كتب هاني عمارة: ما بين الإفلات من قبضة القراصنة وشجاعة المواجهة دقائق من الرعب والمعاناة, والإرادة الصلبة في عدم الاستسلام. تلك اللحظات الصعبة عاشها القبضان أحمد علام وطاقم السفينة ماردايف الشهر الماضي بعد خروجهم من باب المندب في البحر الأحمر, استحق عليها جائزة الشجاعة في يوم البحارة من قطاع النقل البحري. وفي اتصال هاتفي مع القبطان علام في أعالي البحار قال: إنه تلقي تعليمات بالسفر من أبوظبي إلي البحر المتوسط, وتحديدا قبالة السواحل التونسية. وهنا أيقن أنه سوف يعبر أكثر المناطق خطورة علي مستوي العالم بالنسبة لحركة السفن جنوب البحر الأحمر, لذلك بدأ يستعد لهذه اللحظة قبل عبورها بأسبوع. ويضيف أنه أصدر تعليمات لطاقم السفينة بإجراء مناورات وتدريبات يومية علي مواجهة القراصنة ليكون البحارة علي استعداد تام في حالة الهجوم, وحتي لا تأخذهم المفاجأة ويحدث الارتباك. وبعد7 أيام من الإبحار دخلت السفينة المنطقة الخطرة, وتحديدا علي بعد500 ميل بحري شمال السواحل الصومالية, وهنا بدأت الشركة المالكة تتابع الموقف لحظة بلحظة علي شاشات الكمبيوتر الذي يعمل عبر شبكة من الأقمار الصناعية. يكمل القبطان علام: أخطرنا القوات الدولية الموجودة في المنطقة بالعبور, وهي القوات التي تتولي تقديم المساعدة في حالات الخطر, وبدأنا نعلن حالة الطوارئ والاستعداد علي مدي الليل والنهار. وفي اليوم الأول من أغسطس, الساعة الثامنة صباحا, وهذا هو التوقيت المفضل لهجوم القراصنة حيث يكون طاقم السفينة في حالة استرخاء, والبحر في حالة هدوء, اقتربنا من جزيرة حنيش وبدأت تظهر في الأفق حركات لأحد اللنشات الذي يسير بسرعة في اتجاه السفينة. بدأنا التركيز والاستعداد بعد التأكد من أنه يحمل عددا من القراصنة بعد أن أصبح لا يفصله عن السفينة سوي ميلين بحريين, وبالتالي أصبحنا هدفا لهم. يقول القبطان علام: إن الوقت كان يمر بطيئا وصعبا, والقلق يبدو علي وجوه البحارة خوفا من الوقوع في قبضة القراصنة, غير أن التدريب الذي تم علي مدي الأيام الماضية أسهم في تحسين الموقف, وبث حالة الثقة في قلوب الجميع, والتصميم والإرادة علي المواجهة. بدأنا في تنفيذ الخطة المتفق عليها وهي استخدام منظومة إطفاء الحرائق, بالإضافة إلي القيام بمناورات عنيفة لحركة دوران السفينة وتغيير اتجاهات السير. يضيف أن خراطيم المياه الخاصة بإطفاء الحرائق لديها قدرة هائلة علي ضخ المياه بقوة اندفاع رهيبة, لمسافات كبيرة, بالإضافة إلي أن مناورات السفينة تؤدي إلي ارتفاع الأمواج وعندما اقترب لنش القراصنة من السفينة بدأنا نشعر بالخطر, إلا أن قوة اندفاع المياه وارتفاع الأمواج جعلا اللنش يتمايل في حركات سريعة وخطيرة, إلا أن القراصنة ظلوا يلاحقون السفينة, وبعد30 دقيقة من الصراع, وبينما تبحر السفينة بأعلي سرعة وهم يلاحقونها, بدأت المياه تندفع إلي داخل اللنش, وكادوا يتعرضون للغرق, فبدأوا يبعدون رويدا رويدا حتي استداروا إلي الخلف وانصرفوا وسط عناق البحارة فرحا بنجاتهم من الوقوع في قبضة القراصنة.