بالأمس كانت القضية احتمال انهيار منطقة اليورو إذا خرجت اليونان منها. واليوم القضية هي خطر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. بعد أن ألزم ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا نفسه باجراء استفتاء علي بقاء بلاده داخل الاتحاد أو الانسحاب منه بنهاية2017 في حالة فوزه في انتخابات.2015 الالتزام وصف بأنه تحرك تكتيكي قصد به كاميرون أن يرفع عن كاهله ضغوط صعود المشككين في جدوي الاندماج مع أوروبا داخل قاعدته الحزبية والمجتمع البريطاني, لكنه أثار غضبا أوروبيا واسعا في وقت ينتهج فيه الاتحاد نهجا للتحرر الاقتصادي علي النمط الأنجلو ساكسوني, وتسبب في انتقادات أمريكية غير مسبوقة لمخاطرة بريطانيا بالجلوس علي الهامش بدلا من أن تكون في قلب صناعة القرار الأوروبي. المثير أن الالتزام سيضعف موقف بريطانيا في التفاوض علي تعديل شروط عضويتها, لأن التلويح بورقة الانسحاب قلل شهية الطرف الآخر في تقديم التنازلات, كما أنه شل قدرة كاميرون علي بناء التحالفات مع أطراف أوروبية مؤيدة لأطروحاته بشأن التجارة الحرة وتنمية التنافسية وانتزاع السلطات من بروكسل, فضلا عن أن التهديد يتناقض مع صيغة الحلول الوسط الأوروبية. الالتزام يمثل أيضا سوء تقدير للمزاج الألماني الذي لا يريد هز القارب بإحداث تغييرات جذرية في المعاهدة قبل أن تستقر الأوضاع داخل منطقة اليورو. هكذا وضع كاميرون نفسه في موقف صعب بين مطالب حزبية تريد الأقصي في التغيير ومواقف أوروبية لن تعطيه سوي الحد الأدني. وفي نهاية الأمر ستظل القضية تؤرق مستقبله السياسي, لأن حلها يتطلب قيادة جريئة قادرة علي تبصير المواطنين بأن مكاسب الخروج مثل توفير مساهمات بريطانيا في الميزانية الأوروبية, وحماية بنوكها من القيود المصرفية, وأرباب الأعمال من القوانين العمالية الصارمة لا تقارن بخسائرها في سوق تمتص نصف الصادرات البريطانية وفقدانها لموقعها كمركز للاستثمارت ذات توجهات أوروبية وكحلقة وصل بين واشنطن وصناع القرار في بروكسل. هكذا تكون مجازفة كاميرون قفزة إلي المجهول. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني