يبدو أن مشهد الموت لن يفارق السيارات المارة علي طريق رأس غارب- الزعفرانة, فعلي الطريق, قتلي هنا.. وجرحي هناك..أشلاء بشر تتطاير..دماء تسيل ولا أحد يتحرك! في هذا المكان صارت الحوادث أمرا عاديا, وطبيعيا, ففي عصر الجمعة الماضي, لقي8 سائحين مصرعهم, بينما أصيب38 أخرين, في حادث انقلاب أتوبيس سياحي كان يستقله فوج سياحي من جنسيات مختلفة عند الكيلو40 بطريق رأس غارب- الزعفرانة, بعد قضاء يوم بالقاهرة لزيارة المناطق الأثرية والسياحية, حيث كشفت المعاينة, والتحريات الأولية, أن الحادث وقع نتيجة اختلال عجلة القيادة في يد السائق وانحرافه بشدة علي جانب الطريق واصطدامه بالرصيف, مما أدي إلي انقلاب الأتوبيس عدة مرات. 6 آلاف سيارة شهريا وبشكل عام, لم يقع حادث الأتوبيس السياحي- في تقدير اللواء مجدي قبيصي محافظ البحر الأحمر- لم بسبب الطريق, ولكنها وقعت بسبب السائق, فالطريق يستخدمه نحو113 ألف شخص شهريا من القاهرة حتي الأقصر, والعكس,وتمر عليه نحو أيضا, أي بمعدل200 سيارة يوميا, وهذا يعني أن الحركة علي هذا الطريق مكثفة, وأغلب الظن أن سائق الأتوبيس السياحي قد غلبه النعاس, ولا يمكن الجزم بسبب وقوع الحادث دون الانتهاء من تحقيقات النيابة, والتقرير المروري. ويروي محافظ البحر الأحمر, أن الأتوبيس كان يحمل8 سائحين, تم الترخيص بنقلهم بشكل قانوني, أما بقية السائحين بالأتوبيس فلم يتم نقلهم بصورة قانونية, حيث بفضل بعض السائحين الانتقال عبر رحلات غير منظمة, وغير قانونية, لرخص تعريفة النقل بهذه الطريقة, ومن ثم يجري تهريب السائحين في سيارات ميكروباص, وعند الزعفرانة يجري نقلهم في الأتوبيسات, مشيرا الي أنه تم إغلاق فرع الشركة السياحية الناقلة للسائحين الذين راحوا ضحية الحادث الأخير في الغردقة لمخالفتها اللوائح المقررة من جانب وزارة السياحة في هذا الشأن. الطريق بريء والحقيقة كما يقول اللواء مجدي قبيصي- أن الطريق من القاهرة حتي الغردقة مزدوج, ولا توجد به اية مشاكل, وتبلغ السرعة المقررة للسيارات عليه110 كيلو متر في الساعة, لكن المشكلة تكمن في ال40 كيلو من سفاجا في الاتجاه إلي قنا, حيث يسير الطريق في منطقة جبلية, و هذه المسافة من الطريق بحاجة إلي ازدواج, وقد خاطبنا وزير النقل, وسوف يتم وضع هذه المسافة من الطريق علي خطة الوزارة في القريب العاجل. * قلت: يري البعض أن مستشفي رأس غارب ليس مجهزة بالشكل الكافي, مما استدعي نقل السائحين المصابين والجرحي في الحادث للعلاج بالقاهرة؟ - محافظ البحر الأحمر: رأس غارب مدينة صغيرة, و يبلغ عدد سكانها نحو50 ألف نسمة, والمستشفي مؤهل لخدمة سكان المدينة, ويقوم المستشفي بواجبه علي أكمل وجه, وقد تلقي السائحون المصابون العلاج في مستشفي الغردقة, و قد قرر الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة نقلهم بالإسعاف الطائر إلي القاهرة, لكي يتلقوا رعاية طبية فائقة, وليكونوا قريبين من مقار سفاراتهم, وقد بذلت وزارة