بعيدا عن زحام طوابير العيش ورائحة العرق والخانق للحصول علي رغيف خبز تجلس السيدة سلمية عيد سالم بدوية مسنة من وسط سيناء وهي تخبز الدقيق الذي حصدته من أرضها. استوقفتنا رائحة الخبز وشكله لنسألها كيف تحصلين علي الدقيق اجابت من زراعة أرضي التي امتلكها فأنا امتلك3 أفدنة أقوم ببدرها بتقاوي القمح ومع نزول المطر تكون كمية الانتاج فإذا كانت الأمطار غزيرة فان الفدان الواحد يعطي ما يقرب من طن من الدقيق. أما عن تكلفته فتقول أنا أشتري تقاوي القمح من الجمعيات الزراعية بواقع جنيه للكيلو وإذا لم يكن متوافرا نشتريه من السوق بنحو2 جنيه للكيلو وزراعة الفدان تستلزم15 كيلو تقريبا أما حرث الفدان فيكلف50 جنيها وطحن المحصول بواقع10 قروش للكيلو أي أن طحن الطن من الفدان يكلف100 جنيه تقريبا وبحسبة بسيطة فان تكلفة زراعته وطحنه من خبرة هذه السيدة ما يقرب من200 جنيه للفدان,200 جنيه نحصل علي طن من الدقيق الفاخر من زراعتنا وإذا ما استمرينا في هذه الحسبة نجد أن جوال الدقيق زنة50 كيلو والذي نستورده ونشتريه من الأسواق وتدعمه الدولة يكلف100 للجوال في حين زراعته وطحنه لا تكلفنا سعر نفس الجوال أكثر من10 جنيهات فيبقي السؤال لماذا لا نزرع القمح؟ المهندس محمد مرسي وكيل أول وزارة الزراعة بشمال سيناء يقول إنه مع قدوم السيول هذا العام قمنا بتوزيع تقاوي القمح علي المزارعين بالمجان بواقع436 طنا مع إمدادهم بجرارات زراعية مجانية بواقع59 جرارا زراعيا أيضا لزراعة القمح والشعير بمنطقة الحسنة ونخل بوسط وسيناء وتم بالفعل زراعة26 ألف فدان, وأضاف أنه من المتوقع مع سنين الخصاب والأمطار التي حدثت بسيناء هذا العام أن تنتج هذه الأفدنة مايقرب من15 ألف طن من القمح بواقع3 4 أردب للفدان وهذه كمية كبيرة إذ ما قورنت بالأعوام السابقة وأشار إلي أن منطقة وسط سيناء تعتبر وبلاشك من المناطق المهمة بالمحافظة والأمل معقود في أن تصبح سلة الخبز لمصر وتحقق الاكتفاء الذاتي لمصر نظرا لخصوبة التربة بهذه المنطقة. وبعيدا عن تصريحات المسئولين فان وسط سيناء بها ما يقرب من400 ألف فدان بمنطقة السر والقوارير لم تتم زراعتها حتي الآن والسبب عدم توفير مياه من ترعة السلام لزراعتها حيث يقول المهندس الكاشف محمد الكاشف مدير الجمعية الزراعية بالعريش وعضو مجلس الشعب الأسبق للعريش أن عدم استغلال منطقة السر والقوارير بوسط سيناء يعد إهدارا لثرواتنا الحقيقية, فهذه المنطقة مستوية وطبيعة التربة مخصبة نظرا لنزول الأمطار إليها من أعالي قمم الجبال وأثناء نزولها تأخذ معها ما يسمي بطمي الجبال هذا الطمي يعتبر سمادا خصبا للتربة ولا يبقي علينا إلا أن نوفر قطرات المياه من ترعة السلام لزراعة هذه المنطقة بالقمح والشعير ووقتها فقط يمكن أن نستغني عن استيراد القمح والشعير نهائيا بل لا أريد أن أبالغ في القول أنه يمكن أن نصدر من القمح, وبالتالي نحقق الاكتفاء الذاتي لمصر من هذه الأرض, ومن خبرة البدو وحسبتهم البسيطة وأقوال المسئولين والمهتمين بالزراعة نطرح هذه التجربة الواقعية للفت أنظار المسئولين عن زراعة سيناء بالقمح واستغلال السنوات السمان من هطول الأمطار في زراعة المزيد من الأراضي الزراعية في السنوات العجاف.