الأربعاء5 ديسمبر2102: تذكروا هذا التاريخ جيدا, لأن مصر بعد هذا اليوم لن تعود كما كانت قبله, فهناك أيام يتوقف عندها الزمن, أيام تفوح برائحة الموت والخراب والدمار, تحفر نفسها في الذاكرة, تتحول الي وشم ملعون علي جسد الوطن. في هذا اليوم, سفك المصريون دماء بعضهم البعض, تحقق الكابوس الذي كنا نخشاه جميعا, فرأينا بروفة دامية للعرض القادم المرعب: الحرب الأهلية. ما حدث كان نتيجة طبيعية لحالة الانقسام والاستقطاب, التي فرقت اخوان الوطن الواحد, والعقيدة الواحدة, والذين يعبدون إلها واحدا يقول لهم في كتابه: لئن بسطت إلي يدك لتقتلني, ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك, إني أخاف الله رب العالمين, إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين, فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين. والآن: كلنا خاسرون, الكل قتلة ومقتولون, حين يقتل بعضنا بعضا فلا يوجد هنا شهداء, فالقاتل والمقتول في النار. يجب أن تصمت تلك الأصوات التي تدعو إلي الجهاد وتطلق النفير العام, قبل أن تحرق النار الجميع, لا تصدق أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار كما يزعمون فهذا صراع سياسي خالص, يتم توظيف الدين فيه, وتلويثه بدماء الأبرياء والأكاذيب والمناورات الدنيئة, التي تخصم من رقيه وسماحته, وتخلط أولوياته التي تقدم مصالح الناس وأمنهم وسلامتهم علي كل شيء آخر. الدين ليس عباءة نلفها حولنا, لتمنحنا قداسة واختلافا, فتنقسم الجماعة الواحدة الي فسطاطين: جماعة مؤمنة وأخري كافرة. في الكتاب المقدس يسأل الرب قابيل: أين أخوك هابيل؟ فقال لا أعلم, أحارس أنا لأخي؟ فقال: ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك صارخ في الأرض, فالآن ملعون أنت. أدعو الله ألا تتجاوز الأمور بروفة الأربعاء الدامية, وألا يبدأ العرض الكبير, الذي سوف يستمر بنجاح منقطع النظير, حتي يفقد الوطن كل أسباب الحياة. في الختام.. يقول فولتير: إن الذي يقول لك أعتقد ما اعتقده وإلا لعنك الله, لا يلبث أن يقول لك حين يكون في السلطة: اعتقد ما أعتقده وإلا قتلتك. المزيد من أعمدة محمد حسين