التمريض تهنئ "السيسى" بمناسبة ذكرى "30 يونيو".. وتؤكد: سنظل داعمًا للوطن وقيادته    القاهرة الإخبارية تستعرض تقريرا عن جرائم الإخوان    تعرف على أسعار الذهب مساء السبت 29 يونيو 2024    ننشر نتيجة انتخابات اتحاد الغرف السياحية    وسائل إعلام فلسطينية: قوات الاحتلال تقتحم بلدة سلواد بالضفة الغربية    مدبولي يلتقي المُفوض الأوروبي للتجارة على هامش مؤتمر الاستثمار المصري-الأوروبي    كوبا أمريكا 2024.. 4 منتخبات حسمت تأهلها إلى ربع النهائي    هيئة شئون الحرمين تقدم خدماتها لأكثر من مليون حاج بالمسجد النبوي منذ بدء موسم الحج    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط متهمة بخطف طفل في الغربية    "ثورة 30 يونيو.. إرادة شعبية".. احتفالية لقصور الثقافة غدا بعين حلوان    ليفربول يستهدف التعاقد مع نجم نيوكاسل يونايتد    «شكري» يستقبل وزير خارجية الصومال    جامعة سوهاج: تكليف 125 أخصائي تمريض للعمل بمستشفيات الجامعة    طمعًا في فلوس البضاعة.. ضبط شابين تخلصا من زميلهما بالدقهلية    خالد الغندور يكشف عن مفاجأة: الدوري مهدد بالتأجيل لهذا السبب    انطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية الموريتانية    المقاولون العرب يقبل اعتذار معتمد جمال عن تدريب الفريق    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    أعظم الثورات ومنحت الشباب مكتسبات غير مسبوقة.. رئيس "رياضة النواب" يهنئ السيسي ب"30 يونيو"    حملات بيئية للتصدي لحرق المخلفات الزراعية والبيئية بالأقصر    محافظ المنيا يوجه بوضع آليات عاجلة والاستجابة الفورية لطلبات المواطنين    ضحية إمام عاشور يطالب أحمد حسن بمليون جنيه.. و14 سبتمبر نظر الجنحة    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    إطلاق برامج تدريبية مجانية على الخياطة والحاسب الآلي لسيدات جنوب سيناء    صراع السينما المصرية على شباك التذاكر.. "أولاد رزق وبيت الروبي وصعيدي في الجامعة الأمريكية" أفلام حققت أرقامًا قياسية بالإيرادات.. والشناوي: السيناريو ونجم العمل من أهم أسباب النجاح    رد من فابريجاس على إمكانية تدريبه ل ريال مدريد    إصدار مليون و792 ألف شهادة صحية مؤمنة ب «رمز الاستجابة» للمقبلين على الزواج    قسم الإذاعة والتليفزيون بإعلام القاهرة يحتفل برموز إذاعة صوت العرب بمناسبة 71 عاما على انطلاقها    سلمى أبوضيف: قصة حبي حصلت صدفة والضرب في "أعلى نسبة مشاهدة" حقيقي    بيل جيتس: الذكاء الاصطناعى يمكنه إنقاذ البشر من تغير المناخ والأمراض    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    علامات مبكرة للذبحة الصدرية.. لا تتجاهلها واذهب للطبيب فورا    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    نقيب الأشراف: الشعب المصري ضرب أروع الأمثلة في التحضر والرقي خلال ثورة يونيو    ماهو الفرق بين مصطلح ربانيون وربيون؟.. رمضان عبد الرازق يُجيب    أستاذ تمويل: الاستقرار بعد «30 يونيو» أهم ركائز الاستثمار في مصر    الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني    أكرم القصاص: علاقات مصر والاتحاد الأوروبى تعتمد على الثقة وشهدت تطورا ملحوظا    الاتحاد الأوروبي يعلن توسيع العقوبات المفروضة على روسيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجي بولاق أبو العلا ل28 يوليو    الفريق أسامة ربيع: نسعى لتوطين الصناعات البحرية والصناعات الثقيلة وإعادة الريادة للترسانات الوطنية    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    إعلام إيراني: محمد باقر قاليباف يعلن دعمه للمرشح سعيد جليلي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية    امتحانات الثانوية العامة 2024.. طلاب علمي يشكون صعوبة الفيزياء وارتياح بالشعبة الأدبية بعد التاريخ بالمنيا    السياحة تكشف حقيقة التحذيرات البريطانية والأمريكية لرعاياهما بشأن السفر إلى مصر    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    استعدادات أمنية لتأمين مباراة الزمالك وسيراميكا الليلة    الوحدة السعودي ل«أهل مصر»: لم نفاوض ثنائي الأهلي    مجلة جامعة القاهرة للأبحاث المتقدمة تحتل المركز السادس عالميًا بنتائج سايت سكور    اليوم.. الحكم علي كروان مشاكل وإنجي حمادة بتهمة نشر الفسق والفجور    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حظك اليوم| برج العذراء السبت 29 يونيو.. بشائر النجاح والتغيير بنهاية الشهر    لقطات من حفل محمد حماقي في «ليالي مصر».. شكر «المتحدة» وأعلن موعد ألبومه الجديد    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر بين خوض الحرب وصنع السلام
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 06 - 2010

عاصرت أربع حروب خاضتها مصر‏,‏ فكنت شاهدا مع أبناء جيلي علي زيف نظرية الشعب غير المحارب‏,‏ التي ألصقها بالمصريين من زيفوا تاريخ مصر‏;‏ فصدقهم الجاهلون‏!‏ وأتذكر أنه عشية حرب المصريين ضد العدوان الثلاثي كنت قد التحقت توا بالمدرسة الابتدائية في السويس‏,. وخلال عدوان‏1967‏ علي مصر كنت بالصف الثاني الثانوي بأسوان‏,‏ وإبان حرب الاستنزاف كنت طالبا بجامعة القاهرة‏,‏ وأما خلال حرب أكتوبر‏1973‏ فقد كنت مجندا بالقوات المسلحة‏.‏ وأعترف بأنني شأن الكثيرين من أبناء جيلي لم أستوعب ترحيب المصريين بمبادرة السادات بالسلام‏,‏ وإن أدركت لاحقا حكمة أن يرحب الشعب المصري المحارب بالسلام بعد أن حررت مصر بالحرب وبكل أساليب النضال كامل تراب مصر الوطني‏.‏
وبحديث السلام‏,‏ أبدأ فأقول إنه تحت قيادة مبارك كان أن تحقق لمصر‏,‏ بفضل إصراره‏,‏ جلاء آخر جندي وآخر مستوطن وتحرير آخر شبر محتل‏,‏ بعد أن رفض كل مناورات ومماطلات اسرائيل عقب جريمة اغتيال السادات‏,‏ حين حاولت التنصل من تنفيذ ما نصت عليه معاهدة السلام من الانسحاب الي حدود مصر الدولية‏,‏ وحين حاولت اختطاف طابا من مصر‏.‏ وكانت معركة طابا خصوصا ذات دلالة تاريخية‏,‏ إذا تذكرنا أزمة طابا الشهيرة في عام‏1906,‏ حين أرسلت تركيا قوات لاحتلال رأس طابا وأعلنت أن شبه جزيرة سيناء كلها أرض عثمانية‏,‏ فأعلن زعيم‏-‏ لا جدال في وطنيته‏-‏ وهو مصطفي كامل تأييده لحقوق تركيا علي سيناء‏,‏ وكتب مصطفي يقول أن حادث طابا خلاف بين دولة محتلة هي انجلترا والدولة صاحبة السيادة علي مصر‏..‏ وهي تركيا‏!‏
