إضافة كلية طب العريش إلى منصة «ادرس في مصر» بكافة تخصصاتها    يورتشيتش يمنح لاعبى بيراميدز إجازة 10 أيام بعد التأهل لمجموعات أبطال أفريقيا    مدرب مانشستر يونايتد يكشف أسباب التعادل مع كريستال بالاس    هل يُمكن استخدام السيارات الكهربائية في عمليات تفجير عن بُعد؟.. خبير سيبراني يوضح    وزير الخارجية: نرفض أي سياسات أحادية للمساس بوحدة أراضي الصومال    أحمد موسى: حزب الله معندوش قرار حتى الآن لضرب معسكرات الجيش الإسرائيلي    عبد العاطي يلتقي وكيلة السكرتير العام للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية    المحطات النووية تدعو أوائل كليات الهندسة لندوة تعريفية عن مشروع الضبعة النووي    نائب محافظ قنا: مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان» تعزز مقومات التنمية الشاملة    هل تشهد مصر سيول خلال فصل الخريف؟.. خبير مناخ يوضح    التحريات تكشف ملابسات مصرع ابن المطرب إسماعيل الليثي في الجيزة: سقط من الطابق العاشر    مياه الأقصر تنفي انقطاع المياه أو تلوثها داخل المحافظة    انطلاق فعاليات المرحلة الخامسة لمسرح المواجهة والتجوال من قنا    حصلنا على التصريح من الرقابة.. منتج فيلم «التاروت» يكشف حقيقة مشهد خيانة رانيا يوسف لحبيبها مع كلب    تجديد الثقة في المخرج مسعد فودة رئيسا لاتحاد الفنانين العرب بالتزكية    أحمد سعد يعود لزوجته: صفحة جديدة مع علياء بسيونى    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    قرارات عاجلة من إدارة الأهلي بعد التأهل لمجموعات أفريقيا قبل مواجهة الزمالك    حزب المؤتمر: منتدى شباب العالم منصة دولية رائدة لتمكين الشباب    موسم شتوي كامل العدد بفنادق الغردقة.. «ألمانيا والتشيك» في المقدمة    "علم الأجنة وتقنيات الحقن المجهري" .. مؤتمر علمي بنقابة المعلمين بالدقهلية    فصائل فلسطينية: استهداف منزلين بداخلهما عدد من الجنود الإسرائيليين ب4 قذائف    تعرف على أهداف منتدى شباب العالم وأهم محاوره    الحكومة تكشف مفاجأة عن قيمة تصدير الأدوية وموعد انتهاء أزمة النقص (فيديو)    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    هل يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 10 جنيهات؟.. رئيس البنك الأهلي يجيب    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    بيكو للأجهزة المنزلية تفتتح المجمع الصناعي الأول في مصر باستثمارات 110 ملايين دولار    السجن 6 أشهر لعامل هتك عرض طالبة في الوايلي    تدشين أول مجلس استشاري تكنولوجي للصناعة والصحة    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    كاتبة لبنانية لإكسترا نيوز: 100 غارة إسرائيلية على جنوب لبنان وهناك حالة توتر    شروط التحويل بين الكليات بعد غلق باب تقليل الاغتراب    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    توتنهام يتخطى برينتفورد بثلاثية.. وأستون فيلا يعبر وولفرهامبتون بالبريميرليج    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    الاستخبارات الهنغارية تؤكد أنها لم تنتج أجهزة "البيجر" التي تم تفجيرها في لبنان    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم «توك توك» بدراجة نارية بالدقهلية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    علاج ارتفاع السكر بدون أدوية.. تناول هذه الفاكهة باستمرار للوقاية من هذا المرض    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    المشاط تبحث مع «الأمم المتحدة الإنمائي» خطة تطوير «شركات الدولة» وتحديد الفجوات التنموية    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصف كترمايا أهلاوي والنصف الآخر زملكاوي ..وصور عبد الناصر تنتشر في معظم المنازل .. و12مصريا يعيشون فيها ولم يمسهم سوء و8 من المتهمين بالتمثيل بالجثة سلموا أنفسهم حتي الآن
