منذ ثلاث سنوات وأكثر يتحدث منتجو وموزعو السينما المصرية عن الموسم السينمائي الصيفي الذي يزداد سوءا عاما بعد آخر, نظرا لحلول شهر رمضان مبكرا . وكذلك موسم امتحانات الثانوية العامة. ولكن زاد من تدهور الموسم هذا العام نوعية الأفلام المعروضة, والتي أدت الي عزوف الجمهور عن الذهاب الي دور العرض بدعوي أن الأفلام كئيبة وترصد أسوأ ما في الواقع المصري. صناع السينما من جانبهم يؤكدون حيرتهم ويتساءلون ماذا يريد الجمهور؟ قدمنا الكوميديا وأقبل عليها الجمهور ثم سرعان ماعزف عنها وبعدها الآكشن ثم الدراما الاجتماعية ولكن هذا الموسم رفض الجمهور الكآبة الموجودة في الأفلام حتي فيلم نجم الكوميديا أحمد حلمي' عسل اسود' لم ينج من هذا الاتهام, نفس الحال بالنسبة لفيلمي' الديلر' للنجم أحمد السقا, و'بنتين من مصر' للمخرج محمد أمين والذي حصل علي لقب الفيلم الأكثر كآبة رغم أنه يتناول قصة اجتماعية عن قضية العنوسة ولكن علي خلفية العديد من القضايا السياسية, والأزمات المجتمعية التي يعيشها المجتمع المصري, من أحداث غرق العبارة السلام98 والتي راح ضحيتها1200 مصري اضافة الي قضايا البطالة والفساد والواسطة التي تحكم كل تفاصيل الحياة في مصر. والمفارقة أنه اذا كان فيلم' أحمد حلمي' يرصد سلبيات الواقع المصري من خلال فيلمه وعمليات النصب التي يتعرض لها السائحون والاهانات التي يتعرض لها المواطن المصري في مقابل من يحملون جوازات سفر أجنبية وتحديدا أمريكية إلا أن الفيلم في نصفه الثاني يحمل تصالحا ودعوة لأن نحب مجتمعنا بكل عيوبه ومميزاته لأن مصر فيها' حاجة حلوة' علي حد تعبير أغنية الفيلم, وهو ما اعترض عليه البعض. وأيضا لم يرض قاسم كبير عن فيلم الديلر والذي رصد حالات الفقر والعوز التي تدفع الشباب المصري البسيط الي التحايل علي الواقع حيث يتحولون الي مجرمين, ويسافرون هربا من هذا الواقع, وهونفس الرفض الذي صادف أيضا بنتين من مصر, وهو مايؤكده المنتج والموزع محمد حسن رمزي, موضحا أن' الموسم هذا العام شديد السوء, وبالفعل خسارتنا كبيرة, وقد تكون نوعية الافلام والتي تصادف أنها ترصد واقعا اجتماعيا شديد السوء هي السبب في هذا العزوف, ولكننا احترنا وأحيانا لا نعرف ما الذي يريده الجمهور حقا'. أما المخرج' محمد أمين صاحب بنتين من مصر' فلم ينف صدمته من رد فعل الجمهور في أثناء جولته بدور العرض السينمائية لرؤية ردود الأفعال علي فيلمه, حيث لم يجد اقبالا من الجمهور,وتساءل أمين لا أعرف اذا كان ذلك يعود لانشغال الناس بكأس العالم أم الموضوع الذي يتناوله الفيلم رغم أنه يهم شريحة كبيرة من الجمهور, وتحديدا الشباب, مستبعدا فكرة أن تكون النظرة التشاؤمية الحادة في الفيلم سبب ابتعاد الجمهور عنه, وانه لم يكن يفكر في ذلك الأمر في أثناء كتابته للعمل وكان يركز فقط علي تنفيذ فيلم مميز يناقش الواقع ولا يهرب منه متسائلا هل من المفروض أن تقوم السينما بتغييب العقول؟ واذا كان محمد أمين يرفض تجميل الواقع أو رصده بسلبياته وايجابياته مفضلا سياسة الصدمة, فاننا يجب أيضا ألا ننسي أن جزءا كبيرا من الجمهور الذي يرتاد دور العرض هم من الشباب الذين يهدفون الي المتعة والترفيه, وهذا جزء يجب ألا يغفله القائمون علي صناعة السينما إضافة إلي طبيعة موسم الصيف, فقد تكون هذه الأفلام أصلح للعرض في موسم آخر غير الصيف, وهذا ما يؤكده الاقبال الشديد علي فيلم محمد سعد والذي استطاع أن يحقق أكثر من4 ملايين في أسبوعه الأول. ويبدو أن سعد أصاب في تقديره هذا العام, حيث استطاع مع اللمبي8 جيجا هذا الموسم أن يستعيد الكثير من البريق الذي فقده في الأعوام الماضية وأيضا تحقيق ايرادات مرتفعة قياسا بباقي أفلام الموسم بل إن بعض أصحاب دور العرض أصبحوا يرفعون أفلاما لصالح اللمبي, وهو ما يؤكد أن الجمهور السينمائي في الصيف يكون بحاجة حقيقية إلي فكرة الترفيه وهي الفكرة التي تغيب هذا الموسم عن معظم موزعي ومنتجي السينما المصرية, وهو ما انعكس سلبا علي حجم الايرادات والمكسب في هذا الموسم. ورغم الخسارة التي أصابت الموسم السينمائي الصيفي إلا أن بعض المنتجين مازالوا يعلقون آمالا علي فيلمي' اللمبي8 جيجا' و'لا تراجع ولا استسلام' لأحمد مكي لتعويض خسائر موسم الصيف والتي قد تصل إلي70 مليون جنية. علا الشافعي