ما أشبه الليلة بالبارحة.. مقوله قفزت الي أذهان الكثيرين ممن تابعوا مباراة افتتاح كأس الامم الافريقية بين انجولا ومالي التي انتهت بتعادل مثير4/4. التعادل في حد ذاته لم يكن مثيرا ولا النتيجة الكبيرة والاهداف الثمانية. ولكن المثير حقا هو السيناريو الذي سارت به احداث اللقاء العجيب الذي كان بطله البرتغالي مانويل جوزيه المدير الفني لمنتخب انجولا صاحب الارض والجمهور, وكان من المفروض ان يكون صاحب الفرح أيضا, الا أن جوزيه حول الفرح الي مأتم كبير! فبعد احتفال بسيط قياسا بالامكانات التي وفرتها الحكومة الانجولية التي تكافح من أجل الانطلاق بالبلاد نحو المستقبل, بعد عقود من الحرب الاهلية الدامية, كان الانجوليون علي موعد مع الفرحة وهم يرون فريقهم يصول ويجول في أرض ملعب11 نوفمبر بالعاصمة لواندا, تفاعلت حرم الرئيس الانجولي مع الجماهير التي انفجرت فرحا وهي تري فريقها يفترس منتخب مالي, وشاهدت اللاعبين يتناوبون علي دك شباك مالي بالهدف تلو الأخر حتي وصلت النتيجة الي تقدم أنجولا بأربعة أهداف نظيفة وذلك قبل نهاية اللقاء بربع ساعة فقط سجل فلافيو هدفين في الدقيقتين36 و43, وجلبيرتو في الدقيقة68, ومانوتشو في الدقيقة75. لكن رجلا واحدا فقط تسبب بعناده وغروره في افساد فرحة نحو24 مليون انجولي هو مانويل جوزية, الذي فشل في الحفاظ علي النتيجة ليتعامل مع منتخب مالي بثقة مفرطة فأخرج جلبيرتو وفلافيو أفضل لاعبي انجولا عقب الهدف الرابع ليدفع الثمن غاليا عندما تمكن منتخب مالي من تسجيل اربعة أهداف متتالية في16 دقيقة وسط ذهول الانجوليين! إن الخطأ الذي ارتكبه جوزيه واضح تماما ولايمكن التنصل منه, بعدما مارس هوايته مرة أخري وألقي بمسئولياته علي كاهل الآخرين محملا لاعبيه مسئولية التعادل مع مالي بالقول ان فريقه كان يستحق الفوز لكنه أهدر فرصة ذهبية, مرجعا الهزيمة الي فقدان اللاعبين للتركيز في اللحظات الأخيرة, كما أفرط اللاعبون في الثقة بعد تسجيل أربعة اهداف.. مختتما تصريحه بالتأكيد علي أن ماجري له أمس الأول في افتتاح كأس الأمم الافريقية هو موقف لم يتعرض له طوال مسيرته التدريبية!! ولأن صفحات التاريخ لاتزال موجودة, ولأن الواقعة ليست ببعيدة, فان التاريخ يذكر لمانويل جوزيه انه قاد الاهلي في مباراة بتاريخ الثاني عشر من ديسمبر عام2008 أمام فريق باتشوكا المكسيكي في كأس العالم للاندية باليابان, وعلي الرغم من سيطرة وتفوق الفريق المكسيكي علي المباراة من بدايتها الا أن الأهلي انهي الشوط الاول متقدما2/ صفر, بعدما تمكن محمد ابوتريكة من احراز هدف في الدقيقة28, تبعه بهدف ثاني احرزه فلافيو في الدقيقة45. الا أن الحال تغير تماما في الشوط الثاني وانهار الاهلي تحت سمع وبصر جوزيه الذي لم يفعل شيئا وهو يري فريقه ينهي الشوط الثاني متعادلا2/2, كما لم يتمكن من فعل شيء في الوقت الاضافي لينهي الفريق المكسيكي المباراة فائزا2/4. العجيب أن البرتغالي وجد في نفسه الجرأه ليحمل لاعبيه مسئولية الهزيمة عندما قال في المؤتمر الصحفي بوجه عابس مانصه( الأهلي سقط في امتحان الرهبة بعد تقدمه بهدفين), وقال( اللاعبون شعروا بالذعر بسبب الضعف الذهني). لكن موقع الاتحاد الدولي الفيفا كان اكثر انصافا عندما اعترف بتفوق باتشوكا فقال( ان تغييرات مدرب باتشوكا قلبت الموازين في الشوط الثاني).. وهكذا فان موقع الفيفا كشف الحقيقة وهي أن المباراة حسمها تفوق مدرب علي آخر, وليس الرهبة والذعر والضعف الذهني. أن جوزيه لم يجد من يحاسبه في الاهلي علي أخطائه, ولكن فلافيو خرج لينتقد مدربه عقب التعادل مع مالي عندما قال( لا أعرف ماذا حدث, ولو كنت أعرف ان الفريق سينهار لما وافقت علي قرار المدرب جوزيه باستبدالي).