وائل الإبراشي يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 15 - 05 - 2010

· 8 متهمين في مأساة التمثيل بجثة العامل المصري سلموا أنفسهم بعد أن أقنعناهم بذلك
· رئيس بلدية كترمايا: الرئيس اللبناني قال لنا لابد من تسليم المتهمين بالتمثيل بالجثة لأن الأمر يتعلق بسمعة لبنان
فجأة ودون سابق تفكير أو ترتيب أو تخطيط، قررت السفر إلي لبنان ودخول قرية كترمايا.. صرخ في وجهي المقربون والأصدقاء: انت مجنون، تذهب إلي قرية الموت.. قرية التمثيل بالجثث .. قرية الوحشية والهمجية والدموية.. سوف يستقبلونك بالسكاكين، وسنراك في نشرات الأخبار القادمة جثة معلقة علي عمود الكهرباء.. هكذا قالوا.. قبل أن يضيفوا: لقد شهدت القرية في أقل من 24 ساعة مذبحتين متتاليتين، تم التمثيل فيهما بجثث خمسة أشخاص، في الأولي ذبحت طفلتان وجدتهما وجدهما والأربعة من سكان القرية ويحملون الجنسية اللبنانية، وفي الثانية قتل أهل القرية المشتبه به أو المتهم المصري الجنسية محمد سليم مسلم، ومزقوا جثته وقطعوها، ثم علقوها علي أحد الأعمدة الكهربائية انتقاما منه.. قلت لمن يحذرونني: طقت في دماغي ولن أتراجع، فالصحفي يختلف عن غيره في أنه يجب أن يكون في موقع الأحداث ولايكتفي بمتابعتها من خلال شاشات التليفزيون ومن منازلنا ومكاتبنا المكيفة.. ثم إننا لايجب أن نختزل بلدا أو مجتمعا في مذبحتين.. لايجب أن نحكم عليه من خلال 24 ساعة فقط شهدت أحداثا دموية.. سألت السفير المصري في لبنان أحمد البديوي قبل أن أغادر القاهرة إلي بيروت، فخذرني من دخول القرية وقال لي: الأوضاع مازالت مشتعلة ولايستطيع أحد أن يضمن سلامتك.. قلت لنفسي: لن أتراجع فالدبلوماسية تفضل الهدوء وتكره والاقتحام.. تميل إلي السكون وتبتعد عن العاصفة، سألت هبة شقيقة القتيل المصري محمد سليم من الأم، وهي لبنانية عاشت حياتها في كترمايا قبل أن تنتقل إلي بيروت بعد الزواج: هل دخول القرية في الوقت الحالي خطر؟ وكانت إجابتها محبطة: حتي لو دخلت في حراسة قوي الأمن الداخلي اللبنانية، فلن تحميك، وإلا كانوا حموا أخي محمد وأنقذوه من الأهالي.. قلت لنفسي: أنا مصمم ولن أتراجع.. بل وقررت السفر دون تنسيق مع السفارة المصرية في لبنان ولا حتي أجهزة الأمن اللبنانية، فكلاهما سينصحان ويحذران من الدخول.. اتصلت باثنين فقط هما واسطتي لدخول كترمايا.. الأول مأمون ملك ابن خالة السيدة رنا أبو مرعي أم الطفلتين المذبوحتين وابنة العجوزين المقتولين، وهم اللبنانيون الأربعة الذين انتقم لهم الأهالي بالتمثيل بجثة المواطن المصري محمد سليم، والثاني المحامي الشاب أحمد حسن والذي عرفني عليه السياسي اللبناني والصديق كمال شاتيلا رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني.. وبينما أنا أستعد للسفر حدث تطور مفاجئ.. اتصل بي الأستاذ أحمد حسن ابن قرية كترمايا يوم الجمعة الماضية وقال لي: هل يمكن أن تؤجل مجيئك أسبوعا؟!.. سألته: لماذا؟ قال: حدثت تطورات سلبية اليوم الجمعة واشتعلت الأوضاع من جديد.. المخابرات اللبنانية اعتقلت ثلاثة لبنانين من أهل القرية من المشتبه بأنهم هم الذين قتلوا الشاب المصري ومثلوا بجثته.. رصدوهم وراقبوهم وانقضوا عليهم بشكل مفاجئ حتي لاتحدث مقاومة ونقلوهم إلي أحد السجون، فغضب أهالي كترمايا وخرجوا من جديد إلي الشوارع وأغلقوا الطريق المؤدي إلي القرية مطالبين بالإفراج عن المعتقلين.. قلت له: جهزت نفسي للسفر غدا ورتبت كل أموري ولا مجال للتراجع، فقال لي: لا أستطيع أن أضمن سلامتك في ظل الوضع الجديد، فلا أحد يستطيع أن يتحكم في انفعالات بعض الشباب المتحمسين والغاضبين الذين أغلقوا الطرق، خاصة أنهم يعتقدون أن الحكومة المصرية والإعلام المصري نجحا في الضغط علي السلطات اللبنانية وإجبارها علي القبض علي المتهمين بالتمثيل بجثة المواطن المصري.. قلت لنفسي: إذا كان واسطتي لدخول كترمايا يحذرني من المجيء الآن ومن قبله السفير المصري في لبنان وأخت القتيل المصري اللبنانية الجنسية ومعظم الأصدقاء والمقربين، فكيف أجازف وأسافر رغم كل هذه التحذيرات؟! ثم علمت بعد ذلك أن ثورة القرية ازداددت اشتعالا وأن الأهالي هناك يرفعون شعار: اسجنوا كترمايا كلها ولا تسجنوا اثنين أو ثلاثة من قتلة القاتل المصري.. قلت لنفسي: سأسافر حتي لو أعلنت كترمايا استقلالها وانفصالها عن الجسد اللبناني.. وفي لبنان اكتشفت أن التمثيل بجثة المواطن المصري لم يؤثر فقط علي نظرة غير اللبنانين إلي كترمايا، وإنما أثر أيضا علي نظرة اللبنانيين أنفسهم الذين أصبحوا ينظرون إلي كترمايا بحذر وقلق، لدرجة أن أعضاء فريق التصوير التليفزيوني الذي اتفقت معه كان لديه بعض المخاوف مع أنهم لبنانيون، بالإضافة إلي سائق السيارة الذي قال لي: أهل كترمايا دمهم حامي وربنا يستر وقال لي لبناني آخر: يسمونها تكساس العربية علي اعتبار أن ولاية تكساس الأمريكية مشهورة بالعنف الزائد وارتفاع نسبة الجريمة.. بل والمفاجأة أنني بعد دخولي إلي كترمايا اكتشفت أن المذبحتين «مذبحة اللبنانيين الأربعة والتمثيل بجثة المصري» أثرت علي أهالي كترمايا أنفسهم.. قال لي أحدهم: أصبحنا نخشي علي أطفالنا بعد المذبحة التي راح ضحيتها اللبنانيون الأربعة، أحكمنا إغلاق بيوتنا ولم نعد نسمح للأطفال بالخروج، لقد أصابنا الفزع جميعا.. قبل أن أصعد إلي كترمايا التي ترتفع عن سطح البحر -45 مترا وتبعد عن بيروت العاصمة 35 كيلو مترا، كان لابد أن أعرفها جيدا وأفهم تركيبة سكانها وطبيعة أهلها وجذورها التاريخية، وأعتقد أن أكبر مشاكلنا أننا لانقرأ بعضنا البعض، ولانحاول فهم الآخر ولا نكلف أنفسنا عناء المعرفة.. معرفة تركيبة من نختلف .. ولو فعلنا ذلك لتفادينا أزمات ومآسي كثيرة كنا في غني عنها، مثلما حدث مع الجزائر.. لقد وصل الجهل بالبعض في مصر إلي حد الادعاء بأن أهالي كترمايا مثلوا بجثة المواطن المصري ردا علي الحكم القضائي بحبس أعضاء شبكة حزب الله في مصر مع أنهم لو تعبوا وبحثوا قليلا لعرفوا أن كترمايا قرية سنية وهي إحدي مناطق النفوذ السياسي لتيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد الحريري، والذي وصلت الخصومة السياسية له مع حزب الله إلي حد العداء، حتي وقت قريب قبل المصالحة المؤقتة أو الهشة التي قد لاتدوم، وبعدما دخلت كترمايا تأكد لي أن معظم سكانها يؤيدون حزب الله كحركة مقاومة، ولكنهم يعارضونه بشدة وحدة فيما يتعلق بالأوضاع الداخلية في لبنان.. والمفاجأة التي تتعارض مع مشهد التمثيل بجثة العامل المصري أن التيار القومي العروبي أي المتمسك بالقومية العربية وبالعروبة هو السائد والمهيمن والمنتشر في كل أرجاء كترمايا التابعة لإقليم الخروب التابع لقضاء الشوف التابع لمحافظة جبل لبنان.. وكان السياسي اللبناني الشهير