في عام1972 جاء قانون تنظيم الجامعات المصرية ليطبق نظاما لشغل منصب عميد الكلية في الجامعات عن طريق الانتخابات السرية بين الأساتذة بحيث يختار كل أستاذ ثلاثة أسماء يراهم يصلحون لعمادة كليته ويختار رئيس الجامعة أحد الثلاثة الأوائل في هذه الانتخابات لشغل منصب العميد وكانت العادة المطبقة هي أن يختار الحاصل علي أعلي الأصوات عميدا للكلية.. ومع تطبيق هذا القانون بدأت الأحلام تتزايد في أن تطبق الانتخابات علي مقعد رئيس الجامعة فيختار الأساتذة أو العمداء من يرونه صالحا من زملائهم لشغل منصب رئيس الجامعة.. ومضت أعوام والأساتذة يحلمون بهذه الخطوة ولكن للأسف بدلا من أن يتحقق حلم خطوة أخري للأمام إذا بالوزير المسئول عن التعليم في التسعينيات يقتل هذا الحلم ويعود بالجامعة عشرين خطوة للوراء وبدلا من أن تكون أحلام الأساتذة هي المشاركة في انتخاب رئيس جامعتهم إذا بالوزير في ليلة سوداء ينتزع من مجلس الشعب تعديلا للقانون يلغي به أساسا انتخابات العمادة ليصبح شغل منصب عميد الكلية بالتعيين.. ولم تعد أحلام الأساتذة هي انتخاب رئيس الجامعة بعد أن تراجعت للوراء ليصبح المأمول هو العودة مرة أخري إلي انتخاب العميد.. والحقيقة أن الوضع يزداد تراجعا للخلف بعد أن أصبح شغل المناصب القيادية في الجامعات يخضع لاختيارات الدكتور وزير التعليم العالي شخصيا.. وطبعا لدي الوزارة والوزير معايير وضمانات وضوابط وقواعد وكل ما تريده من مصطلحات ولكن تبقي الحقيقة الوحيدة المؤكدة في هذا الموضوع وهي أن الأمر أساسا مرهون برضا السيد الوزير أو في أحسن الأحوال باقتناع سيادته.. ولأننا رضينا بالهم فمن الطبيعي ألا يرضي الهم بنا.. يعني بعد أن رضينا بأن يكون شغل هذه المناصب بالتعيين الذي كان يجري عادة بالاختيار بين عدد محدود ومعروف من الأسماء من نواب رئيس الجامعة مثلا والذين هم أكثر الأسماء المرشحة عادة ومنطقا لشغل منصب رئيس الجامعة لأن تجاوزهم يعني الشك في صلاحيتهم لشغل منصب نائب رئيس الجامعة من الأساس.. بعد أن كان الأمر كذلك جاء عهد الدكتور هاني هلال حفظه الله ورعاه وأصبح شغل منصب رئيس الجامعة مع مراعاة معايير وضوابط وقواعد سيادته يأتي مفاجأة للجميع فنواب رئيس الجامعة لا يخطرون علي بال سيادته أو قد يرسبون في الاختبار عند خلو منصب رئيس الجامعة.. فقد سن الدكتور هاني هلال حفظه الله سنة وابتدع بدعة ليس لها مثيل في جامعات العالم وهي أن يجري الوزير شخصيا اختبارات يختار فيها من يراه يصلح لشغل منصب رئيس الجامعة أومن يصلح لأن يكون نائبا لرئيس الجامعة بل وأحيانا يجري هذه الاختبارات الشخصية عند تعيين عمداء بعض الكليات ذات البريق كالطب مثلا.. وأصبح الأستاذ الذي ارتضي لنفسه أن يخضع للاختبار هو صاحب الفرصة الأكبر في التعيين رئيسا للجامعة.. وبالمناسبة فإن ما سبق ليست له علاقة بما يردده المغرضون عن أن الوزير أضاف معيارا جديدا تبين بعد تعيين الوزير لسيدتين فاضلتين الأولي لرياسة جامعة الإسكندرية والثانية لرياسة جامعة طنطا وهما الدكتورة هند للإسكندرية وبعدها الدكتورة هالة لطنطا في اطار المعيار الجديد وهو حرف الهاء في أول اسم كلتيهما باعتبار أن الدكتور الوزير يبدأ اسمه هو الآخر بحرف الهاء.. فهو هاني وهما هند وهالة وأن التعيينات القادمة لرؤساء الجامعات سوف تتضمن الدكاترة هيثم وهايدي وهيفاء!!.. والمهم أن شغل منصب رئيس الجامعة أصبح في يد الوزير يختار من يشاء ويستبعد من يشاء والنواب والعمداء والأساتذة ينتظرون اقتناع الوزير بهم ويجلس كل منهم حالما بالنجاح في الاختبار أو المقابلة الشخصية.. يعني باختصار نحن نتراجع للخلف بانتظام وبسرعة وفي ظل المتغيرات الجديدة التي شهدتها مصر أصبح الأمر يستدعي إعادة النظر فليس من المنطقي أو المعقول أن يصبح شغل أرفع منصب في الدولة وهو منصب رئيس الجمهورية يتم عن طريق الانتخاب الحر المباشر في حين يظل أساتذة الجامعات لا يمارسون دورا في اختيار عميد الكلية أو رئيس الجامعة.. وإذا لم يكن أسلوب الانتخابات هو الأمثل لشغل المناصب الجامعية فإن أسلوب التعيين أيضا هو الأسوأ وفي هذا الصدد لماذا لا نسأل ماذا تفعل جامعات العالم من حولنا لاختيار قياداتها الجامعية؟! [email protected] المزيد من مقالات لبيب السباعى