تشكل جنسية لبنان إحدي المشكلات المتوطنة والمزمنة, كذلك حيث تواكب البلد منذ استقلاله عام1943, ولم يتم حسم التعريف أو تحديد قواعد منحها واستحقاقها حتي الآن. وذلك لأسباب طائفية بطبيعة الحال, الأمر الذي أدي لوجود سكان لا يحملون الجنسية اللبنانية ولم يمنحهم القانون الجنسية( فئة بدون), وعدم حصول مغتربين في المهجر من الجيل الثاني والثالث علي الجنسية. لايزال ذوويهم يحملون الجنسية اللبنانية, وحصول رعايا دول عربية بالفعل علي الجنسية, كذلك أتباع ديانات معينة, ما دعا سياسيين وزعماء طوائف الي اتهام الحكومات بالعشوائية في منح الجنسية. وتتعلق مشكلة فئة بدون بسكان مناطق ضمت الي لبنان عام1943 من الدولة السورية وأخري متاخمة للحدود ولم يتم احصاؤهم لأسباب غير معلومة في الاحصاء الأول والأخير الذي أجري عام1932, وتشير تقارير مؤسسة الدولية للمعلومات للأبحاث أنه في ظل القانون الساري حتي الآن رقم151 لسنة1929 بدأت عمليات التجنيس بعد الاستقلال, ويقدر عدد من تم منحهم الجنسية حتي اندلاع الحرب الأهلية عام1975 نحو200 ألف شخص أغلبيتهم الساحقة من المسيحيين, ونسبة كبيرة منهم من المصريين(88 ألف نفس) قسم كبير منهم من الأقباط عملوا وأقاموا في لبنان أو تزوجوا من لبنانيات, ولبنانيون أعيدت إليهم الجنسية أو اكتسبوها كأبناء حاملي جنسية لبنانية, أو ولدوا لأب ولأم لبنانية لم يتم تسجيلهم عند الولادة. وقد جاءت الموجة الثانية للتجنيس عام1994 بصدور القانون5274 وبمقتضاه حصل نحو300 ألف شخص علي الجنسية أغلبهم هذه المرة من المسلمين, ويثير ذلك حفيظة كثيرين كون هناك لبنانيون لم يحصلوا علي الجنسية بعد(بدون)!, ما دعا مجلس شوري الدولة( كالقضاء الإداري في مصر) الي الدعوة الي إعادة النظر في بعض الملفات وسحب الجنسية من غير مستحقيها إلا أن الحكومة لم تنفذ القرار بدعوي عدم إثارة حساسيات طائفية مثلما لم يتم نشر أسماء من حصلوا علي الجنسية في الفترة من1957 الي1994 في الجريدة الرسمية طبقا للقانون لنفس السبب, وذلك بالرغم من الطعن بعدم أحقية البعض منهم في الحصول علي الجنسية بحجة أنهم لم يقيموا في لبنان أو صدرت بحقهم أحكام قضائية بالسجن حسب المعترضين. وقد انعكس هذا التعاطي الطائفي مع قضية الجنسية اللبنانية في السجالات السياسية العنيفة بين زعماء الأحزاب والطوائف الدائرة منذ أسبوعين حول مقترحات الزعيم الدرزي وليد جنبلاط منح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان( نحو نصف مليون نسمة) حقوقهم الإنسانية والاجتماعية كحق العمل والتأمين الصحي وتملك وحدة سكنية واحدة لغرض السكن, حيث رفض المسيحيون بشدة هذه المقترحات خشية أن يؤدي ذلك الي توطين الفلسطينيين في لبنان ضمن أية تسوية للنزاع مع إسرائيل, ومنحهم الجنسية اللبنانية, ومن ثم زيادة عدد أبناء الطائفة المسلمة السنية علي الطوائف الأخري( حيث الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين من المسلمين السنة), ما يؤدي بالنهاية الي الإخلال بالوضع السكاني الطائفي, ومن ثم بالنظام السياسي الطائفي الذي يرتب امتيازات طائفية لكل فريق قد تكون مهددة في حالة منح الفلسطينيين الجنسية. جنسية الأم.. إحدي صور هذه الأزمة أيضا يتمثل في رفض مطلب المرأة اللبنانية وحملات المنظمات غير الحكومية النسوية والمعنية بحقوق الإنسان, منح الجنسية لأبناء اللبنانية من زوجها الأجنبي, استنادا الي المادة12 من الدستور والتي تؤكد المساواة وعدم التمييز بين المواطنين لأي سبب من الأسباب, وتتخفي الأسباب السياسية والطائفية وراء الادعاء بأن موارد لبنان لا تحتمل زيادة عدد المواطنين مع وجود عدد لا بأس به من النساء اللبنانيات متزوجات من أجانب.