بدأ يوكييا امانو المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في اول زيارة له لمصر بعد توليه منصبه الجديد خلفا للدكتور محمد البرادعي, وان كانت ليست الزيارة الاولي له لمصر, حيث قدم الينا في ربيع عام2007. قبل توليه منصبه كرئيس للجنة التحضيرية لمؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية والتي انعقدت في فيينا ذلك العام حيث كان يقيم كمحافظ لليابان في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكانت زيارته الاولي فرصة لاعداد لقاء له بالمجلس المصري للشئون الخارجية والتشاور معه حول التحديات التي سيواجهها مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار في عام2010, وهو المؤتمر الذي انهي اعماله منذ اسابيع قليلة في نهاية شهر مايو الماضي, ونجح في اصدار وثيقة ختامية تضمنت فيما تضمنته مراجعة تفصيلية لتطبيق نظام الضمانات الدولية الشاملة للوكالة وفقا لمعاهدة منع الانتشار, وتحقيق عالمية تطبيقه ولكن دون محاولة فرض البروتوكول الاضافي علي الجميع, باعتباره اجراء اختياريا للدول الاطراف في المعاهدة وهو ما تتمسك به مصر, بالاضافة الي دور الوكالة في تشجيع الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حيث تضطلع بدور رئيسي في هذا المجال وخاصة بالنسبة لبرامج المعونة الفنية في عدد كبير من الدول الاعضاء بالوكالة. يضاف الي ذلك ما تمخض عن المؤتمر من نتائج ايجابية بالنسبة لعقد مؤتمر اقليمي عام2012 لبحث انشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية وغيرها من اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط وقيام سكرتير عام الاممالمتحدة باختيار منسق للاعداد الجيد لهذا المؤتمر وذلك بعد التشاور مع الدول المودع لديها معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية الا وهي الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وروسيا, وكذلك مع الاطراف المعنية. ومن المتوقع ان يطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعداد الدراسات اللازمة في مجالي تطبيق الضمانات الدولية والتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية لتكون في متناول الدول المشاركة في مؤتمر عام2012. وغني عن البيان ان للوكالة الدولية للطاقة الذرية خبرة كبيرة متراكمة في هذين المجالين في مناطق متعددة خالية من الاسلحة النووية كامريكا اللاتينية وجنوب شرق اسيا والمحيط الهادي وافريقيا ووسط اسيا, ويمكن الاستفادة منها بالنسبة لمنطقتنا. ويزور مدير عام الوكالة القاهرة بعد انتهاء مناقشة مجلس محافظي الوكالة منذ اسبوعين لبند امكانات اسرائيل النووية وذلك لاول مرة في تاريخ هذا المجلس, وذلك تلبية للقرار التاريخي الصادر عن المؤتمر العام للوكالة في سبتمبر2009 الذي عبر فيه المؤتمر عن قلقه بالنسبة للامكانات النووية لاسرائيل ويطالب فيه اسرائيل بالانضمام لمعاهدة منع انتشار الاسلحة النووية واخضاع كافة منشآتها النووية لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما طالب القرار المدير العام للوكالة بتقديم تقرير عن تطبيق قرار المؤتمر العام الي كل من مجلس محافظي الوكالة والمؤتمر العام للوكالة في سبتمبر المقبل. لذا كان من الطبيعي ان يدعو مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار في بيانه الختامي سالف الذكر الي اهمية قيام اسرائيل بالانضمام للمعاهدة المذكورة واخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشامل, جاء ذلك نتيجة الجهود المضنية التي قام بها الوفد المصري ووفود الدول العربية الأخري في المؤتمر. هذا وقد سبق اصدار قرار المؤتمر العام للوكالة العام الماضي قرار اخر متزامن معه لانشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط بل وغيرها من اسلحة الدمار الشامل وطالب القرار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ايضا بتقديم تقرير عن ذلك لكل من مجلس محافظي الوكالة والمؤتمر العام للوكالة في سبتمبر المقبل, وكان لمصر والدول العربية الاخري دور فعال في اصدار قراري المؤتمر العام للوكالة الدولية. جدير بالملاحظة ان زيارة مدير عام الوكالة الدولية تجيء في اعقاب قرار مجلس الامن الاخير الصادر في12 يونيو بفرض عقوبات جديدة وصارمة علي ايران ومطالبتها بالتعاون الكامل مع الوكالة والالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الامن السابقة بل وقرارات مجلس محافظي الوكالة وتعد العقوبات الجديدة بمثابة منظومة متكاملة تضع مؤسسات وافرادا وشخصيات عامة واعتبارية تحت طائلة العقوبات. في هذا السياق أود ان اشير الي انني لست من المؤمنين بجدوي فرض عقوبات جديدة صارمة فهي لن تؤدي الي حل المشكلة الايرانية النووية بل قد تعقد من ايجاد حل سياسي عادل لها من ناحية, وقد تشجع فيما بعد علي القيام بمغامرة لتدمير المنشآت النووية الايرانية من ناحية اخري وتضع منطقتنا في مهب رياح عاصفة لن ينجو منها احد. كذلك تأتي الزيارة لمصر وهي تستعد للسير قدما نحو انشاء اول مفاعل نووي لتوليد القوي الكهربائية بعدما اصدرت قانونا موحدا للامان النووي واختارت استشاريا دوليا للاستعانة بخبرته وعلمه ونحن نخطو نحو تحقيق هذا التقدم التقني الكبير وسيكون للوكالة دور فعال في جميع مراحل تنفيذ المشروع النووي المصري. وبما ان مصر ستكون في حاجة لتأمين مصادرها من الوقود النووي لمفاعلاتها النووية, فالساحة النووية لا تخلو من مبادرات عديدة لضمان الامداد بالوقود النووي وهي تستحق دراسة متأنية وبذلك تكون زيارة مدير عام الوكالة فرصة للتشاور معه في هذا الامر. وبعد هذا الطرح السريع لست في حاجة لتصور جدول محادثات مدير عام الوكالة الدولية في القاهرة اذ حسبما أتوقع لن يخلو من شتي الامور التي تناولتها والتي يضعها صاحب القرار المصري تحت أعينه. ارحب بالسفير امانو فهو دبلوماسي صديق ومحنك وقد زاملته لمدة سنتين في التسعينيات في مجموعة خبراء شكلتها الاممالمتحدة لتشجيع تدريس منع الانتشار ونزع السلاح في مراحل التعليم المختلفة أملا في خلق جيل جديد من الشباب يعمل دون هوادة من اجل عالم خال من الاسلحة النووية بل وغيرها من اسلحة الدمار الشامل. رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية