جون.. سائق تاكسي لبناني.. علي صفحة وجهه تقرأ إلي أي حد يشعر اللبنانيون بالقلق.. وعندما سألته عن رأيه في الأوضاع الحالية بلبنان.. ارتسمت علي وجهه هموم الدنيا وقال:' ربنا يستر'.. وبينما خرجت مظاهرات محدودة ضد زيارة رئيس وزراء تركيا للبنان.. أيضا خرجت مظاهرات تأييد لتركيا رابطت أمام الفندق الذي شهد فاعليات المؤتمر السنوي لإتحاد المصارف العربية وكان مقرا لإقامة رئيس الوزراء التركي والوفد المرافق له حيث حمل المؤيدون الأعلام التركية.. لبنان منقسم علي نفسه وفي ظل أزمة محكمة الحريري كانت كلمات رئيس وزراء تركيا في افتتاح المؤتمر حاملة لكل معاني الدعم والتأييد للبنان وفلسطين وغزة والعراق.. البعض يري أن افتتاح أردوغان للمؤتمر حوله من منصة إقتصادية تناقش قضايا مالية ومصرفية إلي منصة سياسية يتم خلالها إعلان التحالفات وإطلاق صيحات التحذير.. أردوغان أكد أن تركيا لن تسكت علي الإنتهاكات يقصد اسرائيل وإن لم يذكرها بالإسم والتي تمثلت في قتل النساء والأطفال والشيوخ في لبنان وغزة وقتل المعصومين الأتراك التسعة علي سفن الإنقاذ التركية المحملة بالمساعدات الإنسانية للمحاصرين بغزة.. في الخطاب ذاته أشار أردوغان إلي أن تصريحاته قد تدفع للتساؤل عن مغزي قول ذلك في مؤتمر يناقش قضايا مالية وأردف مؤكدا إنه في غيبة سيادة الحق والقانون فما قيمة المال؟ وبعد هذا التلويح بالرد علي القرصنة والإرهاب أطلق رسالته التي أكدت أن تركيا ترغب في أن يسود السلام المنطقة وستستمر في المطالبة به لبغداد وبيروت وغزة والقدس. وبعد رسالته السياسية التي رغب أن يقول فيها أنه الحليف القوي للعرب.. عرج إلي الإقتصاد ليؤكد علي أن السياسات الغربية وخاصة من الولاياتالمتحدة هي التي أفرزت الأزمة الإقتصادية التي لم تخرج من لبنان أو تركيا بل خرجت من الولاياتالمتحدةالامريكية.. وتساءل عمن أفلسوا البنوك الكبري وشركات التأمين العالمية, و مطالبا باستخلاص الدروس ومحذرا من أنه بدون تدبر ما حدث ستكون الأزمة المقبلة أشد فتكا بعد هذا التمهيد بدأ أردوجان في عرض بضاعته.. إصلاحا إقتصاديا في تركيا وإصلاحا مصرفيا ومناخا مستعدا لإستقبال الإستثمارات العربية وذراعا قوية تبني ولا تهدم. رسائل أردوغان كانت مشفوعة بأبيات للشاعر التركي السيد مولانا الذي عاش في كونيا منذ700 عام والذي قال' ضع إصبعيك علي عينيك لن تري شيئا ولكن هذا لا يعني أن العالم غير موجود' وربطه بما قاله الشاعر اللبناني جبران خليل جبران:' إذا أدرت ظهرك للشمس فلن تري غير ظلك' والذي عاش في بيروت في عصرنا الحديث.. الإثنان عاشا في أماكن وأزمنة ولغات مختلفة ولكنهما قالا ذات المعاني.. ودلل في ذلك علي أن إختلاف اللغة لا يعني أن الأهداف مختلفة ضاربا مثالا لثلاثة أحدهما عربي والأخر فارسي والثالث تركي حيث رغب الثلاثة في شراء' العنب' وكل نطقه بلغة مختلفة. أردوغان رغب أن يقفز علي إختلاف اللغة ليقول أنها لن تكون عائقا فأهداف العرب وتركيا واحدة, ورغب أيضا أن يقفز علي الجعرافيا مؤكدا أنه الجار الأقرب للعرب حين ذكر المثل العربي' الجار قبل الدار' والمثل