تنبع أهمية الحوار مع الدكتور أحمد عمران عالم الاجتماع المصري ليس فقط من كونه الرجل الذي وقع عليه الاختيار في أن يكون مستشار رئيس الجمهورية للتنمية المجتمعية في هذا الوقت العصيب وانما أيضا لكونه يرصد علامات ومؤشرات المجتمع المصري الآن فضلا عما لديه من حلول علمية لتحسين وتطوير هذه الحياة. لماذا التنمية المجتمعية.. ولماذا يكون لها مستشار لرئيس الجمهورية, وما هي المهمة؟ لدينا الآن جديد, بعد ثورة يناير.. هذا الجديد هو الإنسان المصري.. ولدينا جديد آخر, هو أن هذا الانسان المصري الجديد يمثل البؤرة, والجوهرة, في رؤية الدكتور محمد مرسي, لبناء مستقبل مصر. وقناعة الرئيس كاملة, بأن الإنسان يجب أن يكون الصانع للمستقبل وللحاضر, هذه المرة, وعندما يكون الإنسان هو صانع الحاضر والمستقبل, فإن المجتمع المصري كله يكون هو هذا الصانع. ومن هنا تأتي أهمية التنظيم الاجتماعي, الذي يحقق مشاركة الإنسان, ومن ثم المجتمع, بحيث تكون سياسات الحكومات وتشريعات المجالس, وسائر الأنشطة السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية, وسائر مظاهر الحياة فوق الأرض المصرية متطابقة مع تفعيل المجتمع ومبادرات الأفراد والمنظمات الفاعلة فيه. فالمجتمع هو الركيزة الأساسية للتنمية.. وهذه القناعة دعت السيد رئيس الجمهورية, الي ضرورة أن تكون التنمية المجتمعية أحد أهم محاور صناعة الرؤية المستقبلية من ناحية, وتطبيقها فوق الأرض من خلال المشروعات التي تقدم للمصريين من ناحية أخري. والمهمة باختصار شديد, هي أن نرصد ما فوق الأرض من حقائق وأن نقدم الأفكار والاقتراحات والرؤي المناسبة لتحسين وتطوير هذه الحقائق. في ظل الواقع الذي يعيشه المجتمع المصري, في أعقاب ثورة يناير, ما هي الأدوات التي تعتمدونها في أداء هذه المهمة, وما الأسلوب الذي تأخذون به لتحقيق ما تتطلعون إليه من أهداف؟ أنا معك في أن الواقع الذي يعيشه المجتمع المصري صعب, منذ سنوات طويلة, وليس في أعقاب ثورة يناير فقط, ويضاعف من هذه الصعوبة أن ملايين المصريين يتطلعون الآن الي ما يمكن أن يتحقق فوق الأرض من انجازات ومشروعات. ولا أبالغ اذا قلت إننا نواصل الليل بالنهار لكي نضع أيدينا, ليس فقط علي المشكلات التي تعترض التنمية المجتمعية التي نسعي إليها كهدف, وانما أيضا المشروعات العاجلة, والمتوسطة, والطويلة الأمد التي تتطلبها مشكلات هذا الواقع. وقد يكون مناسبا في هذا الإطار أن أوضح أنني عقب تكليفي بملف التنمية المجتمعية كان من أولوياتي أن أسعي الي تشكيل الفريق الذي سيكلف علي هذا الملف في أطره الإنسانية والوطنية والإقليمية والعالمية. وكان من واجبي أيضا تنظيم قواعد الانفتاح علي منظومة الأفراد والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني, إضافة طبعا الي مؤسسات الدولة المعنية والوزارات والإدارات والهيئات المسئولة.وربما يكون مناسبا أيضا, أن أوضح أننا سعينا الي الجميع: الفلاحين والعمال والنقابات ورجال الأعمال وأصحاب المهن والحرف والصناعات وأساتذة الجامعات وأصحاب العلم والرأي والخبرة من علماء مصر وحكمائها.. وحقيقة الأمر أن مصر كانت دائما فوق الانتماءات الضيقة, بل ان كل من ذهبنا إليه كان يبادر بتقديم ما يملك من رؤي وأفكار واقتراحات.. ولا شك أن الديمقراطية التي نعيشها الآن ساعدت كثيرا في تحقيق ذلك.. هل يشمل هذا الانفتاح ملف التنمية المجتمعية لتيارات المعارضة.. وجبهة الإنقاذ مثلا؟ نعم.. بكل تأكيد.. نحن نستمع إلي الجميع. وما الهدف النهائي؟ تخفيف الأعباء عن المواطن, سواء بتقديم الخدمات الحكومية بصورة أسرع وأفضل وأكثر فاعلية في إطار الاحترام الواجب للمواطن, وترجمة آراء وأفكار المصريين بقطاعاتهم الإنتاجية المختلفة والاستهلاكية, وكذلك المشروعات المناسبة في إطار ما أعلنه رئيس الجمهورية من مبادئ ثلاثة: المواطن هو الجوهر, والمجتمع هو ركيزة التنمية, والعلم هو المضمون, والعمل والإنتاج هما الهدف. هل ممكن ترجمة جهود الفترة الماضية إلي مشروعات محددة؟ وما أهم هذه المشروعات؟ المشكلات التي تفوق الكثيرين من أبناء المجتمع المصري, هي التي قادتنا إلي المشروعات التي توصلنا إليها, عبر المشاركة المجتمعية التي هي المنبع الدائم لما نتوصل إليه من أفكار ومشروعات. وليس جديدا أن أتحدث عن الكثير من هذه المشكلات التي أصبحت تمثل حقائق مؤسفة في حياة المجتمع المصري, وربما علي جميع أصعدة ومستويات مظاهر الحياة الإنسانية والمجتمعية, سواء تعلق الأمر بمعدلات العلم, أو العمل, أو الفقر, أو البطالة, أو المشروعات المستقبلية, أو حتي الثقافة العامة.وليس جديدا مثلا أن أقول إن25% من أبناء مصر يعيشون تحت خط الفقر, أو أن5% من هؤلاء لا يجدون بالفعل قوت يومهم. وليس جديدا أن أحدثك عن مؤشرات البطالة, وما يرتبط بها من مؤشرات سلوكية وثقافية, بل وجنائية, لكن الجديد يكون هو ماذا يمكن أن نفعل بهدف تحسين وتطوير مثل هذه المؤشرات. وفي إطار من مثل هذه الرؤية يسعدني أن أقول إن مجموعة ملف التنمية المجتمعية التي أتشرف برئاستها, قد نجحت في ترجمة الكثير من أفكار ومقترحات الأفراد والجماعات والقطاعات التي تواصلنا معها طيلة الفترة الماضية إلي مشروعات قومية. ويسعدني أيضا أن تكون هذه المشروعات التي توصلنا إليها مجالا للاهتمام الكبير, والدائم, والمستمر من جانب السيد رئيس الجهورية, وليس هناك ما نستصغره, ونستهين به في هذا الإطار حيث تشمل هذه المبادرات والمشروعات مثلا مشروعا قوميا لمحو الأمية, يسعدنا أن تكون بمشاركة فعالة من جانب منظمات المجتمع المدني, والكثيرين من رجال الأعمال في مصر. وإن شئت أمثلة فلدينا مشروع تطوير الوادي الجديد الذي يمثل46% من إجمالي مساحة الإقليم المصري, بينما لايزال إقليما خارج الخدمة لسوء الحظ. وهناك علي الصعيد الصحي المبادرات والأفكار التي توصلنا إليها بشأن تفعيل وتطوير وتوسيع نطاق مشروع التأمين الصحي, علي النحو الذي يمكنه من تقديم الخدمة الحقيقية للمستفيدين من المواطنين. وعلي صعيد رجال الأعمال استفدنا كثيرا من الأفكار التي توصلنا إليها مع الكثيرين منهم, سواء بشأن تطوير الأداء الاقتصادي أو تيسيره, أو تعميق التواصل بينه وبين طموحات المجتمع المصري الإنتاجية, والاقتصادية, والاجتماعية. وهناك قاعدة ذهبية نستفيد منها الآن علي نحو جيد, وخلاصتها أن التنمية تكون سابقة علي الإعمار, في المشروعات الجيدة. ما الشيء الذي تحرصون عليه أكثر في أدائكم لمهمتكم الخاصة بملف التنمية المجتمعية في مصر؟ الأرضية المشتركة.. هي الشيء الذي نحرص عليه دائما.. ومع الجميع.