خلال ساعات سيضع المستشار عبد المجيد محمود النائب العام جميع الحقائق أمام الرأي العام حول جريمة نجع حمادي, ومن المتوقع أن يعلن النائب العام قرار الإتهام في هذه القضية, والتي شغلت الرأي العام طوال الأيام العشرة الماضية. وظهرت محاولات عديدة لاستغلال الموقف من جانب بعض الأطراف لخدمة قضايا بعينها والأكثر من ذلك الاتهامات التي نسبت لمحافظ قنا نفسه ولأعضاء في البرلمان ولغيرهم, دون أن يكون لدي أي من هؤلاء الذين وجهوا اتهاماتهم دليل واحد, بل يبدو أن الانتقام وتصفية الحسابات كانت هي الدافع الرئيسي. سيقول النائب العام, الذي نثق فيه جميعا, كلمته في البيان الذي سيصدر في الساعات القادمة, بإحالة المتهمين الثلاثة للمحاكمة وهم: محمد الكموني وهنداوي محمد وقرشي أبو الحجاج, والذين ثبت من خلال التحقيقات إرتكابهم الجريمة التي راح ضحيتها عدد من المواطنين بمدينة نجع حمادي, فالمتهم الأول الكموني وشريكاه يواجهون عقوبة الإعدام طبقا للاتهامات المتعلقة بالقتل العمد مع سبق الاصرار والأشتراك والمساعدة في ترويع حياة الآمنين, وقطعت التحقيقات الشكوك التي كانت لدي البعض عن وجود مؤامرة أو تواطؤ مع الجناة, ومايمكن قوله أنه لاعلاقة لأحد من قريب أو بعيد بهذه الجريمة, فالنائب عبدالرحيم الغول ليس طرفا فيها ولم يحرض علي قتل أحد كما تؤكد المعلومات, وعلاقته بالمتهم الأول تماثل نفس العلاقة التي تربط عددا كبيرا من الأقباط وعلي رأسهم الأنبا كيرلس نفسه بالمتهم, وليست هناك دوافع لكي يقوم أي مسئول أو برلماني بتحريض مجرم لكي يرتكب جريمة قتل, وما توافر لدي النيابة العامة طوال الأيام الماضية من أقوال للمتهمين والأدلة الفنية أكدت أن الجريمة خطط لها المتهم الأول بنفسه وهو المحرض عليها. والقراءة الموضوعية لهذه الجريمة النكراء تكشف أن هناك موروثات وعادات في الصعيد لايمكن تجاهلها مهما اختلفت الثقافات بين المواطنين, وبسهولة يرتكب أي شخص جريمة قتل إما للثأر أو بدافع الشرف, وهي من القضايا التي يجب التعامل معها ودق ناقوس الخطر لأنها ستتكرر في ظل حالات الرصد للصور لفتيات في أوضاع مخلة ويتم تداولها عبر الموبايلات, لكن تطبيق القانون هو الفيصل لمنع تكرار هذه الجرائم, والقصاص العاجل من القتلة يجب أن يتم في أسرع وقت, قصاصا لأبناء الوطن الذين سقطوا ضحايا رصاصات غادرة, دون أن يرتكبوا جريمة. تحرك الجميع لرأب الصدع ودرء الفتن التي أراد نفر من المصريين في الداخل والخارج استغلالها لصالحهم, فتحرك النائب العام بنفسه إلي نجع حمادي ليقف علي تفاصيل الجريمة ويحقق ويتابع كل صغيرة وكبيرة فيها وهو أمر يحسب للرجل والذي تكون حركته بقدر الحدث الجلل, فلديه الاهتمام الكبير بتحقيق العدالة وليري بنفسه ما حدث علي الأرض وكيف وقعت الجريمة والتصور الكامل لها والأبعاد المختلفة, وهذه الحركة تمنح محامي الشعب الثقة في قراراته, وبالتالي فإن ما ستنتهي إليه التحقيقات يقطع الأقاويل والشائعات التي طالت البعض من أبناء الوطن, مثلما فعلت النائب البرلمانية جورجيت قليني عندما اتهمت محافظ قنا مجدي أيوب وزايدت علي الرجل في البرلمان رغم أنهما قبطيان لكن يحاول البعض تصدير قضايا ومشاكل داخلية فيما بينهم وتوجيه التهم لهذا أو ذاك, وكانت أكثر السهام توجه للمحافظ مجدي أيوب ووصل الأمر للمطالبة بإقالته من منصبه في سابقة فريدة, فهو المحافظ القبطي الوحيد, وكل من يعرفه يشيد بنزاهته وحكمته وعدم التفرقة بين المسلمين والأقباط, لكن يبدو وأن بعض الأشخاص كانوا يريدون من المحافظ أن يخترق القانون ويتصرف في قنا من وراء ظهر المسئولين وأن يتجاوب مع المطالب الكثيرة سواء لبناء كنائس والترميم والقيام بإنشاءات معينة, ولأنه ملتزم بوضعه وموقعه وعدم استغلاله رفض المطالب القبطية المتكررة, فأنهالت عليه السهام وأستغل الجميع هذه الجريمة وبدأت المطالبات بإقالته وكأن مايحدث من الأخوة الأقباط هو بمثابة توجيه عام, لكي ينتقموا من محافظ قنا, وفي تقديري إن الرصد لهذه الحالة وتلك المزايدات هو ضد الوطن وليست في صالحه, ولجوء البعض لطلب التدخلات الخارجية وغيرها من الضغوطات التي تمت مؤخرا يشير إلي محاولات استغلال جريمة نجع حمادي للحصول علي مكاسب, يمكن تنفيذها ويتم ذلك دون هذا الضجيج والصخب, ولسنا في مجال المزايدة علي غضب المسلمين مثل الأقباط تماما علي سقوط هؤلاء الضحايا, لكن الأمر يتطلب من الجميع مراعاة مصالح وطننا جميعا واحترام القانون وعدم القفز علي النتائج مثلما تحدثت النائبة جورجيت قليني بأن ماحدث نتيجة أبعاد دينية وطائفية, وكانت توجه حديثها لمحافظ قنا القبطي مجدي أيوب والذي نفي ذلك تماما ولم تتواني في أن تقول له أنت كذاب وهتروح النار, بكل هذه السهولة تتهم النائبة المصرية ممثلتي في البرلمان مواطنا دون النظر لموقعه بالكذب, وهذه الحالة التي ظهرت عليها النائبة ربما تكشف أن هناك خلافات داخل الكنيسة تدفع أجنحه بعينها للهجوم علي مسئولين ورجال دين مثلما هاجمت نفس النائبة الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي وهذا مالانراه من قبل بالتنابذ بالألفاظ بين أبناء الدين الواحد, فأتهمت رجل الدين كيرلس بالتعرض لضغوط بسبب تراجعه عن مواقفه في هذه الجريمة, والسؤال: من الذي يجبر رجل دين علي التراجع وكيف يتعرض لضغط وهناك ضحايا سقطوا بالرصاص؟! وما الدافع وراء قيام النائبة جورجيت بمهاجمة المحافظ القبطي ورجل الدين القبطي؟! ومثل هذه النوعية من الخلافات داخل الكنيسة يجب ألا تستخدم لتصفية حسابات ومواقف خارجها خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمصلحة وطن, ومن يريد أن يدعم موقف جناح ما داخل الكنيسة فيجب ألا يوجد نزاعات طائفية أو استغلال أحداث لتسجيل نقاط تصب في مصلحة طرف لكن في النهاية الثمن سندفعه جميعا, ولدي ثقة كبيرة في قداسة البابا شنودة الثالث بصفته رأس الكنيسة القبطية المصرية أن يعمل وكما نتمني ذلك منه علي رأب الصدع داخل الكنيسة حتي لاتظهر الخلافات الداخلية علي السطح ويكون تأثيرها سلبيا علي الوطن, وقداسة البابا لديه من الحنكة والحس الوطني مايمكنه من درء هذه المخاطر وتصحيح الأوضاع التي تحاول