الزعيم الراحل كمال جنبلاط- والد وليد جنبلاط- يدغدغ العواطف في خطبه وهو يصرخ: بأقليم الخروب- يا إقليم العروبة- يا إقليم عبدالناصر- هكذا كان يسمي الأقليم الذي كان يتمتع فيه بشعبية كبيرة وكترمايا جزء من هذا الإقليم.. المفاجأة الأكثر أهمية أن أهالي كترمايا مثلهم مثل سكان الإقليم كله، يعشقون الزعيم الراحل جمال عبدالناصر إلي حد الهوس، لدرجة أن صوره تنتشر في منازلهم وتتصدر مداخلها وبعض البيوت فيها تماثيل لعبدالناصر.. وحينما دخلت منزل المهندس محمد نجيب حسن رئيس بلدية كترمايا وجدت تمثالا لعبد الناصر وأكثر من صورة، وفي منزل الأستاذ نزيه السيد رئيس منتدي إقليم الخروب الثقافي الاجتماعي في كترمايا، وجدت تمثالا لعبد الناصر ومعرض صور للزعيم الراحل منذ ثورة يوليو وحتي وفاته، وفي منزل الأستاذ رياض حسن أحد أهالي كترمايا صورة كبيرة قديمة ترجع إلي أيام عبدالناصر، مازال يحتفظ بها في صدارة البيت.. بل إن السيدة رنا أبومرعي التي يمكن أن نعتبرها المحور الرئيسي للمأساة وللمذبحتين، فهي أم الطفلتين المذبوحتين وابنة العجوزين المقتولين تركتني وذهبت إلي المنزل الذي حدث فيه المذبحة والمغلق بالشمع الأحمر من قبل السلطات الأمنية والقضائية لإحضار صورة تعتز بها موجودة في الدور الأعلي الذي لم يخضع للتشميع وعادت بها بعد وقت طويل.. وقد فوجئت أن الصورة لأمها السيدة كوثر، وهي في شبابها مع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.. قالت السيدة رنا وهي تبكي: قطعت أمي كل هذه المسافات من كترمايا إلي دمشق سيرا علي الأقدام لكي تري عبدالناصر وتلتقط صورة معه وحققت حلمها، ومازلنا نحتفظ بالصورة، لذلك أقول .. والكلام للسيدة رنا للشعب المصري ولمصر: نحن نحبكم فلماذا ركزتم علي ما حدث للقاتل المصري ولم تركزوا علي ما حدث لطفلتي وأمي وأبي.. وأضافت: والله لو كان القاتل من أهلي ومن قريتي ما تغير في الأمر شيء وانفعل به الغاضبون نفس ما فعلوه في المصري..
قالت لي رنا أبومرعي ومحاميها مأمون ملك: الدليل علي أن العملية ليست موجهة ضد المصريين أنه يعيش بيننا في سلام ووئام 12مصريا متزوجين من لبنانيات من كترمايا ولم يمسهم أحد بسوء لأنهم أهلنا.. قابلت بعض المصريين الذين يعيشون في كترمايا.. طارق عبد العال من كفر الشيخ يعمل في محل نجارة ومتزوج من السيدة ألفت منصور وتعمل مدرسة في مدرسة ابتدائية .. من المصريين المقيمين في كترمايا أيضا سيد عراقي مهني من الشرابية في بالقاهرة ومتزوج من لبنانية من كترمايا .. وهناك أيضا صلاح العزاوي من الدرب الأحمر ويعمل نجارا ومتزوج من سيدة لبنانية من كترمايا اسمها سوسن علي سعد.. كلهم أكدوا أنهم يعيشون في أمان في كترمايا ولم يطالب أهالي القرية بملاحقتهم أو مطاردتهم قضيتهم مع محمد سليم فقط بغض النظر عن جنسيته..
وقال لي الأستاذ حسان ملك.. مدير إحدي المدارس.. : هل تعرف أن قرية كترمايا مرتبطة رياضيا وفنيا بمصر.. سألته : كيف؟! .. أجاب : نصفنا أهلاوي متعصب ونصفنا زملكاوي أكثر تعصبا.. أنا مثلا .. والكلام لحسان : زملكاوي متعصب، في حين أكد نزيه السيد - رئيس منتدي إقليم الخروب الثقافي والاجتماعي في كترمايا - أنه أهلاوي.. وأضاف حسان مالك : نتشاجر مع بعضنا البعض علي المقاهي بسبب الأهلي والزمالك، وقال مأمون ملك المحامي : القرية أيضا نصفها يحب أم كلثوم والنصف الآخر يحب عبد الوهاب.. وتساءلوا جميعا : هل يوجد ارتباط أكثر من ذلك بمصر وبالشعب المصري؟! كيف نتهم في النهاية بأننا قتلنا ومثلنا بجثة محمد سليم لأنه مصري؟!..
