تعرض التقييم:وفاء البرادعي نظرا لضرورة التعرف علي ملامح ومضمون منهج اقتصادات الازمة علي ارض الواقع والذي اعتمدته الحكومة المصرية في نوفمبر2008 متمثلا في برنامج التحفيز المالي والنقدي . لتجنب الاقتصاد المصري من تبعات الازمة المالية العالمية وللتنشيط بمقدار15 مليار جنيه بنسبة1,7% من الناتج المحلي الاجمالي خصص منه نحو13,3 مليار جنيه كبرنامج للتحفيز المالي بينما خصص1,7 مليار جنيه لدعم قطاعات التجارة والصناعة. فان برنامج التحفيز يستهدف ضخ انفاق حكومي في قطاعات ومجالات من شأنها دفع الطلب المحلي وتوفير التمويل اللازم للاعتمادات الاضافية باصدار الأوراق المالية من خلال اذون الخزانة والسندات. والسؤال الذي يثار حاليا هل مبادرة الحكومة المصرية بضخ نحو13 مليار جنيه كاعتمادات اضافية جارية واستثمارية خطوة جيدة أم غير كافية؟! فمن المعروف ان الاقتصاد القومي يمكنه استعادة عافيته في فترة بين ثلاث إلي خمس سنوات وحتي تتمكن سوق العمل في مصر من الاستجابة إلي الاتجاهات الايجابية للنمو. وفي تحليل برامج الانفاق التي يشملها الاعتماد الاضافي تشرح الدكتورة نجلاء الاهواني استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ان الاعتمادات الاستثمارية الاضافية التي تقدر بنحو10,5 مليار جنيه تستأثر بنحو79% من اجمالي الاعتمادات وتمثل زيادة قدرها25% فقط من الاعتمادات الاستثمارية المدرجة في الموازنة العامة وهو يعد غير كاف لمواجهة انخفاض معدل النمو الاقتصادي. وانه تم تخصيص أكثر من ثلثي الاعتمادات الاستثمارية بما يوازي68,4% لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي وهي من المشروعات غير كثيفة العمل اما مشروعات الطرق والكباري التي من المفترض ان تحقق هدف زيادة التشغيل فقد خصص لها مليار جنيه فقط وبنسبة لاتتجاوز9,5% من الاعتمادات الاستثمارية. كذلك فان الغالبية العظمي لهذا المبلغ خصص لطرق القاهرة والوجه البحري وان غالبية المشروعات المدرجة في برنامج التحفيز تمثل تطورا لمشروعات قائمة تعتمد في تنفيذها علي الآلات والمعدات المستوردة, كما ان اتمامها يستغرق وقتا طويلا يتجاوز المدي الزمني للبرنامج. ومن خلال المعطيات الواردة في البرنامج نجد انه تم تخصيص مايزيد عن60% من مشروعات التنمية المحلية للريف المصري بينما محافظات الوجه القبلي لم تحصل سوي علي38% فقط من هذه الاعتمادات. اما عن برامج الانفاق الجاري فقد اشتمل علي ثلاثة محاور هي دعم الصادرات المصرية والمناطق الصناعية بالدلتا والبنية الاساسية للتجارة الداخلية وحتي يحقق برنامج دعم الصادرات هدفه يجب زيادة المبالغ الاضافية الموجهة إليه من المستوي الحالي. وان اتجاه الحكومة إلي الاقتراض الداخلي يزيد من عجز الموازنة العامة للدولة والدين العام المحلي ويؤثر سلبا علي الاستثمار المحلي وعلي الاتجاهات التضخمية. وكان من الاجدر ان تلجأ الحكومة في تمويل الاعتماد الاضافي إلي وسائل اخري يأتي في مقدمتها الوفر المالي المتحقق من الاتفاق علي دعم السلع التموينية فضلا عن تحصيل المتأخرات الضريبية وايضا الضرائب الدخول الطفيلية وترشيد الانفاق العام. وقد يكون من المفيد ان نذكر ان32 دولة في العالم تبنت حزما للانقاذ المالي مع بداية الازمة العالمية مثلث1,4% من الناتج المحلي الاجمالي العالمي وجاءت الصين في مقدمة هذه الدول من حيث حجم برامج التحفيز المالي تليها السعودية وماليزيا ثم الولاياتالمتحدة. وقد شملت هذه البرامج ثلاثة مجالات رئيسية زيادة الانفاق علي السلع والخدمات العامة والبرنامج الثاني المساندة المالية للمستهلكين في صورة تحويلات نقدية مباشرة وتخفيضات ضريبية علي الدخول الشخصية اما الثالث فللمنشآت بتخفيضات ضريبية علي الارباح. وقد ابدت د. نجلاء الاهواني تحفظا بقولها اذا كان قد تم بالفعل ضخ أكثر من13 مليار جنيه خلال النصف الثاني من العام المالي2009/2008 فان ذلك يعني اتاحة اكثر من133 ألف فرصة عمل.. وهو ما لم يتحقق!! وعلي ذلك يجدر الحرص علي ان يتسم برنامج التحفيز المالي السنوي بتنفيذ المشروعات الواردة فيه بالسرعة الكافية ليؤتي ثماره وان يراعي في تحديد مشروعاته التوازن بين الريف والحضر وبين الوجهين البحري والقبلي مع التركيز علي اكثر المحافظات معاناة من ارتفاع معدلات البطالة كذلك من المهم ان تكون مشروعات التحفيز كثيفة العمل ويمكن ان يوجه من مخصصات هذه البرامج لبناء المدارس الجديدة وترميم القديم منها كجزء من متطلبات اصلاح احوال التعليم في مصر.