبنوك حول العالم يتمتع بشخصية جذابة وحضور كبير ويمثل الحوار معه عناوين قوية لكل رؤساء البنوك للإجابة عن سؤال مهم.. ماذا بعد؟ بداية ستنصب أسئلتنا عن مصر قبل الحديث عن العالم.. ما هو الهدف من زيارتكم إلي مصر وهل قمتم بأي لقاءات مع مسئولين رسميين بالحكومة أو البنك المركزي؟ .. في الواقع هذه الزيارة تعتبر أول زيارة لي في مصر, وما أردته من خلال الزيارة التي قمت بها هو اولا الاجتماع مع فريق العمل, وتسني لنا فرصة للاجتماع مع الهيئات الرقابية بالبنك المركزي وهيئة الرقابة المالية الموحدة بالإضافة إلي عدد من العملاء من القطاعين العام والخاص. بالنسبة للاقتصاد المصري هل تخططون لتنفيذ صفقات جديدة أو إطلاق خدمات جديدة؟ .. تم إنشاء أول مكتب للبنك في القاهرة في أوائل التسعينيات, فوجودنا في مصر منذ فترة طويلة. ولقد مارسنا دورا في عدد من المجالات في السوق المصرية سواء في مجال النقد أوالتداول من منطلق شهادات الايداع الدولية, وأعمال ادارة الأصول, وائتمان الشركات المرتبط بإصدار سندات الدين.. و من المجالات التي نسعي فيها للحصول علي المزيد من الفرص التجارية هي إدارة الأصول, وهي أحد المجالات التي سنركز عليها بسبب قوتنا في هذا المجال. هل هناك أي صفقات مع الحكومة المصرية لتعزيز ولجذب المزيد من الإستثمارات العالمية لمشروعات البنية الأساسية ؟ .. نحن ندعم الحكومة المصرية من خلال اثنين من إصدارات السندات أحدهما مقابل1.5 مليار دولار واخر بنحو نصف مليار دولار, و نحن سعداء بنقل خبراتنا في مجال إصدار السندات بالخارج والتعاون مع المؤسسات المصرية في هذا الأمر خاصة وأن التغيير الأخير الذي طرأ حديثا علي القانون يسمح للشركات المصرية بإصدار السندات بالخارج, ونحن نقدم خدمات للحكومة المصرية ونعمل معها كفريق واحد لأي إصدار جديد حينما تدعو الحاجة, ونحن أيضا نقدم مساعدتنا للمستثمرين الأجانب. وفي أبريل, قدمنا مجموعة من المستثمرين المعروفة باسم راسل2020 وهذه المجموعة قائمة علي حجم كبير من الاستثمارات. وكل عام تختار هذه المجموعة بلدا لزيارتها وتجتمع مع مسئوليها لمناقشة فرص الاستثمار. لقد التقينا معهم ودعوناهم لزيارة استغرقت ثلاثة أيام في مصر, وقد التقينا في ذلك الوقت مع بعض صناع القرار مثل الدكتور أحمد نظيف, رئيس مجلس الوزراء, ووزير الاستثمار السابق السيد محمود محيي الدين, وقد التقينا أيضا مع هيئات من سوق المال وأيضا مسؤولين من بورصة القاهرة. وقد غادرت هذه المجموعة مصر وهم يحملون توقعات إيجابية للغاية بشأن الاقتصاد والبلاد وهذا أمر جيد لأن بعض من الشركات المصرية اعقبت هذه الرحلة بزيارة لهم في الخارج لمناقشة فرص الاستثمار, وهذا هو منهجنا للتعاون والعمل مع مصر. ما رأيكم إزاء أداء شهادات الإيداع المصرية المدرجة في أسواق لندنونيويورك خلال الأزمة المالية العالمية ؟ وهل عملية الإدراج في الخارج مفيدة من وجهة نظركم؟ .. نعم أعتقد أنه أمر إيجابي للغاية. إننا نشهد اهتماما مستمرا بالسوق المصرية وبالأوراق المالية المصرية وأعتقد أن الاهتمام بهذا الأمر سيزداد بمرور الوقت. إنه أمر ناجح وأعرف مثال حي لأحد المصارف الرائدة في مصر وهو البنك التجاري الدولي. في العام الماضي وأثناء الأزمة المالية, كان ربيلوود والذي يمتلك حصة20% منCIB قد أخذ قرارا بتخفيض مساهمتهم إلي10% و قاموا بوضعها في صندوق مالي أخر وهو أكتيس في لندن وقامو بنقله في شكل شهادات إيداع دولية في سوق لندن ولقد ساعد هذا الأمر كثيرا سوق المال بالبلاد. إذ لم تتخلص ربيلوود من أسهمها في السوق المحلية ولكنهم تطلعوا إلي الخارج وقاموا بجذب مستثمر دولي أخر للاستثمار ونحن نؤمن في بي إن واي ميلون أن هناك مؤشرات جيدة في مصر وذلك لثلاثة أسباب: الأول هو أن عام2009 كان في منتصف الأزمة والثاني أن مصر سوق ناشئة واعدة والثالث هو أن المؤسسة المالية ليست القطاع الأفضل بالنسبة للمستثمرين ولكن في الوقت نفسه استطاعت مصر واستطاع البنك التجاري الدولي أن يجد شهية من السوق الأوروبية للاستثمار معه وتمكن من إنهاء الصفقة التي جاءت في ظروف عالمية بالغة التعقيد وهذا يدلل علي حجم جاذبية المؤسسات المصرية وثقلها. كيف ترون تعاطي المسئولين المصريين والبنك المركزي مع الأزمة المالية العالمية ؟ وهل تعتقدون أن ما تم ضخه من الحكومة كحزمة مساعدة كان كافيا؟ .. الدور الذي لعبه البنك المركزي خلال الأزمة المالية خاصة مع تدفق الاستثمارات والسيولة التي تم توفيرها عزز بالفعل من ثقة المستثمرين في سلامة وقوة واستقرار السوق المصرية وأعتقد أن هذا الأمر مهم حقا لاستراتيجية طويلة الأمد. وأعتقد أن أي نوع من الأنشطة تزيد بها الدعم من ناحية البنية الاساسية ستساهم في جذب المزيد من الاستثمارات وسيساعد ذلك علي تحقيق نتائج إيجابية طويلة المدي أيضا. ما رأيكم في أداء بعض الأسواق الناشئة خلال وبعد الأزمة حيث أن مصر إحدي هذه الأسواق؟ .. نجح الاقتصاد المصري في أن يخرج من الأزمة بشكل جيد وقد ذهلت بالدور الذي لعبه البنك المركزي خلال الأزمة العالمية واعتقد أن السيولة التي قام البنك المركزي بتوفيرها والثقة التي غرسها في المستثمرين كانت عظيمة للغاية, وينعكس ذلك علي المستثمرين الأجانب الذين مازالوا مهتمين جدا من السوق المصرية اليوم. وأعتقد أن مصر سوق مهمة و جذابة للإستثمار العالمي ونموها المرتقب و الواضح هو محط اهتمام و ملاحظة المؤسسات العالمية كيف تنظرون إلي أداء مصر مقارنة بالبلدان الأخري في الشرق الأوسط؟ .. لقد أبحرت مصر بشكل هادئ تماما عبر هذه الأزمة واستمرت في النمو بشكل شامل. أما عن السوق المصرية, فأنا أعتقد أن الطريقة التي من خلالها تم التعامل مع الأزمة كانت فعالة للغاية وأعتقد أنهم وضعوا أنفسهم بشكل جيد للغاية في إطار نمو حقيقي وعن طريق توفير فرص علي مر العقود القليلة القادمة. المخاطر السياسية قد تكون عاملا سلبيا أو إيجابيا لجذب الإستثمارات الأجنبية..من وجهة نظركم كيف ترون حجم هذه المخاطر في سوق مثل مصر؟ .. المناخ المستقر الذي نشأ في مصر هو أحدعوامل الجذب للمستثمرين وأعتقد أن فرصا في مجال البنية التحتية التي يجري تطويرها بشكل مستمر سوف تعزز من جذب الاستثمارات. فنحن نرحب بالسوق المصرية كثيرا, وسوف نستمر في العمل معها وبها, وواحد من ادوارنا الرئيسية هو جذب المستثمرين فهناك استثمارات تقدر ب2.5 مليار دولار في صناديق وأوراق مصرية تأتي من الولاياتالمتحدة, وهناك نحو1.5 مليار دولار قادمة من اوروبا, ليصل مجموع الاستثمارات اليوم إلي4 مليارات في شكل شهادات إيداع دولية وأسهم عادية, وهذه الاستثمارات لأكبر25 مستثمر في الولاياتالمتحدة وأوروبا.. اذا فهناك المزيد. إن اكثر من4 مليارات دولار توضح كيف ينظر المستثمرون الأجانب إلي مصر كسوق مستقر وواعد. الأن ننتقل الي ما يحدث في العالم.. أنتم بنك عملاءه بنوك في الأساس.. من وجهة نظركم ما تأثير الأزمة المالية عليكم وعلي عملائكم من البنوك المختلفة حتي تلك التي تأثرت بالأزمة في أمريكا وأوروبا؟ .. لقد كانت السنوات القليلة الماضية من أصعب المراحل التي شهدناها علي مدي عقود طويلة, ولحسن الحظ لم يتأثر مجال عملنا بدرجة كبيرة كما حدث مع المؤسسات المالية الأخري حيث أننا نركز علي نشاطين أساسيين فنحن ندير أصول بقيمة1.1 تريليون دولار أمريكي مع عشرين شركة استثمارية تابعة, ومع كوننا نختص في الاوراق المالية فقد وصلنا اليوم لإدارة أصول قيمتها حوالي25 تريليون دولارمما يعني اننا نمتلك ما يزيد علي25% من أسهم السوق العالمية حيث وصلت مجمل أصول الاستثمار الحالية في العالم إلي حوالي105 مليار. فبالرغم من حدوث أزمة مالية إلا إنها لم تعصف بنا بشكل كبير. واليوم نحن نحتل مكانة أكثر المصارف أمانا علي مستوي الولاياتالمتحدة ومصنفون فيAAA علي مستوي البنوك, ولدينا العديد من المستفيدين النشطاء فقد اهتمينا بالجودة العالية التي نقدمها لهم خلال هذه الفترة العصيبة في الوقت الذي كان العديد من المستثمرين والمودعين يشعرون بالقلق إزاء سلامة مؤسساتهم المالية. ما رأيكم في تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أثرت علي اليونان وايرلندا؟ ومن وجهة نظركم ما مدي قوة النظام النقدي المالي العالمي لاستيعاب تلك الصدمات الجديدة؟ .. ليس هناك شك انه مناخ صعب للغاية أولا اليونان والأن أيرلندا وعلي ما يبدو أنها في حركة الي بقية القارة, ويبدو أن اتجاهات المسؤولين في هذه الأسواق منصب بشكل مباشرعلي أوضاعهم فقط. فأنا أتوقع أن تكون الفترة القادمة صعبة للغاية علي أيرلندا فضلا عن القارة الأوروبية ككل. كيف ستؤثر الأزمة العالمية علي مؤسستكم التجارية في أوروبا حيث ان لكم حضور كبير في أوروبا, فكيف ستتأثرون بهذا الأمر؟ .. بوضوح نحن نري بعض أثار الأزمة لا سيما في الأسواق التي ذكرتها مع وجود تباطؤ ملحوظ في النشاط ولكن مرة أخري أقول أنه نظرا لقوة مؤسستنا ووجود العديد من الشركات التي تدرس تغيير هيكل أعمالهم, أصبحنا نحن مستفيدين من تلك الظروف. دائما تجلب الأزمات فرصا جديدة ولقد رأينا بعض الفرص في اوروبا خاصة في جانب الاستحواذ الذي ساعدنا علي توسيع نطاق أعمالنا في أوروبا مع استحواذنا لاثنتين من الشركات التي تناسب مجال عملنا وخدماتنا, ولقد انتهينا من عمليات الاستحواذ قبل ثلاثة أشهر, وسوف يزيد ذلك من وجودنا في اوروبا, خصوصا في ألمانيا. لقد قمنا بالإستحواذ علي3 مؤسسات قوية في أوروبا, واحدة في ألمانيا للخدمات المتعلقة بادارة الأصول والثانية في المملكة المتحدة, وأكبر مؤسسة استحوذنا عليها كانت في الولاياتالمتحدة. ولهذا فإن أوروبا كانت بالفعل تمثل لنا فرصة كبيرة في العديد من الاتجاهات خلال الشهور الماضية.. وأكبر مؤسسة تم الاستحواذ عليها مصرفPNC التي تقدم خدمات استثمارية علي المستوي العالمي بما يزيد علي2.1 مليار دولار. تحدث البعض عما عرف بحرب العملات.. كيف سيؤثر هذا الأمر علي مجال أعمالكم وعلي النظام النقدي المالي ؟ .. لدينا نطاق اعمال كبير جدا في الأسواق العالمية ونحن ندعم تعاملات النقد الأجنبي نيابة عن عملائنا بالإضافة إلي دعم اعمالهم القائمة علي مشتقات الديون فكلما زاد المردود بالنسبة لهم ارتفع حجم المعاملات وزاد تأثيرها علي أعمالنا وعلي الدور الذي نمارسه بالنيابة عن عملائنا. فيما يتعلق بمناقشات بازل3 ومناقشات مجموعة العشرين الأخيرة بسول حولها.. كيف ترون تاثير ذلك علي النشاط المصرفي العالمي وعليكم؟ .. يركز نموذج عملنا علي الاوراق المالية وإدارة الأصول, ونحن سعداء كثيرا بهذا ونعتقد أن هناك فرص نمو هائلة تتناسب علي وجه التحديد مع بازل3. لقد درسنا ذلك عن كثب ونحن واثقون جدا أن نسب رأس المال لدينا أعلي بكثير من الأنظمة والقيود التي تنص عليها بازل.3 ما تقييمكم لعملية الدمج التي حدثت بين بنك أوف نيويورك و ميلون من حيث الإنجازات التي تم تحقيقها خلال العاميين الماضيين؟ .. وقعت عملية الاندماج في يوليو2007 وبصراحة أنا أعتبر هذا نجاحا في جميع النطاقات, فعند النظر إلي كل الأهداف التي وضعناها في بداية عملية الاندماج فإنها تم تحقيقها كما كان متوقع و مخطط او أنها فاقت التوقعات, وأولا وأخيرا كانت هذه الأهداف حول الاحتفاظ بالعميل والاحتفاظ بالعميل هو الهدف الذي أردنا تحقيقه بنسبة98% وهي نسبة أعلي بكثير من أي هدف آخر وضعناه في أي من عمليات الاندماج السابقة فقد تجاوزنا هذه النسبة حتي وصلت نسبتنا في الاحتفاظ بالعميل إلي99.9% وهي نسبة أعلي مما شهدتها هاتان المؤسستان قبل هذا الاندماج. ومن منطلق الإيرادات والنفقات, استطعنا تجاوز كلا الهدفين. ما الدروس المستفادة من الأزمة المالية وما الاجراءات التي تم اتخاذها لتجنب تكرار حدوث هذه الأزمة؟ .. هناك بعض الدروس الواضحة التي قد تعلمناها نحن والمؤسسات الأخري خلال هذه الفترة مثل أهمية دورالسيولة حيث أنها تلعب دورا حيويا في السوق, والأمر الثاني التأكد من درس أي استثمار و فهمه بشكل كامل, والأمر الثالث الذي من المفترض أن تستفيد منه الولاياتالمتحدة ولكنه أيضا يتعلق بالأسواق الأخري هو الدور الذي لعبه مناخ الرهن العقاري والأنظمة و القواعد التي في حاجة بشكل واضح إلي تحسين, ولكنها قد تحسنت, وستواصل التحسن.