شهدت الساحة المصرية بعد نجاح ثورة25 يناير العديد من المستجدات كان من أبرزها, مشاركة المرأة في العمل السياسي, فأصبح مألوفا الآن خروجها للمظاهرات, ليس فقط للمطالبة بحقوقها ولكن أيضا للمشاركة في بناء مستقبل مصر والمناداة بالحقوق. كما أثارت مشاهد الاعتداء علي السيدات من قبل قوات الأمن والتحرش بهن في أثناء المظاهرات, وما تناقلته وسائل الإعلام المحلية والأجنبية حول تعرض الكثير من السيدات للاغتصاب بميدان التحرير, العديد من التساؤلات حول مشروعية مشاركة المرأة في المظاهرات. علماء الدين يؤكدون أن حرية التعبير والمشاركة في المظاهرات حق مكفول للمرأة مثلها مثل الرجل, لكن له ضوابط وشروط محددة يجب أن تلتزم بها المرأة حتي لا تخالف الشريعة الإسلامية. ويري الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية, أن تلك الظاهرة ترجع إلي تهميش المرأة قبل الثورة, ولكن الآن أصبحت مشاركة المرأة في المظاهرات واقعا نراه جميعا, بل وصل الأمر إلي خروجها في مظاهرات نسائية فقط, وترجع أسباب تلك الظاهرة إلي عدة أسباب منها إحساس المرأة أن هناك انتقاصا في بعض حقوقها, فقد طالبت الكثير من التيارات الإسلامية بتغيير القوانين التي تتعلق بسن الحضانة والرؤية, وهناك مطالبات بنزع دور حق المرأة في الولاية التعليمية, وأيضا خفض سن الحضانة, بالإضافة إلي أنه لم يكن للمرأة تمثيل كاف في الجمعية التأسيسية للدستور الذي يمثل الوثيقة الأساسية للمجتمع والدولة, أيضا البرلمان المنحل لم تمثل به المرأة نسبة كافية, وبالتالي يتضح وجود انتقاص للمرأة في مشاركتها في الحياة الإجتماعية والسياسية, وبعد إقرار الدستور لم تجد المرأة ما ينصفها فيه, الأمر الذي أدي لشعورها بالتهميش, وهو ما ترتب عليه ثورة المرأة وخروجها في المظاهرات. ضوابط المشاركة ويضيف الجندي أن حق الحرية مكفول للمرأة أيضا فهو حق ديني وإنساني, فحرية التعبير عن الرأي مقررة للمسلم رجلا كان أو امرأة, فالقرآن الكريم جمع بين الرجل والمرأة في ولاية من الولايات العامة, يقول تعالي: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم, فهذه ولاية والمرأة تشارك فيها بنص قطعي من القرآن الكريم, كما أنها تريد أن تشارك في بناء مصر الحديثة, لكن ينبغي أن تكون هذه المشاركة بضوابط, وهي أن تكون المظاهرات التي تشارك فيها المرأة بما لا يخل بطبيعتها كإنسانة مسلمة بمعني أنه يجب أن تلتزم بأخلاقيات وسلوكيات المرأة المسلمة مثل التزامها بالزي الإسلامي المحتشم, أيضا أن يكون هذا التظاهر سنده علي حق ويعبر عن العدل, أو مثلا أن تطالب بأن تتولي مناصب حسب مؤهلاتها, فالمرأة لها أن تخرج للمظاهرات مادامت طالبت بحق ليس ممنوعا شرعا, وهنا يجدر القول بأن هناك العديد من الحقوق التي للمرأة أن تطالب بها ولا تمنعها الشريعة, مثل أن تكون نائبة, أو وزيرة مثلا, أو أن تتولي أيضا مناصب عامة, وهذا كله جائز ولا يوجد دليل من القرآن أو السنة يمنع مشاركة المرأة من المطالبة فيه, كما يجب أن تكون هذه المظاهرة بقصد تحقيق العدالة أو المساواة فيما تجوز فيه المساواة بين الرجل والمرأة ولا تمنعه الشريعة, ويلفت الدكتور الشحات الجندي الانتباه إلي أن القاعدة العامة في الشريعة هي المساواة بين الرجل والمرأة إلا فيما ورد فيه نص يمنع ذلك مثل الميراث, وأيضا يجب أن لا تنطوي هذه المظاهرات علي أفعال تؤدي إلي الإضرار بالمنشآت العامة أو تعطيل العمل أو ما يماثل ذلك, وذلك لأن كل نشاط من الناحية الشرعية مقيد بعدم الإضرار أو التخريب والإتلاف, يقول تعالي: من بعد وصية يوصي بهآ أو دين غير مضآر وصية من الله والله عليم حليم, وقوله صلي الله عليه وسلم:( لا ضرر ولا ضرار). كما يوجد ضابط آخر مهم للمشاركة في المظاهرات وهي أن لا تتضمن المظاهرة مطالب من شأنها أن تقوض هوية المجتمع والدولة, فالمجتمع المصري له هوية دينية لا فرق في ذلك بين المسلم والمسيحي, وبين الرجل والمرأة, وينبغي علي الجميع أن يحافظوا علي هذه الهوية ويدافعوا عنها فلا ننساق في مظاهرات من شأنها أن تنتهك هذه الهوية باعتبارها ضمانة أساسية للمجتمع المصري الذي يقوم علي احترام الأديان السماوية الثلاثة, كما ينبغي أن يكون من شان هذه المظاهرات المطالبة بما يحقق خير المجتمع والمصلحة العامة وأن يعيد الحقوق التي قررتها الشريعة الإسلامية للمرأة ومارستها المرأة في العصر النبوي وفي عصر الراشدين, وفي العصر الذهبي في الدولة الإسلامية. دورها التاريخي في الجهاد من جانبه يؤكد الدكتور عبدالشافي محمد عبداللطيف أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر أن دور المرأة في الجهاد واضح وملموس منذ زمن الرسول صلي الله عليه وسلم, وليس فقط في الجهاد بل في كل ميادين الحياة, ففي وقت الحروب كانت تقوم بمداواة الجرحي, وتجهيز الطعام, فالحروب ليست الإمساك بالسيف فقط, ومع ذلك فقد حاربت المرأة بالسيف مثلها مثل الرجل, وأكبر مثال علي ذلك السيدة أم عمارة رضي الله عنها ودورها العظيم في معركة أحد, عندما دافعت عن الرسول صلي الله عليه وسلم, حتي قال ما تلفت يمينا أو يسارا إلا وجدتها تدافع عني, وقد جرحت في ذلك اليوم عشرات الجرواح, وكان للمرأة دور بارز أيضا كمعلمة, فقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم عن السيدة عائشة: خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء: فالنساء هن المصدر الأول لتعليم الأمة فقه النساء. ويضيف أن دور المرأة لا ينكره أو يزايد عليه أحد في ذلك الوقت, فهي عالمة ووزيرة وطبيبة ومعلمة, ونكن لها كل الاحترام بل ونتعلم منها أيضا, فليس هناك مجتمع ينهض بنصفه فقط, وقد ذهب رجل إلي الرسول يقول له أريد الجهاد, فسأله الرسول صلي الله عليه وسلم هل أمك حية ؟ فقال الرجل: نعم, فقال الرسول: اذهب إليها فهذا أفضل من الجهاد فالجنة تحت أقدام الأمهات.