الصحة, وأجهزتها جهودا كبيرة لرعاية السائحين, وتوفير العناية الكاملة لهم. تتركز مناطق الخطر كما يقول الدكتور مجدي صلاح أستاذ الطرق بكلية الهندسة جامعة القاهرة في الطريق من العين السخنة حتي الزعفرانة, فالطريق هناك مفرد, وتلتقي فيه السيارات الذاهبة والعائدة, مما يعطي الفرصة لوقوع الحوادث, كما أن به منحنيات حادة, تشكل خطورة كبيرة علي المارة في هذا الطريق,ولذلك لابد من التخطيط لازدواج الطريق لتلافي وقوع الحوادث. مركز لتدريب السائقين وفي خطوة لمواجهة حوادث الطريق التي تتعرض لها الأتوبيسات السياحية, قررت وزارة السياحة إنشاء مركز لتدريب السائقين بوادي حوف, وقد تم تعييني استشاريا للمركز, ويهدف المركز إلي تدريب سائقي النقل السياحي علي مواجهة مختلف الاحتمالات التي تواجههم أثناء القيادة ومنها المنحنيات الحادة, والقيادة في ظروف سقوط الأمطار, والضباب, وكيفية التعامل مع الميول الشديدة في الاتجاهات الطولية, والمنحنيات الأفقية الحادة, خاصة أن مشكلة الطرق الجبلية تكمن في ميولها الشديدة, والتي قد تتسبب في وقوع الحوادث علي الطرق المارة في هذه المناطق. مناطق الخطر في الوقت نفسه, يكشف أحد التقارير المرورية إلي أن طريق القصير- سفاجا عند الكيلو36 أو39 أو46 و80 وكذلك طريق أبو رماد الشلاتين عند الكيلو32 مما يعرض السائقين والركاب للخطر, كما أن طريق سفاجا- قنا يعد من أكثر الطرق التي تتعرض لحوادث طرق بشكل يومي بسبب المنحنيات الخطيرة, خاصة المسافة التي تتركز عند الكيلو5 و10 و32,35 و50, بالإضافة إلي طريق مرسي علم, وطريق الزعفرانة, والكريمات وطريق رأس غارب- الشيخ فضل, حيث تكثر بها المنحنيات الخطيرة. والحال كذلك, فإن السبب الرئيسي في وقوع حوادث بهذه الطرق انها مفردة, عدا طريق رأس غارب- الزعفرانة, ورأس غارب- الغردقة, ولذلك أصبح من الضروري تخفيف الضغط المروري علي هذا الطريق بتشغيل خط السكة الحديد قنا- سفاجا والذي يستخدم فقط في نقل خام الفوسفات. العنصر البشري متهما وإذا كانت أصابع الاتهام قد توجه إلي الطرق عند وقوع حوادث السيارات, فإن العنصر البشري- كما يقو الدكتور مجدي صلاح- مسئول بنسب تتراوح بين70% و75% عن حوادث الطرق, وفقا لأحدث الدراسات المتخصصة في هذا الشأن, حيث يقود بعض السائقين سيارات النقل العادي, أو النقل السياحي, وهم تحت تأثير الإجهاد أو المخدرات, كما أن بعضهم يقودون السيارات بتهور, أو يتجاوزون السرعات المقررة, أو يقومون بتغيير اتجاههم فجأة, أو يقومون بتجاوز السيارات التي تستخدم نفس الطريق بشكل خاطئ, ولا شك أن مثل هذه التصرفات المتهورة تؤدي إلي وقوع حوادث الطرق, ولذلك لابد من تحري الدقة في استخراج تراخيص القيادة لسائقي سيارات النقل, وإخضاعهم لفحوص دورية دون الانتظار إلي حلول موعد تجديد الترخيص, للتأكد من عدم وقوعهم فريسة للإدمان, كما أنه من الضروري إخضاعهم لاختبارات نفسية للتأكد من توازنهم النفسي, وأنهم لم يقودوا سياراتهم بتهور.