التركي الذي يقول' اختار جارك قبل سكنك' معلنا أن تركيا حولت جوارها للعرب الي علاقة أخوية. ودلف بعد ذلك في عرض الجهود التي تمت للتقارب مع بلدان الجوار حيث أسقطت تركيا التأشيرات مع سوريا ولبنان والأردن مؤكدا أن رفع التأشيرات لم يسبب أي ضرر لتركيا فهي ليست ذات معني ومطالبا بأن تكون هناك تأشيرة موحدة بين تركيا والبلدان العربية علي غرار' الشنجن' الأوربية. كما أكد علي حوار مع الجامعة العربية للتعاون المشترك بدأ منذ عامين مع السيد عمرو موسي ومشيرا الي إنشاء مجلس للتعاون الإستراتيجي عالي المستوي مع سوريا والعراق, ويجري تأسيس مجلس للتعاون الرباعي بين سوريا ولبنان والأردن وتركيا وبدأ التعاون الشامل مع دول الخليج. أردوغان لم يتنصل من سعي تركيا للإنضمام الكامل للإتحاد الأوربي ولكنه أكد في ذات الوقت أن ذلك لن يسلخها عن هويتها الإسلامية أو جيرانها العرب. وفي ختام كلمته دعا رجال الأعمال العرب والأتراك لتبادل الزيارات والمنافع. وأيا ما كان خطاب أردوجان وما يحويه من افكار ثار التساؤل.. هل تحول إتحاد المصارف العربية إلي منصة سياسية لإعلان المواقف والتحالفات.. في تصريحات خاصة للأهرام أكد عدنان يوسف رئيس إتحاد المصارف العربية رفضه لهذه الفكرة مؤكدا أن الإتحاد ليس ولن يكون منصة سياسية ولكنه إتحاد عربي يهتم بالشئون المالية والمصرفية وقال أن إستضافة رئيس وزراء تركيا لافتتاح المؤتمر كان ردا علي إستضافة تركيا منذ عدة أشهر للمؤتمر الدولي للإتحاد الذي يعقد كل عام في دولة مختلفة.. وأشار الي أن المشاكل السياسية قد تفرض نفسها في كلمة لرئيس وزراء منصبه سياسي في الأساس ولكن ذلك لا يعني أن يتحول الإتحاد الي منصة سياسية.. وقال أن هدف المؤتمر تمثل في زيادة التعاون بين الإتحاد والهيئات الدولية وأن يكون هناك إجماع علي صوت عربي خاصة في موضوع المعايير المصرفية الدولية الجديدة, والهدف الثاني توسيع قاعدة التعاون بين بنوك المنطقة العربية وأسيا وخاصة الهند والصين وماليزيا, ودفع الإستثمار العربي البيني. واضاف أن مؤتمر هذا العام جاء في توقيت مهم لعدة أسباب منها المشاكل المالية التي يمر بها العالم والثاني استضافته لرئيس وزراء تركيا وهي دولة خارج المنطقة العربية والأمر الثالث الإحتفال بمرور35 عاما علي تأسيس الإتحاد. وشدد علي دور الإتحاد كمنصة سياسية تخدم الأهداف المصرفية العربية دوليا حيث شارك الإتحاد في الجهود الدولية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال, وأيضا في الجهود الخاصة بتوحيد معايير المحاسبة العربية وتوافقها مع المعايير المحاسبية الدولية.. كما يقوم الإتحاد بالتنسيق الكامل مع الجامعة العربية والسيد عمرو موسي أمين الجامعة في حوار دائم مع إدارة الإتحاد. وأشار الي جهود الإتحاد لعبور البنوك العربية لأسيا حيث سيتم عقد المؤتمر السنوي الدولي لعام2011 في الصين. الحضور المصري في المؤتمر كان قويا وممثلا في رؤساء وقيادات مصرفية مهمة وفي ذلك أكد محمد بركات رئيس بنك مصر ورئيس اتحاد البنوك المصرية ونائب رئيس اتحاد المصارف العربية أن مشاركته