كتب : محمود القنواتي : صناعة الدواء استراتيجية ومستقبلية ومطلوب حمايتها وتطويرها, فمصر بدأتها منذ ثلاثة أرباع القرن قبل أن يبدأ كثير من دول العالم مثل الهند التي بدأنا قبلها بأكثر من ربع قرن لكن سبقتنا بكثير. وفي الوقت الحالي لدينا بنية تحتية وأساسية وقاعدة كبيرة لإنتاج الأدوية لكنها تحتاج للتحديث والتأهيل, ودفع البحث العلمي لإنتاج المواد الخام وتشييد الكيماويات. يتحدث الدكتور برهان الدين إسماعيل من رواد صناعة الدواء رئيس الشركة الدولية للصناعات الدوائية, موضحا أن حجم استهلاك الدواء في مصر وصل إلي14 مليار جنيه, منه96% محلي وتستحوذ الشركات الأجنبية علي الجزء الأكبر من المبلغ لارتفاع أسعارها برغم قلة الوحدات, ولن تتحسن صناعة الدواء المصرية إلا بإنشاء هيئة عليا للأدوية. أما تصنيع المواد الخام فللدكتور برهان رأي هو أن هذه الصناعة هي مواد كيماوية خفيفة تعتمد علي الصناعات الكيماوية الثقيلة التي نفتقدها في مصر, وبالتالي تصنيع الكيلو جرام الواحد من كلورمفينيكول يتطلب استيراد طن من الكيماويات الخفيفة والمذيبات لاستخلاصه منها, وهذا يكلف أكثر من استيراد الخام الدوائي. ويشير إلي أن الكيماويات لب صناعة الدواء. ويشير إلي أن الأدوية المحلية المنتجة من الشركات الوطنية تخسر لارتفاع أسعار المواد الخام عالميا. وينادي بتحريك أسعار الأدوية الوطنية حتي لا يتأثر الإنتاج لأن الشركات ملزمة بتغيير نظم الصناعة لرفع الجودة. وجدنا الأب حول مستقبل صناعة الأدوية في ظل هذا التخبط يوضح الدكتور محمد عبدالجواد خبير الأدوية والقائم بأعمال نقيب الصيادلة أن مصر بها3 أنواع من شركات صناعة الدواء, الأولي قطاع الأعمال وبه11 شركة8 منها منتجة, وتعاني ظروفا صعبة, ويجب أن تتنبه الدولة لأهميتها من الناحية الاستراتيجية وألا نفرط فيها, لأن لها أدوارا مهمة في الأزمات خاصة ونحن في منطقة غير مستقرة. والنوع الثاني من الشركات هي المتعددة الجنسيات, وزاد حجم إنتاجها وتغطي جزءا كبيرا من الاحتياجات, وهي تعمل في ظروف تسعيرية أفضل واقتصادياتها أقوي, ويجب الحفاظ علي هذه الشركات وبقاؤها وجذب الاستثمار فيها, لكن في الوقت نفسه عدم الخضوع لمطالبها, وهي تمثل مكسبا كبيرا للصناعة الدوائية, ويبلغ عدد الكبير والمتوسط منها30 شركة إلي جانب عشرات الشركات الصغيرة ويوجد منها المتطور ويمكن تطوير البعض الآخر. ويأتي الدكتور محمد عبدالجواد للنقاط الحساسة ويصيبها بسهم الحقيقة المؤلم, إذ يشير إلي أن الدواء المصري بلا أب, فالشركات الأجنبية السيطرة عليها صعبة, وشركات قطاع الأعمال التي تؤدي دورا اجتماعيا كبيرا لا تتبع وزارة الصحة, والشركات الخاصة الوطنية لا تتبع وزارة الصحة سوي في تسجيل وتسعير الأدوية, فأين الأب الذي يرسم ويوجه خريطة الدواء؟! وبالفعل وجدنا الأب ويجب عودته لبيته سريعا, حيث تم وضع قانون جديد لمهنة الصيدلة تم الانتهاء منه. للدكتور صبحي علي سعيد أستاذ ورئيس قسم الصيدلة الاكلينيكية رؤية مهمة في مستقبل صناعة الدواء المصري, حيث أتيحت له الفرصة للاطلاع علي تجربة الهند في قطاع الدواء التي بدأت بعد مصر بأكثر من ربع قرن, حيث تم عمل خطة عبارة عن مثلث له ثلاثة أضلاع تشمل التركيز علي البحث العلمي التطبيقي بواسطة علماء وطنيين لتشييد مواد كيماوية دوائية تدخل في صناعة الدواء علي نطاق صغير, ثم التنفيذ في الهند والمرحلة الأخيرة منع الاستيراد وتم تطبيق هذه الاستراتيجية بنجاح تام في الستينيات. وبعد عرض قصة نجاح الهند نأتي لمصر التي سبقتها في صناعة الدواء, وأصبحت حاليا الصناعة الدوائية المصرية متخلفة عنها في الصف, فيشير الدكتور صبحي سعيد إلي أنه في بداية الثمانينيات تم إنشاء أول مصنع خاص بمصر للأدوية. ويري أن السوق المصرية أصبحت متخمة بشركات الأدوية التي تقوم بتعبئة الأدوية, ولذلك لابد من التفكير ولو جزئيا في تصنيع المواد الخام.