كانت بدايتي مع جهاز التعبئة والإحصاء منذ منتصف الخمسينات حينما انتدبت مع نخبة من أساتذة كلية التجارة جامعة القاهرة متخصصون في المحاسبة والاقتصاد والإحصاء لتعاون في برنامج كان يهدف إلي حصر الطاقات الإنتاجية في عدد من مجالات العمل الصناعي في مصر وما زلت أذكر أهمية النتائج التي حصلنا عليها ومن أهمها حجم هذه الطاقات الإنتاجية المتاحة والطاقات المعطلة في كل منها.. واستمرت علاقاتي بالجهاز ارجع إليه في الحصول علي البيانات والمعلومات التي ترتكز عليها دراساتي وبحوثي الأمر الذي جعلني أتابع التطورات والتحديث المستمر لما يقوم به هذا المركز القومي للمعلومات وكان حواري مع المسئولين بالجهاز ألا تكون الإحصاءات صماء, ولابد أن يكون جمع البيانات وتحليلها وعرضها مصطحبا بتفسيرات علمية تفيد القارئ والباحث علي حد سواء وها نحن اليوم في هذا المركز العملاق, نتابع إحصاءات السكان بصفة دورية, كما نطلع علي ما يصدره الجهاز من إحصاءات في مجالات عديدة وعلي رأسها إحصاءات الأسرة والدخل القومي ومعدلات النمو والتضخم والأسعار وغيره, مما يجعلنا نعايش التطورات في الاقتصاد القومي وما يصاحبه من إحصاءات عن الفقر والفقراء, وكل ما يتعلق بالتنمية الاجتماعية وأصبحت التعدادات التي يقوم بها الجهاز وما يقدمه من بحوث ودراسات علمية ومؤتمرات وندوات وحلقات نقاش إنما يؤكد أن الجهاز قام بنهضة علمية في مجال الإحصاءات, ولم يصبح عمله مقصورا علي عرض الأرقام بل أصبح ما يصاحب الأرقام من معاني خير دليل علي أهمية هذه الإحصاءات خاصة إذا تميزت بالشفافية والصدق والأمانة في الإفصاح.. ولا أقلل من دور الجهاز في مسائل التعبئة القومية, لأن مخزون المعلومات بما يملكه من إمكانيات آلية وبشرية إنما يؤكد أن دوره الرائد أصبح معلما يرجع إليه أصحاب القرار والباحثين في كل المستويات هنيئا للعاملين به وقياداتهم الحكيمة بما قدموا من علم ينتفع به, وما وفروا من إمكانات وآليات حديثة تجعل الجهاز علي قمة الأجهزة الحديثة في العالم ولقائد مسيرة هذا الجهاز اللواء ابو بكر الجندي والعاملون معه كل التقدير والعرفان. رئيس وزراء مصر الأسبق