66 يوما من المرارة.. من الحياة خلف الأسوار العالية.. من الابتعاد عن الحرية ونور الشمس.. أيام وليال من ظلام الجدران وسجن إبداع الفنان واحساسه المرهف الذي عبر عنه بريشته وخياله الخصب, فجسد تجربته المريرة كما وصفها الفنان التشكيلي محسن شعلان في نحو خمسين لوحة هي حصيلة هذه الأيام الطويلة برغم خسارته لأشياء كثيرة, وقبل وقت قصير من اطلاق سراحه واطلاق العنان لخيال الفنان داخله, حصلت الأهرام علي معلومات عن قصته مع السجن خلال هذه الفترة. ورصدت لحظة الفرحة علي وجوه أبنائه وأقاربه الذين ظلوا لساعات طويلة في انتظاره أمام قسم شرطة الدقي وكانت لحظات عصيبة علي شعلان وأسرته, فكلاهما لا يصدق أنه خرج من السجن, ذلك الكابوس الطويل الذي خيم علي حياتهم لأكثر من شهرين بملابسه البيضاء خرج شعلان مبتسما من قسم الدقي إلي منزله وأشارت المعلومات إلي انه سوف يعيد ترتيب أوراقة سعيا للبراءة أمام الاستئناف وإنه لم يدر بخلده ولو للحظة واحدة أن يكون متهما في هذه القضية لكنه في النهاية اكتشف أنه المسئول عن سرقة لوحة زهرة الخشخاش ولم يعلم بأن إبلاغه لوزير الثقافة بالسرقة سوف يكون سببا في الزج به الي السجن. 50 لوحة داخل السجن وعن أصعب اللحظات التي عاشها داخل السجن, أشارت المعلومات إلي ان لحظات السجن كلها كانت عصيبة, فهو كفنان مرهف الاحساس لم يتصور يوما أن يدخل هذا العالم المجهول الذي لم يشاهده إلا علي شاشات التليفزيون فقط وداخل السينما فإنه عالم غريب عليه, ولم يرتكب يوما أي فعل يري أنه سوف يؤدي به إلي السجن, ولكن في النهاية هي ارادة الله وهو امتحان ولكنه كان امتحانا قاسيا عليه ولم يتصور يوما أن يدخل مثل هذه الامتحانات الصعبة, ولكن يبدو دائما أن بعد المحنة منحة ومحنته كفنان تكون بإبداعه ولوحاتة فهناك داخل السجن تفجرت طاقاته واستطاع خلال66 يوما أن يرسم خمسين لوحة فنية رائعة اعتبرها أفضل ما رسمه طيلة حياته وهي تمثل الظلم والبؤس ونكران الجميل وحياة أشخاص بسطاء عايشهم داخل السجن, هذه اللوحات تمثلت في رسم لبعض شخصيات وفوق رؤوسهم الطير ولأشخاص فوق رؤوسهم الظلام الدامس وهذه اللوحات سوف يقوم فور خروجه من السجن بإعداد معرض كبير لعرض هذه اللوحات والتي يجزم بأنها سوف تجد قبولا من الفنانين والمبدعين وراغبي الفن الجميل لاقتنائها وأول شيء فعله عقب الافراج عنه من سجن طرة هو أن سلم هذه اللوحات لابنته لإعدادها من الآن استعدادا للمعرض الكبير. وعن تجربة السجن المريرة كما عاشها.. أشارت المعلومات أنه تعلم المقولة التي تقول ياما في الحبس مظاليم فهو يعتبر نفسه من هؤلاء المظاليم, كما أنه تقابل مع مجموعة كبيرة من الطوائف داخل السجن وعلي الرغم من أنهم ليسوا علي المستوي الثقافي لكنه تعلم منهم الصبر علي المصائب وأنه بعد المحنة منحة وبعد العسر يسر. وعن الذين قاموا بزيارته في السجن كشفت المعلومات عن قيام مجموعة من اصدقائه بزيارته باستثناء ثلاثة فنانين فقط جزي الله الشدائد كل خير فقد عرف بها العدو من الصديق ففترة السجن جعلته يعرف أشخاصا كثيرين كان يظن أنهم