وأما عن حديث الحرب‏,‏ فأتذكر أنني قد انفعلت مع أقراني من الأطفال بمشهد المتطوعين من المدنيين‏,‏ يرتدون الكاكي ويرصون شكائر الرمال ويحملون السلاح علي مداخل حارات وشوارع حي الأربعين بالسويس‏,‏ فكان أن شاركت وأقراني‏,‏ تحت قيادة‏'‏ صبية‏'‏ لم يبلغوا سن حمل السلاح‏,‏ في حرق دمية‏'‏ موشي ديان‏'‏ صنعها الأخيرون بحشو‏'‏ بيجامة قديمة‏'‏ بالقش‏,‏ مرددين وراءهم الأغاني الشعبية الوطنية‏,‏ التي نظمت ضد أنتوني إيدن وبن جوريون وجي موليه‏,‏ زعماء الدول المعتدية علي مصر‏,‏ وعن قناة السويس التي‏'‏ ليست في أراضيهم‏'‏ والتي كان تأميمها قنبلة‏'‏ وانفجرت فيهم‏'!‏ وأعرف أن منكوبي العهد الناصري والذين تؤرقهم أشباحه ومنظري العولمة الجدد‏,‏ لا يترددون في الانتقاص من الانتصار السياسي لمصر والمصريين في معركة‏'‏ السويس‏',‏ لكنه نصر لمن يفقهون مجيد‏!‏ استردت بفضله مصر حقوقها في القناة وسيادتها علي أرضها وعززت استقلالها‏.‏
وأما عدوان اسرائيل علي مصر في عام‏1967,‏ وإن ترتبت علي مقدماته هزيمة عسكرية‏,‏ فقد بعث إصرار المصريين علي إزالة آثاره أمجاد الشعب المصري المحارب مجددا‏!‏ وبعد أن خرجنا في مظاهرة عفوية نهتف برفض الاستسلام في يومي‏9‏ و‏10‏ يونيو‏,‏ تطوعت غداة الهزيمة مباشرة مع غيري من طلاب المرحلة الثانوية بأسوان في الدفاع المدني‏,‏ وكان أن حملت مع زملائي بنادق لي أنفيلد‏,‏ لا أتذكر أننا قد تدربنا عليها‏,‏ وتوزعنا حول أبراج نقل كهرباء السد العالي لحمايتها من أي تهديد‏!‏ وهناك علي الجبهة كانت الجهود تسابق الزمن لإعادة بناء القوات المسلحة‏,‏ خاصة القوات الجوية‏,‏ التي نقل محافظنا مدكور أبو العز ليكون قائدا لها علي رأس قادة جدد‏,‏ كان بينهم الرئيس مبارك بعد أن صارت الكفاءة القتالية والوطنية المصرية والقدرة القيادية معايير اختيارهم‏!‏
وخلال حرب الاستنزاف في عامي‏1968‏ و‏1969,‏ وبعد معركة رأس العش الباسلة‏,‏ التي دحرت محاولة اسرائيل مواصلة التوسع في سيناء‏,‏ كنت وزملائي بجامعة القاهرة وغيرها من الجامعات نتابع أخبار إغراق أبطال القوات البحرية المصرية للمدمرة الاسرائيلية إيلات في ضربة فريدة ورائدة في تاريخ القوات البحرية‏,‏ وعمليات العبور الجسورة للقوات البرية والخاصة الي عمق سيناء‏,‏ وقصف المدفعية لضرب قوات العدو في سيناء‏,‏ وأسبوع تساقط الفانتوم في معارك الدفاع الجوي الظافرة‏,‏ وغير هذا من عمليات التمهيد والتطعيم لخوض المعركة القادمة الفاصلة‏.‏ وقد دمرت بيوت والدتي وأخوالي وخالاتي بالسويس نتيجة الردود الاسرائيلية الإجرامية بقصف المدنيين والمنشآت المدنية‏.‏ ولأننا لم نكن ندرك مغزي الوفاق السوفيتي الأمريكي‏,‏ ولم نعرف شيئا عن المماطلة السوفيتية في توفير ما تحتاجه مصر من سلاح لازم للمعركة‏,‏ فقد شاركت مع زملائي في الحركة الطلابية الوطنية التي شكلت جماعات مناصرة الثورة الفلسطينية وتعجلت قرار خوض مصر حرب التحرير الوطنية‏!‏
