مركز التحول الرقمي بجامعة جنوب الوادي يجرى اختبارات ل 107 باحثين    معلومات الوزراء يعرض قصة البطل الأوليمبي محمد السيد مترجمة بلغة الإشارة (فيديو)    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي التخصصي    لا تهاون بشأنها.. وزير الخارجية: قضية المياه وجودية لمصر وترتبط مباشرة بالأمن القومي    أستاذ ب«جامعة القاهرة»: اتجاه حكومي لرصد حضور وغياب الطلاب إلكترونيًا    بدر عبدالعاطي: رعاية المصريين بالخارج الأولوية القصوى للسياسة الخارجية المصرية    تداول 2500 حاوية مكافئة في ميناء الإسكندرية خلال 24 ساعة    محافظ البحيرة تستقبل سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة    مطالب برلمانية بتعديل قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة    «تضامن الغربية»: تنظيم معرض للأثاث والأجهزة الكهربائية للأسر الأولى بالرعاية    السفير الإيطالي يعرض على وزير الرياضة نشر «الباسكن» في مصر    تراجع تدفق النفط الروسي يدفع الأرباح إلى أدنى مستوى لها في ثمانية أشهر    خطوات إجراءات التعاقد على وحدة سكنية من «التنمية الحضرية» (مستند)    غارة إسرائيلية على بلدة بيت ليف في جنوب لبنان    عبدالعاطي: كلمة مصر بالجمعية العامة للأمم المتحدة ستكون شاملة وجامعة    العراق يمنح سمات الدخول إلى اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية    وزير العمل: الرئيس يوجهه بمساندة كل عمل عربي مشترك للتنمية وتوفير فرص عمل للشباب    انتخابات أمريكا 2024.. هاريس تخطط لزيارة حدود أريزونا لمعالجة مشكلة الهجرة    كرة اليد، 6 مواجهات قوية في دوري المحترفين اليوم    ضغوط من اتحاد الكرة لإضافة مدرب مصري لجهاز ميكالي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    شوبير يعلق على قائمة الأهلي للسوبر الأفريقي: لا صحة لوجود حارسين فقط    الإسماعيلي ينتظر رد «فيفا» اليوم لحسم ملف خليفة إيهاب جلال (خاص)    النيابة العامة تكلف بفحص حالة فتاة فيديو الهرم الاجتماعية والنفسية    الأرصاد تكشف طقس الساعات المقبلة وبيان درجات الحرارة غدًا الأربعاء (تفاصيل)    حماية المستهلك: ضبط مبيدات زراعية منتهية الصلاحية بالغربية    النزلات المعوية.. مستشار الرئيس: نستنفر لخدمة المرضى دون تأخير.. ده واجب قومي علينا    بيعبر الطريق.. تفاصيل إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق في الهرم    ضبط متهم بالنصب على المواطنين في الجيزة    ضبط 34 سلاحا ناريا و15 قضية مخدرات خلال حملة فى أسوان وأسيوط    محافظ قنا يشهد الاحتفال بيوم السياحة العالمي بمعبد دندرة    توقعات برج الميزان في الأسبوع الأخير من سبتمبر 2024.. ونصيحة للحرص على الأموال    محافظ قنا: مناقشة اقتراح اختيار قرية «دندرة» كمقصد للسياحة الريفية    وزير السياحة: وضع خطة للترويج للمتحف المصري بالفسطاط    بداية جديدة.. جامعة بنها تنظم قوافل طبية وبيطرية بقريتي مرصفا والحصة    طريقة عمل البيتزا، سهلة ولذيذة ويمكن وضعها فى اللانش بوكس    «أمن الشرقية» تنظم حملة للتبرع بالدم    156 مليون عبوة دواء| بالأسماء.. الأصناف التي تم ضخها من النواقص    مصدر يكشف للشروق.. قائمة الأهلي لمواجهة الزمالك في السوبر الإفريقي    شركات طيران عربية وعالمية تلغي رحلاتها إلى لبنان وإسرائيل    الدفاع الروسية: إسقاط وتدمير 13 طائرة مسيرة أوكرانية فوق 3 مقاطعات روسية    المالية: حزمة تسهيلات ضريبية تتضمن وضع نظام متكامل للمعاملة الضريبية    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    ما حكم الخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة؟.. «اعرف الرأي الشرعي»    موعد مباراة الأهلي