امتدت رياح ثورة يناير فور نجاحها إلي الأزهر الشريف, وبادر شيخه الدكتور أحمد الطيب, بالعمل علي تحقيق الحلم الذي انتظره الأزهريون طويلا, بتحقيق استقلال مؤسستهم العريقة, وعودة هيئة كبار العلماء بعد أربعين عاما علي حلها بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. حين اصدر القانون رقم103 لسنة1961 والمعروف بقانون تطوير الأزهر. الذي كان يعد أحد أهم الهيئات الدينية ومرجعية المسلمين الأولي علي امتداد العالم. وبادر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, شيخ الأزهر الشريف, بتشكيل لجنة لإجراء تعديلات علي قانون الأزهر بما يحقق آمال وتطلعات علماء الأزهر, الذين انتظروا طويلا هذا اليوم الذي يتحرر فيه الأزهر الشريف, ويصبح مؤهلا لأن ينتخب شيخه من بين كبار العلماء كما كان طوال عمره المديد الذي يزيد علي ألف عام. وبعد شهور عديدة من المناقشات جاءت التعديلات واللوائح التنفيذية, والإجراءات والأنظمة التفصيلية التي وضعها الأزهريون بأنفسهم, بكل شفافية وموضوعية وديمقراطية, ودون إملاء سلطوي لتحقق هذا الحلم الذي طال انتظاره. وأقر الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية قانون عودة هيئة كبار العلماء ذات الرصيد التاريخي الغني, علميا وفكريا ووطنيا, ليعود الأزهر الشريف إلي سابق عهده, منارة إسلامية للعالم كله, ومرجعية عليا للعالم الإسلامي, ورمزا للكرامة الوطنية, وبيتا للعائلة المصرية, يستقل فيه الأزهر بشئونه, يديره علماؤه, وينهض به أبناؤه, ويصبح ركنا ركينا للمجتمع المصري, يدعم ويخدم وينصح, ولا يلقن ولا يؤمر فيخضع ويطيع. وتضمن قانون هيئة كبار العلماء بالأزهر عددا من المواد واللوائح المنظمة لعملها واختصاصاتها, وأعضائها البالغ عددهم26 عضوا من كبار العلماء, وتنص علي أن تنشأ بالأزهر هيئة تسمي هيئة كبار العلماء يرأسها شيخ الأزهر, وتتألف من عدد لا يزيد علي أربعين عضوا من كبار علماء الأزهر من جميع المذاهب الفقهية الأربعة, كما تنص المادة32 مكرر علي اختصاصات ومهام هيئة كبار العلماء انتخاب شيخ الأزهر عند خلو منصبه, وترشيح مفتي الجمهورية, والبت في المسائل الدينية ذات الطابع الخلافي, والقضايا الاجتماعية التي تواجه العالم الإسلامي والمجتمع المصري علي أساس شرعي, صياغة دستور الثورة وطوال العام كان الأزهر الشريف بيت الأمة المصرية, ففي رحاب المشيخة صيغت وثيقة الأزهر التي تم الاسترشاد بها في صياغة الدستور, وبين أروقته عقدت المؤتمرات واللقاءات بين جميع الاطياف السياسية والتيارات الفكرية لرأب الصدع وجمع الكلمة بين الفرقاء, وطمأنة المجتمع تجاه الخلافات الدائرة حول المادة الثانية من الدستور وما رافقها من خلافات كادت تعصف للمرة الثانية بالجمعية التأسيسية, وكان القول الفصل للأزهر وشيخه, وذلك بأن أيدت هيئة كبار العلماء بقاء المادة الثانية في الدستور المقترح كما هي في دستور1971 دون زيادة أو نقصان, إضافة إلي المادة المستحدثة الخاصة بتقرير استقلال الأزهر الشريف والتي تنص علي أن رأي هيئة كبار العلماء هو الفيصل عند الاختلاف في كل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية وقد استظهرت الهيئة أن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية, وقواعدها الفقهية والأصولية المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة. وكذا المادة التي تقرر أن للمصريين المسيحيين واليهود التحاكم إلي مبادئ شرائعهم فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية, وشعائرهم الدينية, واختيار قياداتهم الروحية. وقد شارك الأزهر في الجمعية التأسيسية للدستور بوفد مكون من خمسة وهم الدكاترة حسن الشافعي ونصر فريد واصل وأسامة العبد وعبدالدايم نصير والمستشار محمد عبدالسلام, في إقرار أولويات محددة وهي أولا الجانب الوطني العام وهو أنهم ممثلون للشعب كله والمواطن المصري بغض النظر عن الانتماء الرسمي أو السياسي, وان يضمن الدستور أن مصر دولة دينها الإسلام ولن نرضي بغير دستور يضمن الحريات الأساسية للمواطنين بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو اللون ولغتها العربية, وأوضحوا إن مفهوم الدولة المدنية الذي يدعو إليه الأزهر الشريف هو دولة وطنية دستورية ديمقراطية حديثة, مرجعيتها النهائية للأزهر الشريف. إصلاح التعليم الأزهري وفي نهاية العام الحالي أطلق الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مشروعا لإصلاح التعليم الأزهري جامعا وجامعة, مطالبا جميع المسئولين عن العملية التعليمية بالأزهر الشريف بضرورة رفع شعار الإصلاح في كل ما يتعلق بالتعليم.