برلين مازن حسان : قبل اسابيع قليلة من زيارة الرئيس محمد مرسي لألمانيا تسود في اروقة الحكومة الألمانية حالة من الترقب الحذر المشوب بالإحباط مما يحدث حاليا علي الساحة المصرية. والسبب في هذه الأجواء إنتظار ما ستسفر عنه نتيجة الإستفتاء علي الدستور وردود افعال القوي المعارضة في مصر في حال تم إقراره في النهاية. ويعود الإحباط إلي شعور المسئولين الألمان وفي مقدمتهم وزير الخارجية جيدو فيسترفيله بأن نداءاتهم واتصالاتهم خلال الأيام الماضية أملا في ان تتخذ القيادة المصرية ولو في اللحظة الأخيرة قرارا بتأجيل الإستفتاء ودعوة المعارضة لحوار وطني موسع بلا شروط مسبقة لتهدئة الأجواء ولمحاولة الوصول لحل توافقي يتنازل بموجبه كل طرف عن بعض مواقفه المتشددة. وإنعكس المزاج الألماني المتعكر مما يحدث في مصر بشكل واضح في تصريحات سياسيين ومعلقين المان بارزين يتحدثون جميعا بشيء من التبسيط عن مفترق طرق تواجهه مصر الآن. ويمكن تلخيص مواقف الأحزاب الالمانية الكبري, بإستعراض تصريحات ابرز قيادات هذه الأحزاب. فعلي سبيل المثال اطلق فولكر كاودر رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المستشارة انجيلا ميركل, الحزب المسيحي الديمقراطي, تصريحات نارية حول وضع الأقباط في مصر في ضوء الدستور الجديد بل وهدد بوقف الترويج للسياحة الألمانية في مصر إذا اصبح الذهاب للكنائس ايام الآحاد غير ممكن, علي حد قوله! كذلك حذر الحزب الليبرالي الذي يمثله وزير الخارجية جيدو فيسترفيله من ان إنجازات الثورة المصرية في خطر مطالبا الرئيس المصري بالرهان علي الحوار والتفاهم مع المعارضين له وليس علي نقل المواجهات إلي الشارع إعتمادا علي قدرة القوي الإسلامية علي الحشد. وعن الحزب الاشتراكي الديمقراطي خرج وزير الخارجية السابق ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب حاليا فرانك فالتر شتاينماير بإنتقاد مباشر لأسلوب الرئيس المصري في قيادة البلاد وقال ان الثورة المصرية تبتلع ابناءها متسائلا بقلق عن الفترة الزمنية المتبقية قبل ان تضطرقوي المعارضة العلمانية للخروج من مصر! ولم تكن رئيسة حزب الخضر كلاوديا اقل وضوحا حيث طالبت القيادة المصرية بالتفاهم مع المعارضين للدستور وإصدار إشارات تطمئن العالم علي إلتزام مصر تحت قيادته بسيادة القانون واستقلال القضاء والحفاظ علي الحريات وحقوق الأقليات. وبطبيعة الحال طغت الصدامات بين مؤيدي ومعارضي الدستور في مصر علي تغطية وسائل الإعلام الالمانية للمشهد المصري وبالغت بعضها كثيرا من التحذير بأن مصر تواجه خطر الحرب الأهلية! واثارت صحيفة بيلد الأكثر شعبية وإنتشارا في المانيا بلبلة كبيرة عندما تساءلت في تقرير لها عن مصر كيف يمكن ان تستقبل المانيا الرئيس مرسي؟ وتحدثت الصحيفة عما وصفته بالقلق والمخاوف الألمانية بسبب الزيارة الرسمية للرئيس المصري نهاية يناير المقبل والتي ستستقبله خلالها المستشارة انجيلا ميركل إستقبالا عسكريا ويدعوه الرئيس الالماني علي مأدبة غذاء في قصر بيلفو الرئاسي. غير أن محاولات الصحيفة في التشكيك في جدوي زيارة الرئيس مرسي لألمانيا في ظل عدم الإرتياح الألماني لقرار تنظيم الإستفتاء علي الدستور بصيغته الحالية, لم تلق إستجابة حتي من السياسيين والمسئولين الذين إنتقدوا قرارات الرئيس. فمثلا فرانك فالتر شتاينماير قال ان الزيارة مهمة للغاية في التوقيت الحالي وفي هذه الظروف لأنها فرصة للحكومة الألمانية للحوار مع الرئيس المصري وفهم دوافعه وسياساته. اما حزب الخضر فأكد علي اهمية اتمام المباحثات المصرية الألمانية في موعدها وحتي يمكن للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ان توضح للرئيس المصري بأن اوروبا تتوقع منه الإلتزام بمبادئ دولة القانون والعودة إلي طريق الإصلاحات الديمقراطية من جديد. ومن جانبه طالب كلاوس براندنر رئيس المجموعة البرلمانية الألمانية المصرية في البوندستاج الألماني الحكومة الألمانية ان تغتنم فرصة الزيارة لتجدد دعمها المشروط لمصر, وان المساعدات تتطلب إلتزاما مصريا بالمبادئ الدولية لحقوق الإنسان.