علي الرغم من أن جنوب أفريقيا تبدو من الناحية النظرية دولة سهلة الاختراق أمنيا من قبل جماعات الإرهاب الدولي خلال فترة المونديال, فإن الواقع يؤكد غير ذلك. فإذا كانت بعثة منتخب توجو قد تعرضت لهجوم مسلح من قبل جماعة متمردة أثناء توجه الفريق عن طريق البر من توجو إلي أنجولا للمشاركة في بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة. ليثار الحديث حول صعوبة تأمين دولة' أفريقية' بالصورة المناسبة قبل استضافة حدث عالمي في حجم كأس العالم, فإن الدلائل والمعطيات تشير إلي أن جنوب أفريقيا اتخذت بالفعل كافة الإجراءات الأمنية وربما العسكرية أيضا التي تكفل تأمين كافة الفرق والوفود المشاركة في المونديال بشكل جيد جدا. وكانت صحيفة جنوب أفريقية تدعي' صنداي تايمز' قد ذكرت مؤخرا نقلا عن مؤسسة أمريكية معنية بمكافحة الإرهاب تدعي مؤسسة' نيفا' أن التهديد الإرهابي لكأس العالم2010 يتجاوز إدراك جنوب أفريقيا والفيفا..' لاحظ صيغة التحذير'!! قد تكون الصحيفة قد تناولت معلومات صحيحة عن وجود خطر من معسكرات بعض الجماعات المتشددة في جنوب أفريقيا تضم أعضاء من القاعدة وحركة الشباب الإسلامية الصومالية, ولكن من غير المعقول التصديق بأن لدي حركة الشباب الصومالية القدرة علي شن عمليات في أقصي أطراف القارة الإفريقية لأنها باختصار لا تملك الإمكانيات البشرية والمالية اللازمة لها لتحقيق ذلك وكانت هناك تحذيرات مماثلة نشرتها صحيفة' صنداي إكسبرس' البريطانية عن تهديد أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة باستهداف منتخب إنجلترا و'زوجات' لاعبي منتخب هولندا بشكل خاص, والفرق الغربية بصفة عامة صحيح أن وزارة الخارجية الأمريكية حذرت رعاياها من خطر الجرائم والعمليات الإرهابية التي يمكن أن يتعرضوا لها خلال المونديال, ولكن هذا التحذير' روتيني'. بالتأكيد, فإن مونديالا في قارة أفريقيا هدف مغري وصيد ثمين بالنسبة لجماعات الإرهاب, ولكن هذه الجماعات التي أعطتها أجهزة المخابرات الغربية قوة أكبر من حجمها لم تعد قادرة في الواقع علي شن عمليات إرهابية ضد أهداف كبري علي غرار ما حدث في هجمات سبتمبر ولندن ومدريد, بل إن قوة ونفوذ طالبان والقاعدة والجماعات الموالية لهما في تراجع مستمر سواء في العراق أو في أفغانستان, والخطر الوحيد المتبقي هو خطر العمليات الإرهابية المنفردة التي نجحت أجهزة الأمن الغربية في إحباطها في الوقت المناسب, ولو دققنا قليلا في الادعاءات التي تناولت احتمال شن هجمات إرهابية علي مونديال جنوب أفريقيا, لوجدنا أن هذه المعلومات والتقارير باتت' نكتة سخيفة' تتكرر عادة قبل الأحداث الرياضية المهمة فالعمليات الإرهابية خلال الأحداث الكبري مثل الدورة الأوليمبية وكأس العالم كفيلة بإيقاع عدد هائل من الضحايا وتحقيق نصر معنوي كبير لمنفذيها, ولكنها مع ذلك عمليات صعبة التنفيذ والتخطيط, بالنظر إلي حجم التعاون المخابراتي والأمني الهائل بين الدولة المنظمة للحدث الرياضي جنوب أفريقيا هنا في حالة المونديال وبين الأجهزة الغربية المختصة, كما تتم الاستعانة في تلك الأحوال ومن بينها حالة جنوب أفريقيا بمساعدات أمنية غربية أو من دول أخري, علي غرار التدريبات الأمنية الخاصة التي أجرتها شرطة جنوب أفريقيا بالتعاون مع البرازيل. هو علي الأرجح' بيزنس' الإرهاب الذي تستفيد منه الشركات التخصصة في تقديم الخدمات الأمنية وتوفير الحراس الخصوصيين, هذا البيزنس هو المسئول عن نشر هذه الأنباء والتقارير التي ربما تستند إلي بعض تكهنات صحيحة ولكنها في النهاية ليست أكثر من' تكهنات', والهدف كما هو واضح تحقيق أكبر قدر من الأرباح لهذه الشركات خلال فترة إقامة المونديال, وقد حدث الشيء نفسه قبل إقامة دورة الألعاب الأوليمبية الماضية في بكين2008, ولكن لا يمكن علي الإطلاق ترويع أكثر من300 ألف شخص سيفدون علي جنوب أفريقيا من أجل المونديال سواء كمشجعين أو جمهور بسبب عبارة' خائبة' نشرها شخص مجهول في مجلة إليكترونية يصدرها تنظيم القاعدة في المغرب يقول فيها' كم ستكون مباراة الولاياتالمتحدة وبريطانيا جميلة وهي تنقل علي الهواء مباشرة عندما يدوي صوت انفجار وتجد أعداد القتلي بالعشرات والمئات', وذلك في إشارة إلي مباراة الفريقين المرتقبة في المجموعة الثالثة! ويؤكد ذلك الارتفاع الهائل في نسبة استئجار ال'بودي جاردز' والشركات الأمنية الخاصة( وصلت إلي5 آلاف شركة), وارتفاع فاتورة الخطة الأمنية المحلية بمعاونة الشركات العالمية إلي ما يقرب من200 مليون دولار.