هناك في محافظة الأقصر وتحديدا أمام أبرز معالم مدينة إسنا الأثرية معبد إسنا تطل واجهات وكالة الجداوي أهم مركز تجاري في صعيد مصر والذي يعود تاريخ بنائها إلي ماقبل298 عاما. فبالقرب من معبد الإله خنوم بإسنا أنشأها عام1712 حسن بك الجداوي الذي كان مملوكا لعلي بك وهو احد أفراد حاشية محمد بك أبو الذهب واطلق عليه لقب جداوي لانه كان يتولي إدارة جدة وتوفي عام1215 م 1800 م. والوكالة كانت تستخدم كمقر ومنزل للتجار والبيع والشراء للسلع والحاصلات في الطابق الأول حيث كانت إسنا تشتهر في ذلك الوقت بكونها مركزا للتبادل التجاري في صعيد مصر لمرور قافلة سنار التي كانت تحمل كل سلع تجارتها خاصة الصمغ العربي وريش النعام وسن الفيل, ومن أشهر البضائع التي كانت تباع بالوكالة السلال والمصنوعات الخفيفة المصنوعة من سعف النخيل المصبوغ بألوان متعددة الأقمشة القطنية الخام الناعمة والشيلان المعروفة باسم الحلاية الذي كان يعد أكثر الملابس ضرورة عند سكان مصر في ذلك الوقت خاصة لمن يقومون بالسفر, فكان بالنسبة لهم الفراش والجبة والخيمة, وكانوا يطوقون به رقابهم وهو أعظم مكافأة يمكن أن يقدمها السيد لخادمه تعبيرا عن رضائه عنه. وعرف عن إسنا قديما وجود العديد من مصانع الأواني الفخارية والمعاصر التي كان أشهر إنتاجها زيت الخس. وتحدث علماء الحملة الفرنسية في موسوعة وصف مصر, عن جودة بناء الوكالة التي تتكون من فناء كبير يحيط به رواق يوصل إلي جميع المحال التجارية, اعلاه رواق آخر مشابهة يؤدي إلي مساكن التجار والمسافرين. وعن تصميم الوكالة فهي تتكون من واجهة أساسية تطل علي معبد إسنا بارتفاع8 أمتار بها طابقان كل طابق به مجموعة من الحجرات والمحال والمخازن تفتح علي ممر عبارة عن رواق مسقوف بالبراطيم وجذوع النخيل وبها بهو مسقوف يفضي إلي صحن كان يغطي بخشخيشة علي شكل مخروطي, ولكنها تساقطت ولم يبق لها وجود الآن, وأصبح الصحن مكشدا من الجوانب, ويعلو كتلة المدخل مكسلتان بارتفاع نحو80 سم من الطوب الأجر ويعلو فتحة الباب عتب من الخشب عليه النص التأسيسي للوكالة بالحفر الغائر كتب علي الجانب الأيمن منه: نصر من الله وفتح قريب, وبشر المؤمنين يامحمد: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, هو الأول والآخر سبحانه وتعالي احد صمد ياسيد سعد السعود يلوح اركانها دار مبارك. وبعد مرور ثلاث قرون تستعيد الوكالة رونقها بعدما امتدت أيدي الدكتور سمير فرج إلي المنطقة المحيطة بها في ضوء خطة تطوير شاملة تعيد الوكالة إلي عصر ازدهارها ليتم تطوير الوكالة بالتعاون مع المجلس الأعلي للآثار.