مما لاشك فيه أن جريمة نجع حمادي البشعة وتداعياتها تثير القلق علي سلامة واستقرار الوطن, ويجب ألا نطمئن أنفسنا بأن الحادث تفجر بسبب عملية ثأر انتقاما لحادث فردي, وأن عمليات الثأر تحدث يوميا أو بشكل متكرر في صعيد مصر. والواقعية تطالبنا بأن نواجه حقائق جديدة مرة دخلت علي خط العلاقة بين عنصري الأمة أولاها عملية التحريض المستمرة القادمة من الخارج للأخوة المسيحيين ودعوتهم للحركة ضد مايطلقون عليه عملية تمييز ضد أقباط مصر. والنقطة الثانية: عملية التحريض القادمة من وراء الحدود من تيارات سلفية متطرفة تحرض وتشكك في ولاء الاخوة أبناء الوطن الواحد. وفيما يبدو فإن كلا الطرفين يقتات علي الآخر, ويستمد وجوده بالاشارة الي مايفعله الطرف الآخر. وتبقي النقطة الثالثة.. وتتعلق بحالة الاشتباك مابين الأقليات المسلمة في المجتمعات الغربية, ومايتفجر من حالات توتر أو حوادث عنف فردية أو عمليات ارهابية. والنقطة الرابعة.. تنحصر في أن مواجهة الغرب لما يراه من تهديد لثقافته ومجتمعاته قد أوجد مجالات واسعة للتربح, كما أن بعض المنظمات المشبوهة ذات الصلات غير الواضحة رأت في ظل هذه الفوضي مناخا جيدا لتفتيت العالم العربي وبخاصة مصر بعدما جري إدخال العراق في دوامة الفوضي والتناحر الطائفي. .. ومن وسط كل هذه الخيوط المتشابكة التي تصنع حالة التوتر والغموض الراهنة, فإن الأمر بات يتطلب مقاربة جديدة لمسألة التحريض الطائفي, وأغلب الظن أن جميع الأطراف العاملة المسئولة والأخري التي تنتمي للمجتمع المدني باتت مطالبة بأن تضع الأوراق كلها علي المائدة مهما كانت قسوة مابها من معلومات, أو اتهامات, أو حتي شكوك وملابسات تضع أطرافا هنا أو هناك في دائرة الشبهات. ... وفي هذه اللحظة الفارقة من تاريخ مصر, والتي زادت فيها مسألة تفجر حوادث الاحتكاك الطائفي لم يعد ممكنا أو مسموحا بالتهوين أو التقليل من خطورة مانراه. كما أن الرأي العام بات علي درجة أكبر من الوعي والاستعداد لمعرفة مايدور خلف الكواليس! وسوف يدهش الجميع من مدي تجاوبه مع أسباب مايحدث أو تبصيره بالأيدي الخفية التي تحاول إشعال نار الفتنة الطائفية. ... ويبدو أن السيناريو الأنجع والأكثر واقعية أن نأخذ كل مالدينا الي الناس, والي رجال الدين ليس الكبار منهم بل هؤلاء الذين يتعاملون بشكل مباشر مع الناس لتبصيرهم بما يدور. والأهم كيف يمكن لرجل الدين أن يشعل حرائق كبيرة دون أن يدري, وأن نضع مسئولية سلامة هذا الوطن في أعناق هؤلاء, وأن نبصرهم بأن دورهم أحيانا بل كثيرا مايكون أخطر وأدق من دور الكبار نظرا لأنهم في الميدان بصورة مباشرة. ... وتبقي النقطة الأخيرة وتتعلق بضرورة الحوار المباشر مع من يشكلون وجدان الناس, ويصوغون رؤيتهم للحياة والناس. وهنا نقصد رجال التعليم ورجال الاعلام خاصة الفضائيات الجديدة وأخيرا هؤلاء الذين يصنعون الوجدان سواء في القصة أو الشعر أو السينما والمسلسلات الاذاعية والتليفزيونية. إن المطلوب هو حالة حوار مفتوح, وتعامل شفاف مع هذه الأحداث التي تنذر بأن تعيد أحداثا دامية وكريهة نتمني ألا تعود. ولكن لابد من الحركة وبسرعة الآن!