مشروع تنمية المواهب الثقافية في الأقاليم يمر بأزمة, وقصور الثقافة التي كانت ذات يوم أحد المصادر الأساسية التي تغذي القاهرة بالأدباء والكتاب والشعراء والمبدعين في المجالات المختلفة. تمر بنفس الأزمة ولا تستطيع أن تحقق طموحاتها في نشر الثقافة بشكل أوسع في هذه المناطق, والسبب في كل هذا, عجز الميزانية وضعف الاعتمادات المالية المخصصة لتنفيذ هذا المشروع الثقافي الكبير وعدم إدراك من بيدهم هذه الموارد لأهمية الثقافة في بناء الإنسان. وأن تنمية الثروة البشرية الغنية بالمواهب قد تحقق عوائد للمجتمع قد تفوق أي استثمار آخر يمكن تخيله, كان هذا موضوع الحوار الذي تكررت مناقشته تحت قبة البرلمان ودعيت له ضمن مجموعة من الكتاب والنقاد المهتمين بالقضايا الثقافية والإعلامية, وواجه فيه رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس أحمد أبوطالب ورئيس هيئة قصور الثقافة د. أحمد مجاهد بطلبات الاحاطة التي تقدم بها نواب الشعب وتتركز في مجملها حول حالة الحرمان الثقافي الذي تعاني منه الأقاليم منذ سنوات, وكيفية الخلاص منها, محذرا من توقف قطار الثقافة في هذه المناطق اذا لم يتنبه المسئولون في وزارة المالية بالذات لهذه الأزمة, ونعرض في هذا المقال لبعض جوانبها مع بعض مقترحاتنا لدعم مشروع تنمية المواهب الثقافية في الاقاليم في المرحلة المقبلة. في البداية نقول إن هيئة قصور الثقافة نفسها كما أجمع النواب الذين قاموا بزيارتها تقيم في عدة شقق شعبية بعمارات العرايس بقصر العيني مزدحمة بالباعة الجائلين وعربات الكارو ولا تليق بسمعة ومكانة مصر الثقافية واستقبال كبار الكتاب والأدباء وضيوف الهيئة القادمين من الخارج. ميزانية النشاط الثقافي27 مليون جنيه ونخدع أنفسنا لو قلنا نستطيع بهذا المبلغ أن نصنع ازدهارا ثقافيا حقيقيا في مختلف أقاليم مصر, وقد رفعت اللجنة الي المجلس توصية في جلسات سابقة بزيادة المبلغ خمسة ملايين جنيه ولكن المالية لم تستجب. الميزانية المخصصة لصيانة وتحديث وتجديد الأجهزة والمواقع الثقافية20 مليون جنيه وهو لا يكفي لصيانة540 موقعا ثقافيا في مختلف أنحاء الوطن, رفعت اللجنة توصية بزيادة هذا المبلغ خمسة ملايين ولكن المالية أيضا لم تستجب, وحتي لا تتكرر مأساة حريق مسرح ثقافة بني سويف وانهاء حالة الحرمان الثقافي في مختلف الأقاليم لنا بعض المقترحات الآتية: أن يتدخل وزير الثقافة لدي وزير التنمية الاقتصادية لاعتماد ميزانية انشاء مجمع السامر الثقافي ككيان ثقافي يليق بالعاملين بهيئة قصور الثقافة بدلا من مقرهم العشوائي الحالي. موافقة وزير المالية علي الدعم المالي الذي تضمنته توصيات مجلس الشعب بزيادة خمسة ملايين جنيه لميزانية النشاط لتصبح32 ألف جنيه حتي يتمكن القائمون علي النشاط الثقافي بالأقاليم بالانفاق منها علي540 موقعا ثقافيا بالإضافة الي عشرات المواقع الثقافية الجديدة التي يتم انشاؤها كل عام. موافقة وزير المالية علي الدعم المخصص للصيانة والذي طالب به النواب والمثقفون معا وأوصي به مجلس الشعب أكثر من مرة حتي لا يتسبب ذلك في تهديد كل هذه القصور وأجهزتها الفنية التي تحتاج بالفعل الي هذه الصيانة. وأخيرا لدينا30 فرقة للموسيقي العربية تمثل مصر في دول أوروبا والمهرجانات الدولية يتقاضي العضو فيها ستة جنيهات في البروفة وعشرة جنيهات في الحفل, ولدي وزير المالية توصية برفعها حتي لا يهرب أعضاؤها الي القطاع الخاص أو تجذبهم الفرق الأجنبية بإغراءاتها المالية ويضيع آلاف من شباب المبدعين المنتمين لبلدهم والصامدين حتي الآن أمام التيارات الظلامية وبراثن التطرف برغم ضيق ذات اليد.