أكثر من ثلاثة أسابيع مرت كأنها دهر علي اختطاف أحد عشرة بحارا مصريا ضمن طاقم السفينة أ.م.في.سويس بواسطة قراصنة صوماليين أسر وأبناء وزوجات هؤلاء البحارة يعيشون تفاصيل المأساة لحظة بلحظة. والوقت يمر عليهم بطيئا كلحظات المخاض تملكهم الرعب والفزع علي مصير ذويهم وهم في قبضة قراصنة لايعرفون سوي لغة الدولار أو سفك الدنيا لايراعون شيخوخة الكبير أو براءة الصغير. الأهرام زارت بعض أسر هؤلاء البحارة المختطفين وتحدثت إليهم وعاشت معهم لحظات الموت فزعا وهم يحاولون تلمس أمل جديد عبر الفضائيات ووسائل الإعلام يصرخون من الألم ولسان حالهم يقول هل يستجيب المسئولون ويتدخلون للإفراج عن البحارة خلال شهر الصوم بينما براءة الأطفال تقول نفسنا نشوف بابا قبل العيد. السفينة تم اختطافها أثناء رحلتها من باكستان إلي إريتريا وعليها17 ألف طن من الأسمنت حيث أختطفها القراصنة في مشهد درامي كأفلام هوليود, فالسفينة كانت ضمن قافلة الحماية الدولية البحرية والقطع البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ولكن وطأة المأساة تجسدها معاناة أسر البحارة في ظل انقطاع الاتصالات تارة وانقطاعها تارة أخري خاصة أن أهالي المختطفين يسمعون أجراس الهواتف ولكن دون رد من البحارة أو المختطفين الذين ربما يكونون قد صادروا التليفونات المحمولة حتي جاء الاتصال علي تليفوناتهم الأرضية بالمنازل لأنه يبدو أن القراصنة منعوهم من الأتصال عبر الهواتف المحمولة لتأمين تحركاتهم وعدم تعقبهم.. ولكن مايزيد من معاناة أسر البحارة السؤال الذي لايكف علي لسان كل طفل وطفلة يسأل أمه امتي بابا يعود وهل سيقتل القراصنة بابا اسئلة ترتجف معها القلوب وتدمع العيون.. إزاء صمت المجتمع الدولي عامة والمسئولين في بلدنا بصفة خاصة. وصاني علي الأولاد فوزية السيد عرفة زوجة البحار محمد غريب تقول: الحزن يخيم علي البيت والأولاد ملهمش نفس لأي حاجة حتي يطمئنوا علي أبويهم صحيح احنا متعودين علي سفره لفترات طويلة وهو يعمل في البحر منذ15 سنة إلا أن دي أول مرة نشعر فيها بخوف حقيقي ورعب عليه وندعو الله في الأيام المفترجة ان يفك كربه هو وزملاؤه. وقالت أمي طلبت مني ان أذهب إليها في الإسماعيلية لكن الأولاد رفضوا مغادرة المنزل حتي يطمئنوا علي أبيهم وربنا يعلم بظروفنا حتي أن الجيران يتابعون معنا أي خبر عن السفينة وهي أول مرة زوجي يصعد عليها لكن بقاله3 سنوات في شركة البحر الأحمر وكان مرة سافر إلي الهند8 شهور لكن كل رحلاته كانت آمنة ولم نشعر بتهديد القراصنة. وقالت اللي مطمني أن المكالمة الوحيدة كان صوته هادئا والأصوات من حوله تؤكد انه علي ظهر السفينة. وقالت أدعو الله أن يرجعه لنا بالسلامة فهو كان دائما يوصيني علي رعاية الأولاد حيث كان يتصل بنا كل يوم قبل خطف السفينة. وقالت هو كان عامل حساب لي بالبنك حتي تقوم الشركة بتحويل المرتب عليه خوفا علي تعبي في الصرف علي الأولاد, وقالت غادة محمد غريب ان إدارة الشركة طلبت من أهالي البحارة الصبر ولكن إلي متي كل يوم نقرأ خبرا جديدا مرة نفرح بالأخبار السارة وقرب نجاح المفاوضات وفي جريدة أخري نقرأ خبرا مخالف تماما يرعبنا ويجعلنا في حالة خوف علي مصير بابا وزملائه ودي أول مرة أشعر بهذا الخوف والقلق علي بابا منذ وعيت علي سفره علي المراكب واحنا دايما بنتصل بزوجة الباشمهندس وائل صلاح مهندس السفينة وهما في السويس معانا نتابع الأخبار معاهم وكنت أنا وأخواتي غريب(15 سنة) ومصطفي(10 سنوات) ويوسف وإسراء(3 سنوات) توأم بنخاف ونشعر بالقلق لما نعرف عمو صلاح أتصل بزوجته وكانت بتطمنا لكن كنا نسأل ليه بابا ما أتصلش بينا زي عمو صلاح إلي أن فوجئت باتصال ترنك علي التليفون الأرضي للبيت من يومين وكانت فرحتي لاتوصف وأنا أسمع صوت بابا وطمني جدا وأخواتي فرحوا قوي وماما خطفت التليفون والدموع في عينيها لكن كانت متماسكة عشان تطمنا وقال لها خدي بالك من الأولاد ولكن الاتصال كان قصير جدا. المرتبات لم تصرف لكن الغريب هو موقف الشركة عدم صرف المرتبات واحنا في شهر رمضان صحيح بابا مش مخلينا عايزين حاجة لكن نشعر بتكاتف أصحاب الشركة معنا وكل شوية يطالبونا بالتزام الصمت حتي تنتهي المفاوضات مع القراصنة. وتسأل يعني العالم كله مش قادر عليهم حاجة غريبة؟ وتقول تهاني محمد فريد( ربة منزل) شقيقة البحار عبد الرحيم محمد فريد من أسيوط فقد فوجئت باتصال شقيقها ايضا علي تليفونها الأرضي وكانت فرحتها غامرة وقال لها عبد الرحيم إن جميع طاقم السفينة الباكستانيين والمصريين والهنود واليمنيين بخير وطلب منها الدعاء حتي يفك أسرهم وقامت تهاني بالاتصال بأسرة أخيها وطمأنتهم عليه ولم يكن اتصال فريدة بشقيقها فقط وإنما أيضا ابن أختها هاني بحري أيضا علي السفينة وطلب منها أن تطمأنهم في البيت عليه لأن رقمها الأرضي هو الوحيد الذي نجح في استقبال الاتصال من شقيقها وأخبرها أن القراصنة سمحوا لهم بالاتصال بأسرهم خاصة أن السفينة عليها بحارة من خمس دول وحتي يعطوا مصداقية للمسئولين المصريين والإريتريين الذين يتفاوضون بأنهم يرعوا البحارة وقال إنهم يصومون جميعا وإن القراصنة يقدمون لهم الأكل بانتظام. لكنه سمع من قرب نفاذ وقود السفينة لأنها شغالة منذ أن استولي القراصنة عليها, أما زوجة المهندس وائل صلاح السيدة آمال( ربة منزل) فهي أكثر واحدة تلقت اتصالا من زوجها ثلاث مرات لكن كل مرة كان في حالة نفسية مختلفة كالموج ويبدو أن حالته كانت مرتبطة بمدي صعوبة المفاوضات بين المسئولين الإريتريين ومشايخ الصومال ووسطاء القراصنة فتقول السيدة آمال إنها رغم اتصالات زوجها إلا أنها تشعر بالقلق والخوف عليه وتأمل في رحمة الله لحل الأزمة قريبا لكن العملية محتاجة من المسئولين جهدا مضاعفا واشمعنا سفينة سوريا أطلق القراصنة سراحها بسرعة. وتضيف ودموعها تنساب علي خديها أنا وأولادي حسنين(11 سنة) وخلود(8 سنوات) ومرتبطتان بوالدما جدا إحنا كلنا معتمدين عليه في كل شيء حتي توصيل الأولاد للمدارس. وقالت هو دائما بيقول ادعوا لنا وسط حالة من البكاء وقالت خلود أنا كنت خايفة علي بابا في آخر سفرية لدرجة أني طلبت منه عدم السفر وهو بيجهز شنطته لكنه قال لي لن أتأخر وجاي عشان أوصلك المدرسة وعادت السيدة آمال لتقول المشكلة في غياب زوجي ليست نواحي مالية فالحمد الله مستورة لكن أنا بأستغرب علي موقف الشركة السلبي والغامض لكن عموما ربنا يحلها من عنده ويعودوا جميعا سالمين لبيوتهم. المفاوضات مستمرة من ناحية أخري يواصل الوفد الرسمي الاريتري للشركة المالكة لشحنة الأسمنت مفاوضاتها مع المشايخ الصوماليين ووسطاء القراصنة بالصومال بميناء يوصاصو الصومالي وهو أقرب مكان بري لمنطقة اختطاف السفينة بالبحر حيث يبعد50 ميلا, في الوقت نفسه اتخذت شركة البحر الأحمر المصرية المؤجرة للسفينة إجراءاتها تجاه شركة مصر للتأمين المؤمنة لديها علي السفينة ضد القراصنة. وتردد أن الفدية التي يطلبها القراصنة تتراوح بين600 ألف ومليون دولار حيث ان هناك خبراء لدي القراصنة يقدرون قيمة السفن وشحنتها وإن الحفاظ علي أرواح طاقم أي سفينة يخطفونها إحدي المهام الأساسية لأفراد القراصنة علي متن هذه السفن ليكونوا أداة ضغط علي ملاك السفن والجهات التابعين لها. لكن المفاوضات علي دفع الفدية لم ترق للحسم وأسرارها بين رئيس شركة البحر الأحمر المصرية عبد المجيد مطر المؤجر للسفينة من ملاكها اليونانيين حيث إنها ترفع علم بنما وليس لها علاقة بكون عليها مصريين من عدمه وبين أصحاب الشحنة الاريتريين وهي شركة حكومية تضم مسئولا كبيرا بالبنك المركزي الإريتري الذي تتفاوض مع المشايخ الصوماليين ووسطاء القراصنة ويسعون إلي حل الأزمة لكن السؤال من سوف يسدد الفدية أيا كانت هل الشركة المصرية المؤجرة أم شركة البحر الأحمر الاريترية الحكومية صاحبة شحنة الأسمنت أم شركة مصر للتأمين المؤمن لديها علي السفينة من قبل شركة البحر الأحمر المؤجرة المصرية بقيمة لاتتجاوز3 ملايين دولار انه فعلا مازال لغزا يحتاج تدخلا رسميا عاجلا لحماية وتحرير احدي عشر رهينة يواجهون الموت في كل لحظة.