المقبلة أمام القادسية في دوري روشن السعودي    رئيس جامعة القاهرة يستقبل 3 عمداء كليات الصينية لبحث سبل التعاون    بالفيديو.. أسامة قابيل للطلاب: العلم عبادة فاخلصوا النية فيه    موتسيبي: التمويل سبب أزمة الكرة الإفريقية    «فرص لوظائف عالمية».. وزير التعليم العالي يهنئ «النيل للهندسة بالمنصورة» لاعتماده من «ABET» الأمريكية    أبو الغيط يوقع مذكرة تفاهم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الرقمى بنيويورك    بعد قليل.. الحكم على البلوجر سوزى الأردنية بتهمة سب والدها على الهواء    نجم الأهلي السابق يكشف توقعاته لمباراة القمة في السوبر الافريقي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    مريم الجندي: «كنت عايزة أثبت نفسي بعيدًا عن شقيقي واشتغل معاه لما تيجي فرصة»    «الباجوري» بعد تصوير «البحث عن علا 2» في فرنسا: لم أخشَ المقارنة مع «Emily in Paris»    غدا.. افتتاح معرض نقابة الصحفيين للكتاب    قنصل السعودية بالإسكندرية: تعاون وثيق مع مصر في 3 مجالات- صور    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكسب والخسارة في معركة الدستور التركي

أسفرت معركة التعديلات الدستورية التي شهدها البرلمان التركي الأسبوع الماضي‏(1‏ 2010/6/6)‏ عن مكاسب وخسائر لطرفيها الرئيسيين‏,‏ فقد كسب وخسر حزب العدالة والتنمية الحاكم‏,‏ صاحب مشروع التعديلات الدستورية‏. وخسرت وكسبت أيضا أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان‏,‏ وفي مقدمتها حزب الشعب الجمهوري‏,‏ وحزب الحركة القومية‏.‏ ولكن التدقيق في حجم ونوعية المكسب والخسارة لكلا الطرفين‏,‏ يوضح أن ما كسبه الحزب الحاكم أكبر بكثير مما خسره‏,‏ وما خسرته أحزاب المعارضة أكبر بكثير مما كسبته‏.‏
من مواد مشروع التعديلات التي قدمها حزب العدالة والتنمية والحاكم‏(27‏ مادة‏)‏ هناك مادتان أساسيتان دارت حولهما المعركة بضراوة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة‏,‏ وهما‏:‏ المادة رقم‏8(‏ حسب تسلسل المواد في مشروع التعديل‏)‏ التي تهدف إلي تقيد حظر الأحزاب السياسية‏,‏ والمادة رقم‏17‏ التي تهدف لإعادة هيكلة أعلي مؤسسة قضائية وهي الحكمة الدستورية‏,‏ وتحديد اختصاصاتها فيما لا يتجاوز تطبيق القانون‏.‏ وليست المادتان علي درجة واحدة من الأهمية‏;‏ فمادة إعادة هيكلة المحكمة الدستورية العليا‏,‏ أكثر أهمية من وجهة نظر حزب العدالة والتنمية‏,‏ مقارنة بمادة تقييد حل الأحزاب‏.‏ صحيح أن المادتين مهمتان‏,‏ ولكن موازين القوي بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة‏,‏ استلزمت درجة عالية من المهارة والاقتدار السياسي في إدارة معركة التعديلات كي يخرج الحزب بأكبر المكاسب‏,‏ وأقل الخسائر‏.‏ كسبت أحزاب المعارضة بنجاحها في إجبار البرلمان علي شطب م‏/8‏ من مشروع التعديلات‏,‏ وهي التي تستهدف تقييد حل الأحزاب‏.‏ ولكن حلاوة هذا المكسب جاءت بطعم الخسارة المرة‏.‏ لأن أحزاب المعارضة ارتكبت خطأ لن يغفره لها الرأي العام التركي‏;‏ فهو سيظل يتذكر أن هذه الأحزاب وبمقدمتها حزب الشعب الجمهوري‏,‏ اعترضت علي تأمين حق أساسي من حقوقه‏,‏ وهو حق تكوين الأحزاب دون أن تكون عرضة للحل بناء علي رغبة فرد وحد‏(‏ المدعي العام‏)‏ طبقا النظم المعمول به حاليا‏,‏ وجري بموجبه حل‏25‏ حزبا‏,‏ وكاد قبل عامين ان يحل حزب العدالة الحاكم رغم أنه منتخب من حوالي‏16‏ مليونا من المواطنين الأتراك الذين صوتوا لصالحه مرتين في الانتخابات العامة‏(2002‏ 2007).‏ جوهر التعديل الذي أجهضته أحزاب المعارضة هو أنه لا يجوز للمدعي العام أن يقيم دعوي حل أي من الأحزاب الا بعد موافقة مسبقة من لجنة برلمانية تتشكل من خمسة أعضاء من كل حزب ممثل في البرلمان ويرأسها رئيس البرلمان‏.‏ المعارضة رفضت هذا التعديل‏,‏ وهللت لنجاحها في شطبه من حزمة التعديلات الدستورية‏.‏
