قبل مباراتي الدور قبل النهائي اجريت استفتاءات كثيرة في أنحاء عدة حول هوية الفريقين المحتملين في النهائي, ذهب معظم المشاركين إلي ترجيح كفة الهولنديين والألمان في نهائي يعيد إلي الأذهان ما جري قبل ستة وثلاثين عاما. لكن كان للكرة رؤية أخري دفعت بأبطال أوروبا الإسبان لمواجهة طواحين هولندا البرتقالية في نهائي جديد يقدم بطلا ثامنا يتوج بالكأس لأول مرة.. مباراة لم يتوقعها الكثيرون وإن كانت تحقق رغبات طرفيها, فكلا الجانبين تمني مواجهة الآخر. وعلي الرغم من أن استقصاءات الرأي الهولندية اكدت أن معظم أنصار البرتقالي يرون أن فريقهم قادر علي اسقاط الغريم الالماني, وأن لاعبيهم يعرفون جيدا كيفية التعامل مع الجيران وإبطال أسلحتهم في الملعب لكنهم في الوقت نفسه أكدوا أن اللعب مع ألمانيا يحملهم الكثير من الأعباء المعنوية, وأن أي مواجهة مع الماكينات كفيلة بإجترار ذكريات الماضي الأليم, والأيام الصعبة التي عاشها الهولنديون تحت الاحتلال النازي, فمن بين أدبيات الحياة الهولندية أن الانتصار يزداد قيمة, والفرح يزداد بهجة إذا كان مصحوبا بآلام الألمان, ويوم فازت هولندا علي ألمانيا في نهائي أمم أوروبا1988 خرجت مظاهرات الاحتفال لتعم الشوارع حيث احتشد الملايين في مشهد لم تعرفه البلاد من جلاء قوات النازي عنها بعد الحرب العالمية الثانية, وهو ما دعا الكاتب البريطاني سايمون كوبر إلي إضافة فصل عن هذا اللقاء في كتابه' كرة القدم ضد الأعداء' حيث كشف عن مفهوم مختلف للهولنديين لمبارياتهم مع الجيران الالمان باعتبارها حربا وليست كرة قدم. اما من الناحية الفنية فيري الهولنديون أن بإمكانهم لعب كرة جميلة واكثر متعة في مواجهة المنتخب الإسباني, خاصة أن الثنائي شنايدر وروبن بإمكانهم استغلال الهجمات المرتدة والتحرك خلف الظهير الأيمن سيرجيو راموس المندفع دائما لمركز الجناح علي عكس الالماني فيليب لام المتمركز في الدفاع معظم الوقت وأوضحوا أن الأداء الهجومي وتحرر المدافعين الأسبان سيمنح نجوم هولندا إلي اللمعان عند التحول السريع للجناحين روبن وشنايدر إلي جانب كويت, ويبدو الهولنديون أكثر تفاؤلا بلقاء الإسبان مؤكدين أن الأمور مهيأة أمامهم لاقتلاع الكأس في سوكر سيتي بجوهانسبرج. فيما أنصار لاروخا أو الأحمر الناري الإسباني يشعرون أن الكاس تناديهم بعدما جنبتهم مواجهات لاتينية قوية في الأدوار الحاسمة, فرغم قناعتهم بأن أوروجواي أقل فنيا من هولندا إلا أن معاناة الماتادور أمام شيلي في الدور الأول ثم مع بارجواي في دور الثمانية جعلتهم يفضلون اللعب مع منافس أوروبي يلعب بطريقة مغايرة, لأن إغلاق المساحات والضغط الدائم علي لاعبي الوسط يحرم المنتخب الإسباني من أهم أسلحته في وجود الثنائي شافي وانيستا. ويوضح النجم المعتزل والمسئول الحالي بالاتحاد الإسباني فرناندو هييرو أن عقلية لاروخا تغيرت ولم تعد كما كانت قبل44 سنة موضحا أنه عندما تتحدث الجماهير ومعهم وسائل الأعلام عن منافس مفضل فلا يعني هذا أنك تختار فريق أسهل, بل منتخب تستطيع أن تؤدي أمامه بأفضل طريقة, أو أن أدائه يمنحك الفرصة علي الظهور بأفضل ما لديك, وطالما فعلت ذلك فحتما ستنتصر, موضحا ان العقلية الإسبانية تغيرت تماما نحن الآن أبطال أوروبا, ولدينا فريق ناضج يحظي بثقة كبيرة وقادر علي تحقيق الأحلام.. حلم الهولنديون بالماتادور, وتمني الإسبان البرتقالي, في نهائي يراه كابتن منتخب الطواحين برنكهورست بانه سيكون حفلة جميلة لكرة القدم وقال: حان الوقت لنلعب باستمتاع, والأهم أن نتملك معنويات مرتفعة وعزيمة قوية, وبينما يحلم الإسبان ومدربهم ديل بوسكي بكتابة تاريخ جديد لبلادهم بالجمع بين لقبي أمم أوروبا وكأس العالم, يأمل الهولنديون في أحراز اللقب الأول في الظهور الثالث لهم في النهائي وكان البرتقالي قد خسر لقبي1974 و1978 أمام أمام منتخب البلد المنظم ألمانياالغربية والأرجنتين, ويطمح المدرب مارفيك في تسطير مجد شخصي له باحراز الكأس بسبعة انتصارات, ويري مساعداه فرانك دي بور وفيليب كوكو أن هذا الجيل من اللاعبين, وبالأداء الذي قدموه قادرون علي إحراز اللقب, لأن الجهاز الفني حرر اللاعبين من القيادة وترك العنان لكل منهم للتعبير عن نفسهم واستخدام مهاراته في الإطار العام الذي يحقق الهدف ولهذا تحققت الانتصارات وهو ما أكده المهاجم روبن فان بيرسي, لكنه يوضح في هذه اللحظات أفكر فيما ينتظره الهولنديون منا وكيف ستكون الأجواء عند عودتنا منتصرين. فيما يفكر النجم الأسباني شافي في لحظة التتويج, وحلم الانتصار الذي يعيشه منذ عامين, فالكرة ارتفعت بأحلام وطن بأكمله, وارتفع العلم الوطني علي رايات الأندية. هولندا اكتست بالبرتقالي وتنتظر أبناءها في مواكب المنتصرين, فيما انتصر لاروخا للعلم الوطني علي حساب صراع القبيلتين, ولم يعد ممكنا في هذه الأيام أن تعاير وسائل الإعلام الكاتالونية نظيرتها المدريدية بقيمة واسهامات نجوم برشلونة, فهذه أيام للوطن الموحد بالعلم الأحمر والأصفر فقط, ولهذا اصبحت مواجهة لاروخا مع لاورانج حلم يعيشه جمهور البلدين وأمنية تحققت لكل محبي الكرة الجميلة.