وقد كان عبور القاذفات المصرية فوق منطقة العين السخنة‏,‏ حيث كان موقع قوة المشاة الميكانيكية التي خدمت بها‏,‏ إعلانا ببدء حرب التحرير في أكتوبر‏..1973‏وشأن مصر التي تصور أصدقاؤها قبل أعدائها أنه لن تقوم لها قائمة بعد هزيمة يونيو‏,‏ كان بدء الحرب بشن الضربة الجوية الجسورة بقيادة مبارك يحمل دلالة ترمز لمصر بأسرها‏,‏ إذ تقوم جبارة ذات بأس لتثأر لنفسها وللقوات المسلحة‏,‏ بعد أن ظلمت بسوء التقدير وغياب التخطيط وقصور التدريب وبؤس القيادة في حرب يونيو‏,‏ فأعلنت هزيمتها في حرب لم تخضها‏!‏
والأمر أن مبارك في معركة طابا كان يجسد عودة الوعي بالوطنية المصرية‏,‏ الذي يعمل البعض علي تغييبه مجددا بعد أن تحرر بصعوبة من أوهام الولاء لدولة الخلافة الاسلامية‏,‏ ثم تحرر بعدها من أعباء زعامة الدعوة للقومية العربية‏!‏ وكان حفاظ مبارك علي السلام وحفظه لحدود مصر‏,‏ التي عينت قبل نحو خمسة آلاف عام من رفح الي حلفا‏,‏ إدراكا حكيما لواجب الحاكم الوطني‏.‏ وأما دفاع مبارك عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني‏,‏ ورفضه كل ألوان الضغط والإغراء لضرب ليبيا‏,‏ وموقفه ضد مؤامرات احتلال العراق وتقسيم السودان وتفكيك اليمن‏,‏ ثم سعيه الراهن لحماية حقوق مصر في مياه النيل بالحوار‏,‏ فانه إدراك واع للأبعاد الإقليمية للأمن القومي المصري‏,‏ في دائرة تحددت منذ فجر التاريخ‏,‏ ورسمتها بأساليب زمنها الإمبراطورية المصرية بعد دحر الهكسوس‏!‏
وعود علي بدء الي حديث السلام‏,‏ أقول للمتطاولين علي مصر وزعامتها‏,‏ والساعين الي توريطها في حرب تهدر ما حققته أرواح أكثر من مائة ألف شهيد من أجل التحرير‏,‏ أن مصر‏-‏ شعبا وقيادة‏-‏ لن يزعزع يقينها في خيار السلام مزايدون أو مغامرون أو متآمرون‏,‏ بعد أن خاضت دون غيرها أربع حروب خلال أقل من عقدين‏!‏ والأمر ببساطة أن مصر تعرف متي تخوض الحرب‏,‏ كما تعرف كيف تصنع السلام‏.‏ وشعب مصر المحارب‏,‏ الذي خاض أول حركة تحرر وطني في التاريخ بدحر الهكسوس‏,‏ وعزز أمنه القومي بتأسيس أول امبراطورية في التاريخ بعد معركة مجدو‏,‏ هو ذاته الذي وقع قائده أول معاهدة سلام في التاريخ مع الحيثيين‏!‏ وشعب مصر المحارب الذي قاد حركة التحرر الوطني العالمية المعاصرة‏,‏ وعبر ما بدا مستحيلا حربا وسلاما بنصر أكتوبر‏,‏ هو ذاته الذي حافظ علي السلام الراهن‏.‏ لكنه سواء في التاريخ القريب أو في التاريخ البعيد فان مصر لم تتخل عن واجبها في تعزيز أمن محيطها العربي بأقصي ما تتيحه موازين القوي الدولية‏,‏ وتدرك أن تعظيم قدراتها الاقتصادية والشاملة هو ركيزة الأمن والسلام في المنطقة‏.‏
ولكن بين مصر القديمة ومصر المعاصرة تبقي ضرورة دحض نظرية أن المصريين كانوا شعبا غير محارب‏,‏ منذ حملة الإسكندر وحتي حملة نابليون‏..‏ ولهذا فان للحديث بقية‏!‏
المزيد من مقالات د‏.‏ طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.