هدفت لأمرين أولا حضور اجتماع مجلس إدارة الإتحاد وجمعيته العمومية واقرار القوائم المالية والميزانية والأمر الثاني تفقد التطور في أعمال بنك مصر لبنان. وشارك بنك التعمير والإسكان بوفد ضم عددا كبيرا من قيادات البنك للبحث عن فرص وعرض مشروعات علي المستثمرين العرب المشاركين.. فتحي السباعي رئيس البنك قال أن حضور مثل هذه المؤتمرات لا يهدف فقط للإستماع للجلسات أو التعرف علي الأمور العلمية ولكنه فرصة للحوار والبحث عن الفرص ولهذا الهدف جاء علي رأس وفد من قيادات البنك لعرض عدد من المشروعات الإسكانية والتعاون الثنائي مع البنوك المشاركة. ذات التوجه أكده حسن عبد المجيد العضو المنتدب لبنك الشركة المصرفية العربية الدولية والذي أشار الي لقاءه مع عدد من رؤساء البنوك العربية المشاركة لبحث فرص التعاون الثنائي. ومثال أخر للمشاركة بهدف البحث عن فرص أكد محمد الإتربي رئيس بنك الإستثمار العربي الي أن الهدف من المشاركة زيادة التعاون البيني للبنوك العربية وأيضا تبادل المعلومات حول المنتجات المصرفية المختلفة ومن أهمها المنتجات الإسلامية التي لم تعد قاصرة علي البنوك الإسلامية فقط بل أن بنوكا أوروبية بدأت في التعامل بها وأكد مباحثاته مع عدد من رؤساء البنوك المشاركة. وأكد باسل الحيني العضو المنتدب لبنك القاهرة أن مشاركته في مؤتمر هذا العام هي الأولي وقد وجدها فرصة ملائمة للحوار واللقاء بين المصرفيين المصريين والعرب بل أن المؤتمر ضم مصارف تركية وإفريقية بما يدعم فرص التعاون الإقليمي وأكد أن توصيات المؤتمرات إن لم تكن مشفوعة بإرادة سياسية ودور قوية و لتعاون البنوك المركزية لن تجدي نفعا مشيرا الي رغبته في أن يأتي اليوم الذي تتواجد فيه البنوك العربية في كل قطر عربي مؤكدا ان هذا صعب علي سبيل المثال المركزي المصري لا يصدر رخص جديدة والسوق السعودية الأقوي إقليميا تمنع دخول الأجانب والعرب إلا من خلال مستثمرين سعوديين. وأشار أشرف الغمراوي رئيس بنك البركة الإسلامي الي أن البنك شارك بعدد كبير من قياداته في مختلف البلدان العربية وكان هناك حوار مهم حول المنتجات الإسلامية والمعايير الخاصة بالبنوك الإسلامية وتطبيقات بازل بالنسبة لها ومؤكدا ان نتائج أعمال البنوك الإسلامية والتي نجحت في تفادي الأزمة المالية العالمية دفعت مؤسسات دولية وخبراء دوليين للتوصية باستخدام منهج هذه البنوك في العمل المصرفي. وسام فتوح الذي إنتخبته الجمعية العامة للإتحاد أمينا عاما خلفا للدكتور فؤاد شاكر الذي كانت له اسهامات قوية علي مدي دورات عدة يعلق الإتحاد أمالا علي أمينه العام الجديد في تسويق أهدافه وفي تدعيم تواجده الإقليمي والدولي في المرحلة المقبلة وأكد في تصريح للأهرام بأن هناك أكثر من دور جديد للإتحاد سيعلنها رئيس الإتحاد في المؤتمر المقبل بقطر. وبالرغم من أن توصيات المؤتمر انصبت علي البعد الإقتصادي والمصرفي إلا أن الهاجس السياسي أطل في أكثر من موضع بدعوة الحكومات العربية الي تفعيل التعاون المشترك وإسقاط الحواجز والعوائق أمام الإنتقال لرؤوس الأموال والخدمات ورجال الاعمال العرب.