من جديد, اشتعلت أزمة السولار بالمحطات!..طوابير السيارات تتكدس في الشوارع الرئيسية والفرعية لعدة ساعات للحصول علي السولار.. مشاجرات بين السائقين علي أسبقية تموين سياراتهم.. ارتفاعات في تعريفة نقل الركاب والبضائع.. معدات زراعية مهددة بالتوقف برغم قرب حلول موسم الحصاد الذي يبدأ في منتصف مارس المقبل. افران الخبز تواجه أزمة حقيقية بسبب نقص إمدادات الوقود.. سوق سوداء تنتعش مع الأزمات.. وحكومة تتحمل نحو48 مليار جنيه بسبب دعم السولار.. التهريب لا يزال مستمرا إلي غزة, وتركيا, والأردن! باختصار.. لا توجد حلول حقيقية للأزمة, التي تظهر, ثم تختفي, بلا مقدمات, وتنفرج أياما قليلة, ثم تعود من جديد!.. تري ما السبب؟.. وما الحلول الممكنة لمواجهة أزمات السولار بشكل خاص, والمواد البترولية بشكل عام؟.. طرحنا القضية علي الخبراء.. قبل أن نسجل رؤاهم في هذا التحقيق: هناك مشكلة حقيقية في السولار.. هكذا قال لي الدكتور إبراهيم زهران خبير الطاقة الدولي, فالإنتاج المحلي لا يكفي, ومن ثم نلجأ إلي الاستيراد من الخارج, وبطبيعة الحال نواجه صعوبة في تدبير التمويل اللازم لتلبية الاحتياجات الاستيرادية, وهناك مراكب تتعطل, وشحنات لا يتم تفريغها لعدة أيام بسبب النوات, وتقلبات الأحوال الجوية, وهو ما يحول دون وصول الكميات المطلوبة في الوقت المقرر, فتكون النتيجة حدوث اختناقات في الكثير من المحطات. مطلوب رؤية حكومية واضحة وأزمة السولار في رأي الدكتور أيمن جاهين- الخبير البترولي- لن تجد طريقها للحل إلا بحل مشاكل الدعم, بحيث يتم استبعاد القطاع الخاص نهائيا من منظومة التعامل مع المواد البترولية بالنقل, أو التوزيع, فلم يعد من المقبول ترك القطاع الخاص يتلاعب في سوق المواد البترولية التي لا تقل استثماراتها عن20 مليار جنيه.. فالحكومة التي تتحمل الدعم وتعاني منه هي المنوطة بتوصيل الدعم بنفسها لمستحقيه و ليس بتسليمه للقطاع الخاص لكي تقوم بعد ذلك بتشديد الرقابة علي الأسواق بعد أن سربت هي الدعم بنفسها,قيام الحكومة بتسليم الدعم للقطاع الخاص لتوزيعه يعد شكلا من أشكال التواطؤ. ولأن الحكومة هي التي تتحمل دعم المواد البترولية, فعليها إدارة هذه المنظومة بمفردها أو بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني و الجمعيات الأهلية, بحيث يتم التصدي لكافة الممارسات السلبية التي يشهدها هذا القطاع الحيوي ومن بينها سوء التوزيع, أو التلاعب بالدعم, او التهريب, أو السوق السوداء, ومن ثم يمكن أن تخصص الحكومة نسبة لكل صاحب محطة فقط, فيما تولي موظفون حكوميون مسألة الادارة لمواجهة عمليات التلاعب. وكما هو معروف والكلام مازال للدكتور أيمن جاهين- فإن مشكلة أزمات المواد البترولية, ومن بينها السولار قديمة, تظهر وتختفي, لكنها تتجدد باستمرار, وتزيد حدتها في أوقات الانفلات الأمني, وغياب الرقابة, والفوضي التي تشهدها الأسواق, كما أن عمليات تهريب البنزين المدعم والسولار لن تتوقف, مادام القطاع الخاص مازال طرفا في منظومة تعبئة المواد البترولية أو نقلها أو توزيعها, أو بيعها, ونحن هنا نرفض أي دور للقطاع الخاص في هذه المنظومة مادام الدعم لايزال مستمرا, وليس لدينا أي مخاوف من مشاركته بعد رفع الدعم, لأنه لن تكون هناك أي فرصة أمامه للتلاعب في هذه الحالة, لأن كافة المنتجات سوف تطرح للبيع بسعر السوق مشيرا إلي أن هناك الكثير من القطاعات الحيوية التي تصاب بالشلل نتيجة عدم توفير السولار, ومن بينها قطاع