بعض الأجنحة اختلاقها أو سكب البنزين علي النار, فلا نجد في أي دولة من يوجه أصابع الاتهام لآخرين في جريمة قبل أن يقول القضاء كلمته, وقد تكون النائبة جورجيت تسرعت وهي تتهم المحافظ والأنبا كيرلس, صحيح هي نائبة وطنية ولديها الحق في الغضب لكن عليها مسئولية تجاه الوطن, فدورها في مجلس الشعب ليس لخدمة الأقباط فقط بل لكل المصريين مسلمين وأقباط, وهذا ما نراه في النائبة إبتسام حبيب فهي تتعامل وتعمل وتقدم مشروعات قوانين وتتبني قضايا تخص المجتمع ولم نجدها يوما تتحدث بنزعة فئوية أو طائفية. نحن نريد أن يكون تمثيل الأقباط في البرلمان المقبل أكبر من الحالي, وهذا حقهم وعليهم الدفع بكوادرهم الناجحة في الدوائر المختلفة, لكن النائبة جورجيت قليني لم تكن هذه المرة علي صواب..! المواطنة بين الجميع أفعال وليست أقوالا, وحب الوطن يحتاج إلي التعبير الصادق عنه, ولدينا الكثير من أبناء مصر من الأقباط الذين يقدمون خدمات جليلة لهذا الوطن ويخافون عليه ويضحون من أجله, وهؤلاء لديهم المكانة ويحظون بالأحترام, لكن نفر قليلا نجدهم يستغلون الأحداث في اللجوء للخارج وينشرون البيانات التحريضية في الصحف ووسائل الاعلام المختلفة ويفبركون القصص ويهاجمون الدولة ويلجأ هؤلاء للتصعيد وتبني المواقف ووضع الشروط والمطالب, ومثل هذه القضايا تدفع آخرين شركاء في الوطن من المسلمين للذهاب لأبعد من هذا, خلاصة القول, يجب وضع جريمة نجع حمادي في مكانها الطبيعي, فهي جريمة فردية ارتكبها مسجل خطر, وهذا ما تكشفه التحقيقات في تلك القضية, وخلال زيارة نواب البرلمان من ممثلي الشعب والشوري إلي نجع حمادي ومقابلتهم اللواء مجدي أيوب محافظ قنا والأنبا كيرلس والأنبا بيمن واللواء عدلي فايد, استمعوا إلي شرح كامل من كل هذه الأطراف حول ما حدث وحقيقته, ومن أبرزها: * أن الكنيسة لم تكن مستهدفة بالمرة من الجناة, بل إطلاق الرصاص في المرة الأولي علي مسافة100 متر منها, وفي الثانية علي مسافة400 متر. * هناك مشكلات وقضايا يجب حلها بهدوء. * الوطن لجميع مواطنيه مسلمين ومسيحيين لاتفريق بينهم والكافة أمام القانون سواء. * هناك من يستغل هذه الأحداث ضد مصر سواء التي وقعت في رفح واستشهاد الجندي أحمد شعبان, أو أحداث نجع حمادي. * ضرورة تكاتف أبناء الوطن الواحد ضد المحاولات التي تستهدفه. * ألا تمر هذه الجريمة دون عقاب للمجرمين وتطبيق القانون علي الجميع بدون استثناء. * أن الأجهزة الأمنية تؤدي دورها كاملا ولم يكن هناك تقصير أدي لوقوع هذه الجريمة, بل كان سرعة التحرك الأمني وتطويق مكان هروب الجناة سببا في القبض عليهم وتقديمهم إلي النيابة العامة. وخلال اللقاء الذي جمع ممثلي البرلمان وكان بينهم الدكتور إدوارد غالي, واللواء طيار أمين راضي وإبتسام حبيب, شرح اللواء مجدي أيوب محافظ قنا علي مدي3 ساعات الجريمة التي وصفها بالمروعة والنكراء, وقال إن المتهم الأول ليس له انتماءات سياسية بل مسجل خطر ولا علاقة له بالجماعات, وسبق إعتقاله وأفرج عنه عام2004, ويوم القداس كانت هناك خدمات أمنية حول جميع