كان هاجس تفاقم مشكلة رعاية مرضي الاورام.. يؤرق السيدة سوزان مبارك علي مدي اكثر من خمس سنوات مع التزايد المطرد في اعداد المرضي.. بينما معهد الاورام القائم ضارت قواه ووهنت جدرانه ولم يعد قادرا علي تقديم خدمة طبية للمترددين عليه. بعد انجاز رائع حققته السيدة سوزان مبارك بمستشفي سرطان الاطفال وجعلته واقعا يشيد به القاصي والداني.. بزغ التفكير في انشاء معهد جديد للاورام..يكون بمثابة صرح طبي يقدم رعاية للمرضي وفق نظم عالمية.. غرست السيدة الاولي بذرة المعهد علي مساحة50 فدانا في موقع فريد بمدينة6 اكتوبر وطرحت رؤية شاملة لدور حقيقي ومؤثر في رعاية مرضي الاورام وامتداد لتشييد معاهد اخري في محافظات مصر.. كيان في الطريق الي الحياة.. يصبح واقعا في غضون48 شهرا بتكلفة تزيد علي مليار جنيه يشيد برؤي متطورة تضع في اعتبارها مستقبلا قادما.. إلي تفاصيل صرح طبي يحمل في ثناياه قيمة ومعني. لايريد الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي لمعهد الاورام الجديد نمطا إداريا تقليديا, فعلي حد قوله كل الخصائص التي يحتويها هذا الصرح العملاق ستكون صورة مغايرة ندعم عبرها اداء جيدا في الخدمة الطبية المقدمة للمرضي والمتردين عليه. لذلك للمعهد مزيد من الاستقلالية في الاداء سوف يحصل عليها حتي نكسر حدة أي قوالب جامدة قد تعوق انطلاقة الخدمة وحيويتها بما يخفف معاناة ويجعلهم يحصلون علي الخدمة باسهل طريقة ممكنة. إذا كنا نسعي لادارة غير تقليدية لمعهد الاورام الجديد فإننا ايضا نعمل علي ايجاد كوادر طبية متميزة تملك الخبرة والمعرفة العلمية التي تعينها علي تقديم خدمة طبية راقيه المستوي وفق ما يمكن أن يحصل عليه المريض في اي دولة متقدمة في هذا المجال. وعلي هذا الاساس سيتفرغ الاطباء العاملون فيه كل الوقت وفق نظام شرعنا في تطبيقه داخل بعض المستشفيات الجامعية. واتخاذ خطوة تفرغ الاطباء العاملين في معهد الاورام تأتي في ضوء ايجاد خدمة فعالة وحقيقية وسيمنح هؤلاء ميزات مالية تعوضهم عن عملهم الخاص. وتطرق الدكتور هاني هلال الي مشاركة الدولة في انشاء معهد الاورام الجديد قائلا الدولة لم تقف مكتوفة اليدين تجاه المساهمة بدور بارز وفعال في الاسراع ببناء المعهد الجديد.. حيث وفرت الارض المطلوبة في مدينة6 اكتوبر بمساحة تبلغ50 فدانا وتوفر الكوادر البشرية المدربة وتتحمل اجورهم بالاضافة الي نسبة محددة من مصاريف التشغيل. وقد روعي في تصميم المبني وجود نظرة مستقبلية تضع في اعتبارها توسعات محتملة وفق مراحل محددة ليكون المعهد في شكله النهائي صرحا علميا وبحثيا وخدميا يخضع للمعايير والمقاييس الدولية وستعمل الدول علي توفير كل ما يدفع جودة الخدمة الطبية عبره. ويقول الدكتور حسام كامل رئيس جامعة القاهرة: ستكون خطوات الانشاء متلاحقة ومتسارعة ليخرج هذا الصرح العملاق للنور ويؤدي خدماته للمرضي في اسرع وقت ممكن وخلال ستة شهور سيتم الانتهاء من تصميم المعهد الجديد عبر مناقصة عالمية تشارك فيها كل بيوت الخبرة لاختيار افضل نموذج يحقق الغرض والهدف من انشائه بصورة مغايرة وعصرية. لم يشأ رئيس جامعة القاهرة استباق الاحداث بشأن نظم الادارة التي تحكم نظام عمل المعهد.. ليضمن اختيار النموذج الافضل والامثل وتتفق عليه الآراء.. فيقول لن نستطيع في الوقت الحالي الاعلان عن تصور لنظام الادارة بشكل نهائي.. كون هناك رؤي وافكار عديدة ستطرح في هذا الشأن. وسيعقد في القريب العاجل اجتماع مع اعضاء هيئة تدريس المعهد القومي للاورام لمناقشة كل الافكار والاراء المطروحة وايجاد صيغة توافقية للعمل علي تحقيقها وضمان تطبيقها علي نحو يحقق الآمال. لكن هذا لايمنع من وجود رؤي اساسية لايجاد