النقل, الذي إذا تم التوسع في النقل النهري, ورفع مساهمته في النقل العام من0.5% إلي5% لترشيد استهلاك السولار,و الذي يستحوذ علي الجانب الأكبر من فاتورة دعم المنتجات البترولية, حيث يبلغ دعم السولار أكثر من50 مليار جنيه, وبحسب تقديرات الخبراء, فإن مشروع تطوير النقل النهري يتكلف نحو800 مليون جنيه ويستغرق نحو6 أشهر, وهناك مثال حي في ألمانيا, حيث يستوعب نهر الراين15% من حجم النقل هناك, كما أن محطات توليد الكهرباء, وأفران الخبز, والمعدات الزراعية, تعتمد علي السولار بشكل كبير, ومن هنا يجب ضبط منظومة الانتاج, والنقل, والتوزيع, لسد منافذ التلاعب, ومواجهة الأزمات المتكررة في المواد البترولية بشكل عام, والسولار بشكل خاص. وفي جميع الأحوال, لابد أن يكون لدي الحكومة رؤية واضحة و خطة محددة في إطار زمني معين لرفع الدعم عن المنتجات البترولية, و أن تكون هذه الخطة معلنة للجميع مع مراعاة إتاحة فترة زمنية و تجنب المفاجآت, فعندما تعلن الحكومة مثلا أنها ستقوم برفع سعر لتر السولار في الأعوام الخمسة القادمة بنسب معينة وصولا لرفع الدعم نهائيا عن السولار, فإن من شأن ذلك تهيئة الفرصة لتحويل وسائل نقل الركاب والبضائع لتعمل بالغاز الطبيعي. ومن الممكن أيضا, أن تعلن الحكومة من الآن, أنه قد يصل الأمر إلي عدم إصدار تراخيص تسيير المركبات التي ستعمل بالسولار في المستقبل إذا ترتب علي ذلك زيادة فئات النقل و أسعار البضائع. أين الاحتياطي الاستراتيجي؟! ويتساءل الدكتور مهندس حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية- إذا كان هناك مخزون استراتيجي من السولار يكفي لمدة ثمانية أو عشرة أيام كما يؤكد المسئولون, فلماذا لا يتم السحب منه لحل الأزمة, ولحين وصول كميات أخري يتم التعاقد علي استيرادها من الخارج؟ والحقيقة كما يقول رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية- إن قطاع المواد البترولية كان مستقرا منذ منتصف اكتوبر الماضي, وكذلك خلال شهري نوفمبر, وديسمبر, ومنذ بداية العام بدأت أزمة السولار, والتي تزامنت مع3 نوات متتالية, وبالتحديد يوم1 يناير, ونوة أخري في7 يناير, و ثالثة في19 يناير الماضي, والمعروفة ب نوة الغطاس, وكان يجب ألا يتاثر القطاع بتلك النوات مادام لدينا مخزون استراتيجي من السولار حسب تأكيدات المسئولين , فإذا افترضنا أن متوسط الاستهلاك يقدر بنحو35 مليون لتر يوميا, فهذا يعني أن المخزون الاستراتيجي الذي يتحدثون عنه يقدر بنحو280 مليون لتر من السولار تقريبا, وكان يجب أن يتم حل الأزمة من ذلك المخزون الاستراتيجي, لكن ذلك لم يحدث, بل ازدادت الأزمة تفاقما في الأسابيع الأخيرة, وهو ما تؤكده طوابير السيارات التي تنتظر لساعات طويلة أمام المحطات, فضلا عن التأثير السلبي لذلك علي حركة نقل الركاب, والبضائع, وما صاحبه من ارتفاع في تعريفة نقل الركاب, ونولون نقل البضائع, إلي جانب توقف المعدات الزراعية, وانتعاش السوق السوداء لتجارة السولار, والتي يلجأ إليها المستهلكون لمواجهة الأزمة, في ظل نقص المعروض من السولار بالمحطات, نتيجة نقص الكميات التي تصل إليها. وتأتي الأزمة الحالية في السولار, قبل موسم الحصاد الذي يحل موعده في منتصف شهر مارس القادم, فإذا لم يتم توفير السولار, فإننا سنكون امام مشكلة تهدد المحصول الزراعي, فضلا عن تأثير نقص السولار علي حركة نقل الركاب والبضائع, والمخابز, والمعدات الزراعية وغيرها من المعدات والماكينات التي تعمل بالسولار.