المفارقة هنا أن أحزاب المعارضة حققت مكسبا علي حساب الشعب بشطب المادة التي استهدفت تأمين إجراءات حل الأحزاب‏,‏ وإشراك الشعب نفسه في قرار الحل عبر اللجنة البرلمانية التي أشرنا إليها‏.‏ بينما مني الحزب الحاكم بخسارة علي حساب نفسه وخاصة أن ستة من أعضائه في البرلمان انحازوا لموقف أحزاب المعارضة في التصويت ضد هذا التعديل الخاص بحل الأحزاب يجعل الحزب الحاكم‏,‏ وكذلك أحزاب المعارضة عرضة للحل حسبما يري المدعي العام‏,‏ ووفق إرادة المحكمة الدستورية‏!;‏ ورغم أن إجراءات الحل المعمول بها حاليا ليست بسيطة‏,‏ ولكن التعديل المجهض كان يعزز جانب الإرادة الشعبية علي إرادة السلطة‏.‏ ولكن خسارة م‏/8‏ من حزمة التعديلات‏,‏ غطي عليها كسب موافقة البرلمان علي م‏/17‏ الخاصة بإعادة هيكلة المؤسسة القضائية‏,‏ وكذلك م‏/23‏ الخاصة بمجلس القضاء الأعلي والمدعين العامين‏.‏ فالتعديل الذي أجازه البرلمان بأغلبية‏336‏ صوتا يقضي بزيادة عدد اعضاء المحكمة الدستوري من‏11‏ حاليا الي‏17‏ عضوا أصيلا‏,‏ علي أن يختار البرلمان أثنين منهم بالتصويت السري‏,‏ أما باقي الأعضاء فيختارهم رئيس الجمهورية وفق إجراءات خاصة‏,‏ علي أن تكون ولاية العضو المنتخب‏12‏ عاما مدة واحدة غير قابلة للتمديد‏,‏ والأهم من ذلك هو أن قرارات المحكمة بحل الأحزاب يجب أن تكون بأغلبية ثلثي عدد أعضائها‏,‏ وليس بالأغلبية المطلقة‏(‏ النصف زائد واحد‏)‏ كما هو معمول به حاليا‏.‏ وهنا مكمن الاقتدار السياسي الذي قلنا إن حزب العدالة قد حققه‏;‏ فشطب مادة الأحزاب من حزمة التعديلات وإن فوت فرصة لغل يد المدعي العام عن تحريك دعوي الحل‏,‏ إلا أن تمرير مادة القضاء فتحت الأمل مة أخري لتحجيم العقلية الإقصائية التي دأبت علي حل الأحزاب حسب هواها‏,‏ وذلك بإشتراط أغلبية موصوفة بالثلثين لصحة قرار المحكمة الدستورية بحل حزب سياسي بناء علي دعوي المدعي العام‏.‏ صحيح أن مادة الأحزاب كانت ستحجم عملية الحجب من المنبع‏,‏ وكان هذا أفضل‏,‏ ولكن مادة القضاء ستحجم الحل أيضا عند المصب وقبل صدور قرار الحل‏,‏ وهذا أفضل من لا شيء‏.‏ واقع الحال أن المعركة لم تنته بعد‏.‏ فإقرار البرلمان لحزمة التعديلات الدستورية لم تتوافر له أغلبية الثلثين كي تسري التعديلات تلقائيا‏,‏ ومن ثم أسرعت الحكومة بإحالة المشروع لرئيس الجمهورية للنظر فيه‏,‏ وله أن يعيده للتصويت عليه مرة أخري في البرلمان‏,‏ وهو احتمال مستبعد جدا‏,‏ أو أن يعيده للحكومة كي تطرحه للاستفتاء الشعبي العام وهو المرجح‏.‏ وترغب الحكومة في إجرائه في يوليو المقبل‏,‏ قبل الدخول في الفترة التي يستحيل فيها تنظيم استفتاء عام بحكم الدستور قبل عام من الانتخابات البرلمانية في يوليو‏.2001‏
أما المعارضة فقررت رفع دعوي بعدم دستورية التعديلات جملة وتفصيلا‏,‏ وتأمل أن تماطل المحكمة الدستورية في نظر القضية حتي يحل الوقت الذي يتعذر فيه الأستفتاء دستوريا‏.‏ وفي هذه الحالة‏,‏ سيكون بإمكان الحكومة الدعوة لانتخابات مبكرة‏;‏ كي تقطع الطريق علي احتمالات انحياز المحكمة الدستورية لصف المعارضة وتجهض التعديلات‏.‏
اقتدار الحزب الحاكم في تركيا يتجلي الآن في أنه ذاهب إلي الشعب كونه مصدر السلطات والولي علي نفسه‏,‏ ليستفتيه في أمر التعديلات التي ستنقله لعهد جديد‏,‏ بينما أحزاب المعارضة ذاهبة لتمسك بالعصا الغليظة للقضاء الدستوري‏,‏ تستقوي بها علي إرادة الشعب‏.‏ وأغلب الظن أنها ستخسر دعواه‏,‏ وستنكسر عصاها‏,‏ لأن الشعب بات في مستوي الولاية علي نفسه‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.