قلت لهم : السؤال يمكن أن يكون معكوسا علي الشكل التالي : إذا كنتم تحبون مصر وترتبطون بها وتعشقون عبد الناصر إلي هذا الحد، لماذا لم تراعوا كل ذلك وأنتم تقتلون مواطنا مصريا حتي، لو كان مجرما، فمكانة المحكمة، ولماذا لم تفرملوا أنفسكم وبعضكم يمثل بجثته ويلعقها علي عمود كهرباء؟!
يتفق الجميع في كترمايا علي أن قوي الأمن الداخلي هي سبب المأساة.. كان الأهالي يستعدون لاستلام جثث اللبنانيين الأربعة «الطفلتين والجد والجدة» من المستشفي وإذا بهم يجدون المشتبه به أو المتهم بالقتل أمامهم ومعه فقط ثلاثة جنود وسائق يؤكدون للأهالي الغاضبين أنه اعترف بالقتل وأن الدلائل كلها ضده فانتزعه الغاضبون من بين أيدي الجنود وعذبوه وقطعوا جسده ومثلوا بجثته وطافوا بها في شوارع القرية وزفوها علي سيارة قبل أن يعلقوها علي عامود كهرباء وهو المشهد الذي أثار الفزع في كل أنحاء العالم..
إذن.. أجهزة الأمن اللبنانية هي القاتل الذي أشعل الفتنة وحول جريمة قتل إلي مأساة يندي لها الجبين، حيث وضعت البنزين إلي جوار النار وقدمت المتهم محمد إلي جموع الغاضبين، لذلك لمست بنفسي حرص السلطات الأمنية علي تقديم المتهمين في جريمة التمثيل بجثة المواطن المصري إلي العدالة لدرجة أن الملف في يد رئيس الجمهورية ميشال سليمان.. سألت رئيس بلدية كترمايا المهندس محمد نجيب حسن : علمت أنكم شكلتم لجنة وقابلتم السفير المصري في لبنان أحمد البديوي ثم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ثم رئيس الحكومة سعد الحريري.. ما الذي دار في هذه اللقاءات؟!.. أجاب : كلها تتعلق بضرورة : تسليم المتهمين إلي السلطات اللبنانية ورئيس الجمهورية هو الأكثر تصميما علي ذلك، وقال لنا : الموضوع متعلق بسمعة لبنان في الخارج، حيث تشوهت بسبب الحادثة وقال أيضا تسليم المتهمين سيؤكد أنه لا أحد يستطيع أن ينتزع لنفسه دور الدولة وأن الفكرة «المأخوذ» عن لبنان أن الدولة لا تستطيع فرض سيطرتها غير مقبولة ولابد أن نصححها.. قلت له : كم عدد المطلوبين من أهالي كترمايا؟ أجاب : 11 شخصا .. أربعة سلموا أنفسهم ثم أربعة آخرين منذ ساعات «ونحن نجهز للطبع» أي ثمانية حتي الآن وكانت السلطات قد ألقت القبض من قبل علي ثلاثة تبين أن اثنين منهم لا علاقة لهما بالتمثيل بجثة محمد، وبالتالي أصبح عدد المعتقلين تسعة أشخاص ويتبقي اثنان من المطلوبين قد يسلما نفسيهما خلال ساعات أو أيام «انتهي كلام رئيس البلدية».
مشكلة كترمايا أن كل فريق تعصب لدم ابنائه واستهان بدماء الآخرين في حين أن الدم واحد حرم الله سبحانه وتعالي استباحته .. علينا أن نرفع شعار لا للمذبحتين.. لا لأي نقطة دم تسيل.. نعم لمحاكمة كل من أهدر واستباح دما.. حق اللبنانيين الأربعة لا يجب أن يضيع وحق المواطن المصري محمد سليم يجب أن يظل محفوظا حتي لو كان مجرما فالقصاص منه داخل المحكمة.
كترمايا واحدة من أشهر القري التي استهدفتها اسرائيل بالمذابح الوحشية ففي عام1982 وأثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان ارتكبت اسرائيل مجزرة دموية وقصفت المنازل في كترمايا فسقط 48 شهيدا و200جريح.. وظلت كترمايا طوال فترة الاحتلال بوابة للمقاومة ضد اسرائيل فكيف تصبح الآن عنوانا للهمجية والدموية والتمثيل بالجثث؟
كترمايا المتمسكة بالقومية والعروبة العاشقة لعبد الناصر وللشعب المصري المنقسمة إلي أهلاوي وزملكاوي لا تستحق هذه الاتهامات يجب أبدا ألا نختزلها في مذبحتين ونختصرها في التمثيل بجثة.
الأسبوع القادم : أسرار جديدة
وثائق ومستندات القضية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.