هاجسي للكتابة في هذا الموضوع, له مبرران, الأول: إيماني المطلق بقيمة المواطنة وحتي إن اختفت أو كانت شعارا بلا تفعيل, فأنا أخترعها, المبرر الثاني: أن الأهرام فهرس الحياة المصرية وشاهدها الأمين, يفتح ذراعيه محتضنا أي رأي وان كان صادما. فالأمانة في الكلمة, ربما كان( صدمة) للمرتعشين والخائفين, أضيف الي السببين, أني لست معقدا من كوني مصريا قبطيا يشعر بحساسية في الخوض في هذا( الشأن الإنساني) ولا أقول الديني, ولكن الصمت الطويل المتراكم يزيد الأمر وعورة, ويجعل مصر علي شفا السقوط في حفرة الفهم الخطأ للدين, وهناك مستفيدون من حالات الاحتقان والاختناق, والمؤسف أن بعضا من الإعلاميين ينفخون في النار, فتتأجج وقد تأتي علي الأخضر واليابس, فالمثقف ليس الكاتب الذي يكتب نظريات, انما كل من يمارس وظيفة لها طبيعة النشاط الذهني, مثل إمام المسجد والكاهن والإداري والبيروقراطي والمحاسب والسياسي, هؤلاء شأنهم شأن أستاذ الجامعة والناقد الأدبي والأديب ورجل العلم والمهندس والفيلسوف والاقتصادي والمؤرخ. عندما أذكر كلمة( شيخ) يظن البعض اني أقحم نفسي في مجال شائك أو اني بلغة أدبية: أمشي فوق الأشواك حتي تدمي قدماي, أنا أظن أن الصمت المضروب حول هذا النقاش( المصري الهوية) هو الشوك بعينه, وأنا مستعد باسم مصريتي ذات الأعماق الموغلة في الزمن التي( تعمدت) في مياهها أن تدمي قدماي, وطرح الحالة جزء من التشخيص وربما كان للتبصير في شبورة غير مسبوقة. ولأكون موضوعيا صادقا, فإن هناك قسسا من الكهنوت تحولوا الي مفكرين ونسوا دورهم الروحي وأدلوا بآراء قد تذبح شريان فكر وتؤدي الي خصام بارد وسأم, وأنا لا أصادر أفكار رجال الكهنوت وإلا كنت أمارس إرهاب فكريا أنا بريء منه ولأن اللفظ سعد فإن دخول رجال الدين مشايخ وقسس, دعاة ورهبان ملعب الاعلام يجب أن يراعي الصياغة, فإن( الكلمات أحذية المعاني) وهذا مثل انجليزي ربما كان سييء الصياغة ولكنه يفي بالقصد, هناك بعض الشيوخ ومنهم الأفاضل يتطوع بالآراء المؤثرة في نفوس الأقباط سلبا وهي آراء ورؤي تمس الثوابت الوجدانية ولا ينبغي أن تتعرض للعبث أو التأليب, فهذا مؤثم معنويا, ومثلما يقال لا تنشأ نفس عزيزة من ذل, أقول لا ينشأ سلام ووئام من ضيق أفق وشوائب عالقة بالنفس, فالعنترية في أمور الدين مرفوضة ومستقبحة وتحرك مياه البحيرات العكرة وتبيت النفوس غير راضية ولا مرتاحة حتي ولو كتمت الأسي بين الضلوع, ساعتها أقول( اسكت ياشيخ), أقولها كمصري أولا, أقولها متمنيا أن تقولها معي مشيخة الأزهر الشريف, المرجعية الرسمية التي نكن لها الاحترام والهيبة حتي ولو تطاول الصغار عليها, نعم, اسكت ياشيخ عندما يصدر رأي نشاز يثير الغضب ويتهامس الأقباط فيما بينهم بضجر يكبر مع الأيام, وأرفض الرد عليه من الفضائيات القبطية. اسكت ياشيخ, فقضايا مصر كثيرة ولا تضف الي جروحنا, جروحا طائفية, إن الذين يفسرون كلامك ياشيخ, قد يغيب عنهم الوعي, ومقتلنا في هذا البلد غياب الوعي, ويظل حلمي طول العمر أن تكون مهمة الإعلام المستنير حقن الناس بالوعي, انه الرهان الحقيقي علي رفعة أمة, اسكت ياشيخ فأنا أريد إسلام السماحة والفهم, فالإسلام كدين سماوي دستور للحياة أساسه احترام الأديان والأنبياء, هكذا سمعت من شيوخ أجلاء ليسوا بالضرورة معممين, وعندما تصبح هذه سمات الاسلام الصحيح في دولة مدنية وليس الاسلام السياسي في دولة دينية, سيفهمنا الغرب أكثر ويقترب أكثر ولا يعترض علي مآذن مسجد في سويسرا, ويحدث الالتحام المفقود بين الألمان والمسلمين كما عشته بنفسي وأنا أحقق في مقتل مروة الشربيني المصرية المسلمة وكان حجابها عنوانا لاسلامها. اسكت ياشيخ لا تحرم أو تحلل, فالعام الهجري تعانق مع أعياد الأقباط في مودة لها طعم طمي النيل المصب لتراب هذا الوطن, والمسلمون قبل الأقباط وقفوا وعيونهم مشرئبة نحو السماء لظهور نورانية العذراء مريم. أسكت ياشيخ واقرأ التاريخ, فالأيقونة القبطية تنام في حضن التراث الإسلامي, ومصر الرسمية ترمم آثار الأقباط القديمة وكنائسها لتحميها من تجريف الزمن, هذه أسمي آيات العمل الثقافي, ان التراث القبطي والإسلامي يتعانقان, وأي أصوات نشاز توغر الصدور ولا أجد كلمة أبلغ منها, أسكت ياشيخ ان حوادث ما يسمي بالأسلمة أو التنصير, هو اعتداء حقيقي علي حرية الأديان, فأنا ولدت قبطيا, وأنت ولدت مسلما وينبغي ألا ننقاد وراء الجهل والتخلف والتعصب المقيت. اسكت ياشيخ,( ان الدين لله والوطن للجميع), عبارة تعلمناها منذ نعومة أظفارنا, ولا نعيها, واستغرب من هجمة أفكار مريضة لم تعرفها مصر الباقوري ومحمد الغزالي, هؤلاء الشيوخ الأجلاء الذين أثروا الفكر الديني, مصر التي اختلط فيها المسلم بالقبطي باليهودي في بوتقة واحدة لا تمييز فيها لأحد. سألني مرة مفكر عربي: ما ديانتك؟ فقلت له( المصرية), فقال: رد بليغ, أعود وأقول, هل فهمت ياشيخ ما أعنيه وأي قيمة أمجدها؟ اسكت ياشيخ, واسكت ياقس, كفي تحرشا بالأديان, أنا متعصب عنيد ولكن.. لمصر مثل كل المخلصين لوطن يسكننا, و.. إيماني بهذا.. ساطع.