مثل اكتشاف أصغر جسيم في الكون( هيجز بوزون) الحدث العلمي الأهم في عام.2012 كما انشغل المجتمع الدولي بأحداث علمية كبري مثل هبوط الروبوت كيريوزيتيcuriosity علي سطح المريخ, وقفزة فيليكس الشهيرة, واستعداد دول جنوب شرق آسيا لغزو الفضاء. ورغم الهوة الكبيرة بين ما يبحثه العالم في مجالات الصحة والعلوم البحته والتطبيقية وما نعانيه نحن محليا من ضعف ميزانية البحث العلمي وارتفاع نسب الإدمان بين الأطفال, وزيادة معدلات الإصابة بالأمراض غير المعدية وغياب المجلس الأعلي للعلوم والتكنولوجيا عن المشهد للعام الثاني علي التوالي, كان هناك بصيص من الأمل تمثل في وعود المراكز البحثية الدولية في2012 بانتهاء شبح الفيروس الكبدي سي بعد التوصل لسلسلة جديدة من العلاجات الفعالة. هذا بخلاف تطور العلاجات بالخلايا الجذعية وابتكار أجهزة تشخيصية حديثة تسهم في الكشف المبكر عن الأورام. لذلك بدا الأمر محيرا عند انتقاء أهم أحداث العام ففي الوقت الذي يقدم المجتمع الدولي رؤيته العلمية والتكنولوجية لعام2013 من واقع أبحاث العام الماضي مازلنا في مصر لا نعرف متي وكيف ستنتهي أزمة النيل- زويل؟ الحالة الصحية للمصريين في2012 ارتفاع معدلات السمنة.. وأمراض القلب.. وزيادة إنفاق المواطنين علي العلاج أشرف أمين عبير فؤاد أحمد صحة المصريين في عام2012, هي الموضوع الأهم خلال العام حيث أظهرت التقارير الدولية ارتفاع نسب الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية باكتساح, يليها السرطان وأمراض الجهاز التنفسي والسكر. وحتي مزاجهم النفسي ازداد سوءا فحوالي60% من سكان العاصمة بعد الثورة يعانون من الضغط النفسي و50% علي استعداد لتلقي تأهيل نفسي خاصة النساء, وسط شعور عام بالحيرة والارتباك وقلة الشعور بالأمان مع زيادة معدلات الجريمة. ومن أكثر الظواهر اللافتة للانتباه, هم الحشاشون الصغار والذين كشفتهم مركز السموم بجامعة عين شمس, بعدما أكدت الإحصائيات ان ثلث حالات التسمم بالحشيش كانت بين الأطفال دون الثانية عشر, والغريب هو التغير الكبير في نوعية المواد التي يدمن عليها الأطفال والمراهقون بعدما أتجهوا للحشيش والحبوب المخدرة كالترامادول كبديلا عن المواد الصمغية والطيارة' الكلة' وكأنها أصبحت موضة قديمة. تحذير آخر تصدر العام من العنف وربما القتل ضد الاطفال الذي يبدأ منذ ساعات حياتهم الاولي, إما بإصابة في الرأس أوالخنق أوتسديد الطعنات, وهو ما كشفته سجلات قتل الاطفال الرضع وحديثي الولادة الواردة إلي مصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل, أما الجاني فكانت الأم هي المتهم الاول واحيانا الجدة. ووفقا للدراسة التي قدمتها الدكتورة دينا شكري استاذ الطب الشرعي والسموم بطب جامعة القاهرة فان العنف الأسري موجود في المجتمع علي اختلاف مستوياته, حيث سجلت غالبية حالات قتل الاطفال بين فئات المجتمع المتعلمة والاكثر رفاهية بنسبة54%. وتصدر ضعف الوازع الديني والقيم الأخلاقية لدي الامهات أهم الاسباب وراء ارتكاب جريمتهن حيث كان العدد الاكبر من الحالات لأطفال لقطاء مجهولي النسب, كذلك شكل كل من تعاطي المخدرات أوالفقر دورا في ارتكاب هذه الجرائم. أما هجمات الأمراض المعدية التي شهدها عام2012 بدءا من الحصبة الألمانية وانتهاء بالسل, فهي في نطاق السيطرة كمايراها الدكتور أسامة رسلان مدير نائب رئيس الاتحاد الدولي لمكافحة العدوي ورئيس الجمعية المصرية لمكافحة العدوي. مؤكدا أننا نحقق نتائج متقدمة في معركة المكافحة حيث تم الإعلان عن القضاء نهائيا علي مرض شلل الاطفال ومن قبله الملاريا وعلي أعتاب القضاء علي الحصبة. وبنظرة أوسع للواقع الصحي, فبالتأكيد عام2012 هو الأكثر ارهاقا لكاهل الأطباء والمرضي, فالمستوي متدن في المستشفيات والأدوية الحيوية غير متوافرة, والطبيب يعاني هو الآخر تدني الأجر وعدم تحقيقه مطالبه. وهو ماجعل طرفي المعادلة الصحية يقعان في صدام, أغلب حالاته ليست بلطجة وإنما طلبا لرعاية وتعامل أفضل مع المريض. والسبب كما يراه الدكتور علاء غنام مدير برنامج الحق في الصحة بالمبادرة المصرية, هوالنسبة المتدنية للإنفاق الصحي الحكومي الذي لم يتجاوز نسبة5% من جملة الإنفاق العام للموازنة الحكومية وهي نفس النسبة الثابتة منذ سنوات رغم تزايد عدد السكان. وفي المقابل يزداد إنفاق المواطنين من جيوبهم علي العيادات والمستشفيات الخاصة والدواء, يضاف لذلك ضعف كفاءة توزيع الخدمة الصحية إذا أخذنا في الاعتبار ان57% من المصريين هم من سكاني قري الأرياف المهمشة والاكثر احتياجا. ويعتبر مؤشر الإنفاق علي الصحة هو الأكثر تعبيرا عن قدرة النظام الصحي, وقياسا علي ذلك فان لم يكن النظام لدينا غائبا فهو بالتأكيد مفككا وغير كفأ, وسيظل الامر دون بارقة أمل طالما لم يضاعف الإنفاق الصحي ليبلغ10% من الإنفاق الحكومي بجانب زيادة دخول جميع افراد الطاقم الصحي بشكل عاجل. ولعل أهم ما يميز2012 هو تغير قيادات الصحة ومعها تتغير الاتجاهات والخطط الموضوعة وهومايخلق حالة من الارتباك في اخذ القرارات وينعكس علي تدني جودة الخدمة وفقد الثقة بين الجهاز الصحي والمواطنين. وعلي الجانب الآخر يعتبر اصدار قانوني التأمين الصحي للأطفال دون سنة المدرسة والمرأة المعلية خطوة علي الطريق الصحيح, وكل الخوف يأتي من عدم التفعيل الحقيقي لهذه القوانين وضمان استمراريتها.