امتدت طوابير السيدات لمئات الأمتار في الكثير من اللجان في المحافظات العشر التي تجرى بها في مصر المرحلة الأولى من الإستفتاء على دستور2012، ورغم الجو الذي تتزايد برودته، والإمكانات المحدودة لمعظم المناطق حيث بعضها شبه مظلم، فإن السيدات يصررن على المشاركة في التصويت في الاستفتاء على الدستور، ليس هذا فحسب بل يشجعن على الثبات بشكل فيه تصميم وعناد شديدان. ففي مدرسة بالإسكندرية، أتت السيدات ووقفن خارج المدرسة في طابور طويل معتقدات أن مع وصولهن لباب المدرسة سينتهي التعب تماما، ولكنهن اكتشفن أنه لا توجد داخل المدرسة سوى لجنة واحدة وأنه بالداخل هناك طابور آخر. وكانت كل واحدة منهن تخرج وتقول نفس الجملة ومفادها : "القاضي هادئ جدا، وهناك عدد قليل يساعده داخل اللجنة، فلا تحزن من طول فترة الإنتظار ولا تيأسن .. لابد من التصويت ... الثبات.. الثبات .. الثبات ". ومع اعتذارمجندي الجيش أو الشرطة للسيدات من طول فترة الإنتظار خاصة مع غلق اللجنة لأكثر من نصف ساعة للصلاة تارة أو تناول الطعام تارة أخرى، كانت الردود واحدة مفادها أنه لا توجد مشكلة وأن السيدات لن يتحركن حتى يقمن بالتصويت. الإنتظار لساعات طويلة لم يفت من عضدهن واستمر العدد في الإزدياد. وكما أن المناخ العام الذي يسود البلاد هو التشكيك في كل شيء وفي كل شخص، سادت هذه الأجواء نفسها هذا الإستفتاء، فكانت النصائح بأخذ الحيطة والسؤال عن تحقيق شخصية القاضي، والتأكد من أن البطاقات مختومة حتى لا تكون باطلة، بل كان النداء ايضا باستخدام الأقلام الخاصة حتى لا يتم إستخدام أي أقلام من داخل اللجنة .. احترام الآراء كان هو السائد في هذه اللجنة، والسيدت يؤكدن : "الدستور لن يتغير كل أربع سنوات، نريد لأولادنا أن يعيشوا بأمان في بلدنا، نريدهم أن يعيشوا بكرامتهم في دولة تحترمهم ". بالأمس كانت المرحلة الولى من الإستفتاء على دستور لم ينل التوافق من كل فئات الشعب المصري، بل سقط شهداء بسببه، والأسبوع المقبل ستتم المرحلة الثانية، وسط مناخ رافض لهاتين المرحلتين، ويرى أن كل ما تمر به البلاد بعد الثورة هو باطل، كأن لم يكن لأنه كله عبث و "عك " لا يليق بدولة مثل مصر لها تاريخها الكبير ... اليوم ذكرى استشهاد الشيخ عماد عفت وعلاء عبد الهادي وهما من ضحايا الإستقرار بعد الإستفتاء الأول في مارس 2011 ... لنقرأ الفاتحة لهما ولغيرهما من ضحايا هذا العبث المضحك -المبكي .. ستظل دماء الشهداء جميعا نقطة سوداء في تاريخ الوطن حتى يتم إرجاع حقوقهم فقضايا الضحايا جميعهم لن تسقط بالتقادم ... اللهم افرغ علينا صبرا واحفظ هذا الوطن من الشتات والإنقسام .. [email protected]