الكنائس, ولم يكن ثمة تقصيرا من جانب الشرطة لأن الجريمة وقعت بعيدا عن الكنيسة, فيما شرح الأنبا كيرلس والأنبا بيمن ما حدث وتحدثا عن المشاكل الموجودة وكانت لدي كل منهما طلبات وشكاوي تركز معظمها في ضرورة الانتهاء من قانون دور العبادة الموحد, وأمور كثيرة التي سمعها عدد من هؤلاء النواب من أقباط المهجر خلال زيارة لهم للولايات المتحدةالأمريكية مؤخرا, وشرح اللواء عدلي فايد واللواء طه الزاهد, الموقف الخاص بالجناة, خاصة المتهم الأول, وفي الرد عن السؤال الذي طرح علي مسئولي الأمن من جانب ممثلي البرلمان, حول سبب الأفراج عن المتهم الأول وعما إذا كان هناك دور للنائب عبدالرحيم الغول, فجاءت رواية مسئولي الأمن بأن الكموني أفرج عنه منذ2004, وحتي تاريخ ارتكابه الجريمة لم يكن لديه نشاط إجرامي ولم تسجل ضده وقائع جنائية, سوي قضية تبديد لمنقولات زوجته عام2008, وطوال الفترة الماضية كانت لديه علاقات مع الكثيرين في المدينة وأفتتح صالات للعب الحديد, ولم تكن له علاقات نهائيا بالجماعات, ولم يتدخل عبدالرحيم الغول في الافراج عنه, نظرا لأن عملية الأفراج من الاعتقال تتم حال انتهاء المبررات وهذا ما حدث بالنسبة للكموني. ومن المفارقات التي حدثت خلال عمل ممثلي البرلمان أن ما تحصلوا عليه من معلومات من جميع الأطراف أكدت أن الكموني كانت تربطه علاقة بالنائب عبدالرحيم الغول وهو لا ينكرها, ونفس الشيء بالأنبا كيرلس, وأكثر ما لفت الانتباه خلال اللقاء مع أسقف نجع حمادي عندما تحدث عن الكموني وذكره بالأسم وقال: إزاي الكموني كان رايح يخطب يوم الثلاثاء ويرتكب الحادث يوم الأربعاء وزواجه حدد له السبت؟!, وهذه المعلومات التي ذكرها الأنبا كيرلس تدفع للتساؤل من أين أتي بها؟!, لكن المؤكد أن الكموني كان بالفعل سيخطب فتاة في نفس اليوم الذي ذكره كيرلس لكن أهلها رفضوا الموافقة علي الخطوبة. سألت مثل غيري: لماذا يكره الأقباط المحافظ القبطي الوحيد؟! الاجابة لم تكن سهلة, فهناك من يري أن مجدي أيوب عندما أسندت له مسئولية محافظة قنا لم تكن لديانته فقط بل لمصريته ووطنيته فالرجل عمل في الشرطة سنوات طويلة ومن يزره لأول مرة لا يمكن معرفة هل هو مسلم أم مسيحي, فهو مسئول ينفذ القانون بعيدا عن الديانة, وغريبة تلك الاحتجاجات حدثت في نجع حمادي والكاتدرائية بالعباسية وتطالب بإقالته من موقعه, فلا يمكن لمسئول التجاوب مع آية مطالب لخدمة معتنقي هذه الديانة أو تلك, فهو يتعامل مع الجميع كأبناء لهذا الوطن وينحي الديانة جانبا, صحيح هناك مطالب يمكن البحث فيها والخاصة بإصدار قانون دور العبادة الموحد ليتم تطبيقه علي المساجد والكنائس علي حد سواء, ومثل هذه الأمور يجب حلها من الجذور ولا يصح أبدا أن يكون هناك تمييز بين المصريين, فالجميع يدافعون عن الوطن واستشهدوا معنا في الدفاع عن تراب بلدنا ولديهم من يعملون في مواقع أو أجهزة ويجتهدون ويخلصون, لكن هذا لا يعني أن ترفع اللافتات التي تحمل عبارات تتجاوز الحدود واللياقة, فالوطن لنا جميعا وعلينا مسلمين وأقباط مراعاة مصالحنا بلا مزايدات.