كان من الممكن ان نتهم شركة الطيران التي اضاعت حقائب بعض الركاب القادمين من القاهرة إلي جزيرة مايوركا, مرورا بباريس وبرشلونة بانها شركة طيران من العالم الثالث. وكان من الممكن ان نتصور أننا في مطار من العالم الثالث, عندما تكدس الركاب في صفوف بلا نهاية امام مكاتب شركات الطيران لتسجيل الدخول, في انتظار عودة الكهرباء لتشغيل اجهزة الكمبيوتر للحاق بطائراتهم, او عندما توقف الركاب أكثر من ثلث ساعة عند مكاتب الجوازات في انتظار الموظفين الذين سيتسلمون العمل من زملائهم الذين غادروا المكان عند انتهاء فترة عملهم, غير مبالين بصفوف الركاب الذين تكدسوا امامهم وفي عيونهم لهفة لعبور الخط الاصفر واللحاق بطائراتهم قبل فوات الأوان. وحتي هؤلاء الذين تمكنوا من اللحاق بطائراتهم علي الشركة العالمية كان عليهم الانتظار داخل الطائرة لاكثر من ساعة إلي ان يأتي عليهم الدور لكي يقودهم موظفو برج المراقبة للتحليق بعد ان انخفضت نسبة الموظفين العاملين في البرج بسبب اضراب عدد كبير منهم عن العمل,ولم يعد الركاب داخل الطائرة يستطيعون التمييز بين شركة من العالم الثالث أو اخري من العالم الأول, فالجميع يتساوون في تلك اللحظة حينما يجلس الراكب لاكثر من ساعة بلا ماء أو تهوية مسجونا في مقعده لايعرف متي يخلصه موظفو برج المراقبة من محنته, وعندما حلقت الطائرة اير باص احدث طراز, في الهواء لم يتوقع الركاب ان يتسبب خلل في شبكة الكمبيوتر داخل الطائرة في حرمانهم من متعة اختيار فيلمهم من مجموعة عريضة من الافلام التي تعلن عنها الشركة في مجلتها, ولم يستطع اي من المضيفين ان يجب علي احد الركاب عندما قال لهم: لقد دفعنا ثمن الحصول علي الخدمات التي تعلن عنها الشركة. لا.. لم تكن شركة طيران من العالم الثالث, ولا المطار في اي من الدول النامية ولكنها كانت شركة اير فرانس, احد اكبر الشركات في العالم والمطار هو مطار شارل ديجول بباريس,. فعندما اضاعت شركة الطيران الحقائب في مكان ما بين القاهرة وباريس وبرشلونة ومايوركا, اضاعت معها فكرة معينة عن شركات ومطارات تملك كل الامكانات المادية, وتتعامل مع احدث ما تقدمه التكنولوجيا التي تؤهلها لان تمنح الراكب الخدمة التي دفع ثمنها مقدما.