عرف العالم أربعة انماط للانتقال الديمقراطي, أولها, نمط الانتقال من اعلي( التحول من قبل النخبة الحاكمة الاصلاحية), وثانيها, نمط الانتقال من اعلي( الاتفاق بين المعارضة المعتدلة والجناح الاصلاحي في النظام الحكام). وثالثها, نمط الانتقال من اسفل( الثورات الشعبية), ورابعها, نمط الفرض من الخارج( التدخل الخارجي). تداعي ما سبق إلي ذهني في ظل اتجاه الاوضاع في سوريا الشقيقة للتدهور المستمر, ونزيف الدم غير المتوقف علي التدفق, وخشية اتجاه سوريا إلي مسار التدخل الاجنبي المباشر والتفكك, وايضا في ظل الحديث عن عروض لتسوية الازمة أبرزها عرض تركيا علي لسان وزير خارجيتها أحمد داوود أوغلو المتعلق بتولي فاروق الشرع نائب الرئيس السوري رئاسة حكومة انتقالية في سوريا محل الرئيس السوري فاقد الشرعية, ووصفه بأنه رجل عقل وضمير ولم يشارك في المجازر. وهو ما يقترب تسوية الثورة اليمنية برعاية اقليمية ودولية. وغير ذلك من مقترحات لحل الأزمة السورية تدور في هذا الاطار السابق. فسوريا بتشابك الداخل بالخارج, اشبه باليمن في البارحة القريب. فسوريا تتقاطع المصالح الاقليمية والدولية فيها, وكذلك اليمن. لذا رغم قناعتي بضرورة حل الازمة السورية من داخل سوريا, إلا أن الحل اليمني للازمة السورية ماثل امام أعيون القوي الاقليمية التي يؤرقها ما يحدث في سوريا, لذا فقد يكون من الاصلح الأخذ به ومساندة الطرح التركي لتسوية الوضع السوري. واعتقد أن العرض التركي الآن يقدم رسائل للقوي المؤيدة لنظام الاسد بأن مصالحهم مصونة فيما بعد الأسد كمحاولة لجلب تأييدهم لتلك المبادرة. لكن يظل السؤال حول مدي قناعة قوي المعارضة السورية بهذا العرض, واسعدادها للتخلص من بشار مهما كان الثمن؟ فقوي المعارضة تحدث تقدما علي الارض خاصة الجيش السوري الحر, والمجلس المعارض الذي يسعي لتوافق وضم كل القوي الفاعلة علي الساحة السياسية السورية المضادة لنظام الاسد, وبعض القوي الدولية علي الأقل تعلن تأييدها لقوي المعارضة. وتعمل علي فضح الممارسات الوحشية للنظام الأسدي. بالتالي قد يكون من المفيد قبول قوي المعارضة السورية للمبادرة التركية- أو أي مبادرة تسعي لتخليصهم من النظام الحاكم- التي تحاول انقاذ ما يمكن انقاذه; لاثبات مدي جديتها, وقدرة تركيا علي حشد الدعم الاقليمي والدولي المؤيد لمبادرتها, مع وضع مجموعة من الشروط, أهمها: الاتفاق علي اجراء انتخابات حرة ونزيهة يكون الشعب السوري الحكم فيها وتحت مراقبة عربية ودولية, بعد تولي الشرع للحكومة الانتقالية بحوالي ستين يوما. بالاضافة إلي عدم ترشح الشرع في هذه الانتخابات أو أي من اركان النظام السوري الحالي. وكذلك الاتفاق علي مجموعة من القواعد التي تتبع فيما بعد التخلص من نظام الأسد. كما أنه من الضروري مغادرة الأسد وعائلته سوريا نهائيا بلا رجعة, وفيما يتعلق باركان نظامه عدم ترشحهم لأية انتخابات عامة قرابة خمس سنوات علي الأقل. علاوة علي تبني القوي المعارضة لمصالحة وطنية سورية, فليس من شان الثوار الانتقام, علي حد قول الزعيم الجنوب افريقي نيلسون مانديلا الذي تفاوض مع النظام العنصري وهو في السجن, ولم يشترط الافراج عنه لبدء التفاوض. وفي النهاية استغلال الفرص من شأن الثوار; من أجل حقن الدم السوري علي اقل تقدير, وفك معضلة الوضع الكارثي الذي تعيث فيه سوريا, والذي لم تر مثيلا له من قبل, وأتمني ألا تري مثيله في المستقبل.