أصدقاءه ولكن التجربة القاسية أكدت له غير ذلك, ولكنه يردد وبمنتهي الحب والاخلاص أن أصدقاءه كثيرون وتلاميذه أكثر وجميعهم حضروا للاطمئنان عليه وهو لايريد أن يخص أحدا بالاسم فكلهم أوفياء وأصدقاء مخلصون. ويعتب شعلان علي بعض أصدقائه الذين تخلوا عنه وهم من الفنانين العظماء والأصدقاء ولكنهم في محنته لم يسألوا عنه ولم يزوروه وكانت صدمته فيهم كبيرة خاصة أنه اعتبرهم أصدقاءه والمحزن أن احدهم عندما قام ابنه بجمع توقيعات45 فنانا تشكيليا لاصدار بيان للتضامن معه رفض التوقيع علي البيان, مؤكدا أن صيغة البيان ليست دقيقة فهل يفعل الأصدقاء ذلك؟. والمعلومات تؤكد أنه سوف يعود إلي عمله بعد خروجه من السجن خاصة أن الحكم الذي صدر بشأنه لم ينص علي عزله من وظيفته وأنه بالفعل يعشق عمله وسوف يعود إليه وعودته له سوف تكون قريبا جدا حتي لو كانت هذه العودة ليوم واحد فإنها بمثابة رد الاعتبار له, كما إنه يعشق العمل في وزارة الثقافة فإنه لا يقدر مثل هذا العمل إلا فنان يعرف قيمة الفن ويحرص عليه. وأول قرار سوف يتخذه هو حماية المقتنيات الأثرية هو متابعة أي قرار يصدر منه حتي يتأكد من تنفيذه فما ذهب بيه إلي السجن إلا أننه اتخذ القرارات وظن أن مرءوسيه يتابعونها ولكنهم لم يفعلوا فكان مصيره السجن وهو البريء. وأوضحت المعلومات أن شعلان يحب الفنان فاروق حسني ويحترمه كفنان كبير وعظيم مرهف الحس والمشاعر يقدره كفنان كما يقدره غيره من الكثيرين وهو صديق له إلا إنه حتي هذه اللحظة لا يتصور ما حدث منه تجاهه, فهما كصديقين كانا يسيران في طريق واحد وكأن حفرة كانت أمامهما ففي مثل هذه الأحوال يقوم الصديق بإنقاذ صديقه ولكنه يبدو أن الصديق ألقي بصديقه هذه المرة في الحفرة علي الرغم من أننا نجد عمالا بسطاء يموت الواحد فيهم تلو الآخر داخل ماسورة الصرف الصحي لينقذ زميله وليس صديقه. وتعتبر زهرة الخشخاش بالنسبة لشعلان من أهم اللوحات التي تضمها المتاحف المصرية ومن أروع ما رسم الفنان فان جوخ وحرصه عليها كان شديدا وعلي جميع مقتنيات المتاحف ولكن الامكانات كانت العقبة الوحيدة التي كانت تلاحق المتحف وهو ما كان السبب الرئيسي في سرقة لوحة زهرة الخشخاش, ومازال الأمل يراوده بأنها سوف تعود ليتضح كل شيء وتذهب الغمة التي غطت علي قطاع المتاحف بوزارة الثقافة. وهل هناك من أنصفه خلال هذه المحنة؟ يعتقد شعلان أن من أنصفنه هي التحقيقات الإدارية التي أكدت عدم مسئوليته عن السرقة وأكدت أن هناك بعض الأشخاص الذين تم تعيينهم في أمن المتاحف صوريا ولكنهم يعملون كموظفين, ويعتقد أن هذه الأشياء سوف يستند إليها في الاستئناف وستكون من أسباب البراءة. وعن تفكريه في العمل خارج وزارة الثقافة؟ أشارت المعلومات عن تلقي عروضا من أماكن عديدة ورجال أعمال مشهورين أبرزهم رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي أكد أنه يعتز بأن يعمل معه وأن يضم فنانا مثله الي قائمة المبدعين الذين يعملون معه ولكنه في النهاية يريد أن يكمل مسيرته في العمل الذي يعشقه بين زملائه وتلاميذه في قطاع الفنون التشكيلية