هل يعقل أن يثور أهالي بورسعيد الشرفاء علي حكم أول درجة بإعدام من قاموا هم بأنفسهم بالقبض عليهم وسلموهم بأيديهم إلي الجهات الأمنية مصحوبا باعترافاتهم التفصيلية المسجلة بالصوت والصورة علي عمليات القتل والترويع بتحريض من شخصيات محددة ومعروفة بانتمائها للنظام السابق؟ هل يمكن أن يثور أهالي بورسعيد الشرفاء كل هذه الثورة وهم يعلمون جيدا أن ال12 الذين احالتهم المحكمة للمفتي من بينهم ستة هاربين, وخمسة آخرين تهمتهم هي إلقاء الحجارة, هؤلاء وهؤلاء أمامهم فرصة للتقاضي في درجات أعلي من المحاكمة؟ هذا إذا رأي فضيلة المفتي أنهم بالفعل يستحقون الإعدام. هذه الثورة العارمة في بورسعيد غير معقولة ولا منطقية, بل تؤكد أننا أمام عملية مدبرة بامتياز استغلت حزن هؤلاء الشرفاء علي ما وجدوه من انتقائية في التعامل مع ما قاموا به, وفضحوا بموجبه' مسخرة الطرف الثالث', ليتفاجأوا بالحكم علي أدوات التنفيذ, وتجاهل المحرضين, وحتي عندما أرسل النائب العام لهيئة المحكمة الموقرة بتحقيقات جديدة حول هؤلاء المحرضين وفق معلومات مؤكدة من لجنة تقصي الحقائق, لم تجد أي صدي. إلا أن أحدا ليس علي استعداد علي ما يبدو للغوص في المشهد البورسعيدي بعد عام كامل من التدبير تواصل خلاله العمل علي الترسيخ لفكرة أن أهالي بورسعيد أجمعين مجموعة من المجرمين والعدائيين, حتي لو تسبب ذلك في أضرار بالغة في الأرزاق والممتلكات لأناس لا ذنب لهم, تحطمت معنوياتهم وتعرضوا لكل أنواع الإهانة في كل نواحي مصر وربوعها لمجرد أنهم ينتمون إلي بورسعيد, كل ذلك خدمة لنظرية أن المجزرة البشعة التي راح ضحيتها ثوار الألتراس لم يكن وراءها من حرض عليها وأنفق المال لإنجازها. عام كامل من الترويج لهذه الفكرة والترسيخ لها في الأذهان, ليبتعد أي حديث وكل تفكير عن أن مجزرة استاد بورسعيد كان الهدف منها تقويض حركة الألتراس التي كانت جزءا أصيلا ومهما من ثورة الشباب التي اندلعت قبل سنة من وقوع الجريمة وفي ذكري ما عرف بموقعة الجمل التي استهدفت شباب الثورة. إن أي منصف وساع بتجرد للحقيقة لعلي يقين أن ما حدث للألتراس في ستاد بورسعيد قبل عام, جريمة مدبرة, لا تزال فصولها دائرة حتي الآن, بخروج هذا الكم الرهيب من الأسلحة, ومن وراء هذا السلاح ترسانة أموال. المزيد من أعمدة أسامة إسماعيل