يحمل مشروع' برج دبي' مفارقة مهمة لأن البعض يعتبره مساهما في حالة التعثر المالية التي واجهت الامارة، بينما يراه آخرون جسرا للخروج من دائرة التعثر والدخول في مرحلة التعافي ومع افتتاح المشروع الذي بلغت تكلفته20 مليار دولار، امس بعد أن استغرق بناؤه4 سنوات بعمق50 مترا تحت سطح الأرض وبطول يقترب من كيلومترا فوقها فانه مع بداية العقد الحالي فان حالة من التفاؤل بدأت تنتشر بين الاوساط الاجتماعية ودوائر الاعمال هنا نظرا لان الرؤية بعيدة الافق والتي خططت لكي تصبح قطعة الارض التي يحتلها تصبح أرقي كيلومتر مربع علي وجه الأرض والتي يبدو وانها كانت تعلو قامة البرج, وذلك بعد نهاية ثقيلة للعام الماضي, وكما اشار محمد العبار رئيس الشركة المنفذة للمشروع الذي اوضح ان فكرة برج دبي كانت قبل أربعة أعوام بهدف إنشاء مبني مؤلف من90 طابقا فقط مثل باقي المشروعات التقليدية, لكن رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي شجعتنا علي اختيار الطريق الصعب وتحدي المستحيل من أجل بناء تحفة معمارية تكون محط أنظار العالم بأسره, مضيفا أن أهمية برج دبي لا تقتصر علي كونه تحفة هندسية مصنوعة من الإسمنت والحديد والزجاج بل هي في الحقيقة انعكاس للجهود الاستثنائية لكل من يساهم في دفع سير العمل في هذا المشروع نحوالمزيد من التطوير. وبالطبع فان الامم ليس بمقدورها شراء التاريخ وهو مفهوم يدركه اهل دبي تماما, ولكنهم يوقنون انه بالامكان السعي للهيمنه علي مفردات المستقبل ومن بينها المعالم فائقة التميز التي تشكل مزارا يستقطب الزائرين ومحط الوجهات السياحية الرئيسية علي مستوي العالم, فهو لايستقطب160 الف مقيم داخله فقط من السكان والعاملين بالمكاتب والشركات بل يقدر ان يستقبل الآلاف من السائحين الذين تحاول الامارة مراوغة الازمة المالية الحالية والعبور الي آفاق جديدة. ولقد رسخت الامارة مفهوم التطوير العقاري اقليميا وعالميا, ويشير الخبراء الي ان دبي تشكل ورشة عمل ميدانية للابداع العقاري بمشروعاته غير النمطية, فالعديد من خبراء الهندسة الانشائية يقبلون علي العمل في الامارة ويفضلونها عن بلدانهم في مختلف القارات اوربا وآسيا وامريكا ويفصحون بأن الرؤي للتطوير اللامحدود هنا لانجده غالبا في بلادنا أو أماكن اخري لاسباب عديدة منها ماهو تشريعي يرتبط بالرسوم والضرائب العالية او تمويلي, أو مايرتبط بالنظم والاسلوب التقليدي في العمل والتنفيذ أو كل تلك العناصر مجتمعه قد تواجهنا في بلاد أو أخري ولكننا هنا لانجد إلا آفاقا تحتضن المبادرات وكل ماهو غير نمطي. لقد حرصت الامارة في تنفيذ المشروع علي الاستعانة بالخبرات الهندسية والإنشائية والإدارية من كبريات الشركات العالمية ليصبح المشروع نموذجا حيا للإنجازات غير المسبوقة لمشروع تجاوز الارقام القياسية حتي قبل ان يفتتح بحضور شخصيات ورموز عالمية ليسجل يوم ميلاده امس الرابع من يناير ليعد قلاده جديدة علي لائحة الجدية والانجاز, فاصبح أطول برج في العالم بشهادة مجلس المباني الشاهقة والمساكن الحضرية العالمي ليسجل رقما قياسيا في جميع الفئات علي أساس ارتفاع القمة ارتفاع السارية والسطح وأعلي طابق مأهول بالسكان علي مساحة500 فدان. الطريف ان البرج وسكانه الذين يشكلون قرية صغير سيواجهون فروقا في التوقيت كما تشير دائرة الشئون الاسلامية بدبي, وتوضح ان هناك فروقا في التوقيت بين سكان الطابق الارضي من البرج وبين القاطنين في الطابق الاعلي وحددت الادارة دقيقة فرقا في توقيت الصلاة وبالطبع إفطار الصائم فضلا عن انخفاض حوالي3 درجات في الحرارة للطوابق العليا من البرج. ويشكل كيان البرج والمنطقة المحيطة به من ابراج وشقق وفنادق مفهوما جديدا للمشروعات العقارية يتجسد في اقامة مايسمي ب المدن العنقودية بمعني المدن المتكاملة المرافق والخدمات والتي تعتمد اعتمادا شاملا علي مرافقها وخدماتها الذاتية, وهذا المفهوم يعتمد غالبا علي شرائح مجتمعية متقاربة وفئات مجتمعية تضيف الي المجتمع الاقتصادي بسماته التجارية اوالصناعية. واظهرت دراسة اكاديمية ان ارتفاع المسكن يدعم احساس الفرد بالقوة والسيطرة كما يساعد علي التفكير بشكل أوضح, وكشفت الدراسة التي أجرتها جامعة هارفارد الامريكية علي البحارة والقاطنين في الصحراء إن الرؤية- رؤية خط الافق- تعزز ملكات التفكير واتساع الافاق. ومع تزايد حركة بناء الأبراج في دبي اقترب عددها من الالف برج سكني واداري وتجاري يتم التعامل مع المخاطر من خلال اجهزة انذار وإنقاذ وإطفاء وإخلاء تعمل بالانظمة الذكية علي مدار الساعة, وفي حالة اندلاع حوادث تتعامل معها فرق الانقاذ وتنتهي مخاطرها دون ان يشعر بها حتي اصحابها القريبون منها.. والسبب نظام الانذار المبكر والتعامل فائق السرعة ايضا مع مخاطرها ويوجد غرفة مراقبة لكل طابق تعتمد علي التكنولوجيا الحديثة من الاقمار الصناعية مثل( جي. اس. ام) وال( جي. بي. ار. اس) وللتمكن من استقبال وإرسال الاتصالات والتعامل مع المخاطر. لقد ساهم المشروع في تحريك الكثير من المياه الاقتصادية التي تسبب في ركودها عوامل داخلية واخري خارجية, فقد شهد القطاع العقاري تحركا وان كان طفيفا سعي الي تثبيت بعض الاسعار من التراجع مثل المواد الخام المعنية بالبناء فضلا عن العديد من الصناعات المغذية للبناء وأعمال الحديد والزجاج والالمنيوم, فقد بلغ حجم استهلاك المشروع من الإسمنت المسلح نحو330 ألف متر مكعب و39 ألف طن متري من القضبان الفولاذية و142 ألف متر مربع من الزجاج وما يقدر ب22 مليون ساعة عمل لجميع المشاركين في إنشائه, كما سجل البرج رقما قياسيا جديدا في أعلي ارتفاع ضخت إليه الخرسانة الإسمنتية في الأبراج العالية حيث وصلت إلي460 مترا(1509 أقدام).