نظم ادارية غير تقليدية تسمح بمرونة في الاداء وتخرج بعيدا عن الانماط المضادة في ادارة مثل هذه المعاهد الجامعية علي اعتبار ان هناك نقلة حضارية يتم وفق مقتضياتها تشييد هذا المعهد. بعد ذلك سيتم عرض ما استقر عليه اعضاء هيئة التدريس علي وزير التعليم العالي لإقراره والعمل علي تشكيله في نظام اداري متكامل. رعاية متطورة ليس غريبا جلوس مصر في صدر مشهد علاجات الاورام والكلام للدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب وأحد رواد علاج الاورام, حيث بدأت الرحلة في عام1961.. حتي انشئ معهد الاورام القومي في عام1996 وحمل وقتها فوق عاتقه مهمة مكافحة السرطان.. فقدم خدمة مميزة عبر كوادر علمية اخذت تنهل من العلوم والمعارف في دول متقدمة.. حتي وفرت رعاية طبية علمية مشهودا لها وبمرور الوقت تعاظم العبء الملقي علي عاتق المعهد ولم يعد يقدر علي اداء واجب لامناص منه. في تصوري ان انشاء معهد للاورام بتلك المواصفات الدولية يعد نهضة حقيقية لرعاية مرضي السرطان وفق منظومة طبية لم تعهدها مصر من قبل.. فهذا الكيان يرقي لان يكون حياة جديدة واملا جديدا نرسمه علي وجوه المرضي.. فالمبني سوف يتم تشييده بنظام الوحدات النشيطة المنفصلة, كل منها كيان مستقل بذاته وفي ذات الوقت يخدم كل منها الاخر.. بما يسهل مهمة ادارة وتوجيه دفة العمل والتحكم في توعية الخدمة والرعاية الطبية المقدمة. فهناك وحدة خاصة للعلاج الداخلي وعيادات خارجية ومركز بحوث وتعليم ومؤتمرات وعيادات خارجية وعيادات اخري خاصة للحالات الحرجة والمتأخرة.. كيان لايوجد نظير له في الوطن العربي وضع تصوره وفق رؤية تضرب بجذورها في اعماق المستقبل في مجال علاجات السرطان مما يسهل ويفعل جودة الخدمة الصحية للمرضي ويخفف عن كاهلهم اعباء جسيمة.. كانت بمثابة عقبة نحو شفاء سريع وفعال. ويضيف الدكتور شريف عمر انه سيتم توفير الخدمات المعاونة في مجال مكافحة الاورام ويأتي علي رأسها العنصر الاخطر والاهم وهو التمريض.. فهناك مدرسة تبني علي اسس ونظم متطورة تسمح بايجاد كوادر فاعلة لديها من المعرفة العلمية مايمكنها من الاداء المدعم لجودة الخدمة التي يحصل عليها المريض. ويؤكد شريف عمر ضرورة إثابة الاطباء ماليا وفق صيغة لاتختلف كثيرا عن نظم سائدة في دول العالم المتقدم وبعض بلدان الوطن العربي يأتي علي رأسها الأردن وتونس.. هذا النظام يرتكز علي تفرغ الاطباء العاملين في مراكز طبية ومستشفيات طوال الوقت وليس بعض الوقت كما هو سائد وتعويضهم ماليا والسماح لهم بيوم أو يومين لممارسة أعمالهم الخاصة في عياداتهم داخل مكان عملهم الأصلي نظير اقتسام العائد المادي منها. وتطبيق تلك التجربة اثبت نجاحا حقيقيا في مستشفي سرطان الاطفال. بعثات علمية ويشدد الدكتور شريف عمر علي ضرورة العودة الي العمل بسياسة علمية منهجية ومتطورة.. حيث يقول في الماضي عندما انشيء معهد الاورام كان يحرص دائما علي ارسال البعثات العلمية الي الخارج تنهل من المعارف المتقدمة في هذا الشأن.. حتي بات لدي مصر جيل كامل من الاطباء الاكفاء الذين حملوا فوق عاتقهم رعاية مرضي السرطان وتوفير علاجات متقدمة وفق تكنولوجيات جديدة. واعترف بأن هناك فجوة حدثت نتيجة انحسار البعثات العلمية الي الخارج وضعف قنوات الاتصال البحثية والعلمية مع دول متقدمة في مجال علاجات السرطان لكن انشاء معهد الاورام الجديد في القريب العاجل سوف يجعل من الأهمية بمكان اعداد تصور لبعثات علمية الي الخارج تنقل الي هذا الصرح علوما ومعارف متقدمة ولدينا الكفاءات التي لو قدر لها ذلك ستحقق نهضة واعدة في هذا المجال. مكافحة الأورام ويعتقد الدكتور حسين خالد نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا وعميد معهد الاورام السابق.. ان مكافحة الاورام في مصر تستند بالدرجة الأولي علي خمسة محاور اساسية دون تفعيل وجودها لن نحقق مواجهة فعالة وندرء خطر السرطان.. هذه المحاور تتضمن التشخيص والعلاج والوقاية والاكتشاف المبكر وتدريب الاطباء ومنح الشهادات العلمية والبحث العلمي وسجلا قوميا للسرطان. ومعهد الاورام المزمع اقامته لاجدال في كونه ينقل الخدمة الطبية في مجال السرطان نقلة حضارية ويدعم بلا حدود المحاور الاساسية لمكافحة الاورام لما يوفره في مجال التشخيص والعلاج من أجهزة حديثة ومتطورة تساعد علي معرفة دقيقة بتفاصيل المرض ومتسع اكثر للمرضي ويستوعب قوائم الانتظار ويقدم خدمة متكاملة بمستوي اداء متقدم ومتطور. ويعطي للاطباء فرصة اكبر في اكتساب المعرفة الطبية وفق أحدث الاساليب المتطورة في هذا الشأن ويمنح الاطباء شهادات علمية وفق ابحاث اجريت بعناية واهتمام شديد. ويعترف د. حسين خالد بأن الوهن أصاب المحاور الاساسية التي ترتكز عليها مكافحة السرطان.. بعدما غلت ايدي معهد الاورام القائم علي رعاية المرضي بامكاناته المتواضعة المتاحة التي لاتكفي لتحقيق طفرة حقيقية في مجال علاجات الاورام وتلك مشكلة لايقوي علي مجابهتها سوي المعهد الجديد الذي يدخل مصر عصرا جديدا في هذا المجال. /الفكرة... عمرها عامان! تحمل مؤسسة معهد الأورام القومي فوق عاتقها مسئولية الرعاية الكاملة لمعهد الأورام الجديد.. حيث توفر له كل السبل التي تؤدي لتشغيله خلال فترة وجيزة لا تتعدي عامين بعد الاستقرار علي التصميم. وبحسب قول الدكتور محمود شريف أمين عام المؤسسة ان فكرة انشاء المعهد الجديد لم تكن وليدة اللحظة إثر الأزمة التي حدثت في معهد الأورام.. التفكير كان منذ ما يقرب من عامين في ضوء التصورات المستقبلية وحاجة المجتمع الي كيان جديد يعمل علي رعاية افضل لمرضي الأورام. وتعد الجمعية جمعية أهلية ترأس مجلس إدارتها السيدة سوزان مبارك وعضوية شخصيات لها باع طويل في ميدان العمل الأهلي وأخري لها صلة وثيقة بطبيعة عمل المعهد. تتولي الجمعية المهمة الأساسية في هذا العمل بدءا من التصميم الذي تم تكوينه عبر مناقشات مع الدكتور همام سراج الدين استاذ الهندسة بجامعة القاهرة وروعي فيه مفاهيم متطورة وحديثة تواكب النظم الدولية السائدة في هذا المجال. الخطوات متسارعة ومتلاحقة لتحقيق الانجاز في غضون فترة قليلة ولذلك سيتم علي الفور استخدام شركة اجنبية في مجال العمارة ومعها استشاري يعكفون علي الاقتراح المبدئي لشكل المبني وفور الانتهاء منه تتخذ الإجراءات المتعلقة بالمناقصة العالمية. ويستبعد أمين عام مؤسسة معهد الأورام الجديدة أي عقبات يمكن ان تواجه التمويل برغم التكلفة المالية الباهظة والتي تصل إلي أكثر من مليار جنيه حتي فترة التشغيل.. حيث بدأت بالفعل تتدفق التبرعات علي نحو فعال وجاد.. فتبرع منصور عامر ب200 مليون جنيه وجمعية أصدقاء معهد الأورام ب5 ملايين جنيه. وستضع المؤسسة رؤية متكاملة نعمل عبرها علي جمع التبرعات من أهل الخير ونسند تلك المهمة إلي شركة متخصصة تتولي تنظيم هذه العملية بأسلوب علمي حتي يحقق الهدف منه. لم يقتصر دور المؤسسة وينتهي كما يقول الدكتور محمود شريف.. عند بدء تشغيل المعهد.. لكن تظل باقية تقوم بمهمة محددة بشأن الإنفاق وتدبير الاعتمادات المالية اللازمة لعملية التشغيل وسيكون المعهد تابعا لجامعة القاهرة وفق نظم إدارية متطورة بعيدا عن القوالب الجامدة لضمان الحيوية في أداء الخدمة. ان النجاح الذي حققته تجربة مستشفي سرطان الأطفال علي حد قوله كانت دافعا حقيقيا لأن يسير معهد الأورام الجديد علي نفس الدرب برعاية كريمة من السيدة سوزان مبارك.