حفل مشروع الدستور الجديد بالعديد من المكتسبات للصحافة والإعلام, التي تمثل استجابة لما طالبت به نقابة الصحفيين والمجلس الأعلي للصحافة الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور. وأبرز تلك المكتسبات: النص علي حرية إصدار وتملك الصحف بجميع أنواعها لكل شخص مصري طبيعي واعتباري. فقد أصبح من حق الأفراد إصدار الصحف بعد أن كان الأمر مقصورا في ظل قانون الصحافة علي الأحزاب والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة مثل النقابات والاتحادات. حرية إصدار الصحف بمجرد الإخطار, بعد أن كان ذلك يتطلب تقديم طلب ترخيص إلي المجلس الأعلي للصحافة, وانتظار قرار الترخيص بعد استيفاء الأوراق خلال40يوما, وهذه الفترة كانت تطول في بعض الحالات إلي سنوات. النص علي حظر وقف الصحف أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائي. النص علي حق الحصول علي المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق والإفصاح عنها وتداولها, وحق التظلم من رفض إعطاء المعلومات وما قد يترتب علي هذا الرفض من مساءلة, وتعد مساءلة الممتنع عن تقديم البيانات أمرا مستحدثا. حظر الرقابة علي ما تنشره وسائل الإعلام ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة في زمن الحرب أو التعبئة العامة. إنشاء مجلس وطني للإعلام ينظم شئون البث المسموع والمرئي والصحافة المطبوعة والرقمية, وهو المجلس المسئول عن ضمان حرية الإعلام وعدم تركزه أو احتكاره, وعن حماية مصالح الجمهور, ووضع الضوابط والمعايير الكفيلة بالتزام وسائل الإعلام المختلفة بأصول المهنة وأخلاقياتها ومراعاة قيم المجتمع وتقاليده. إنشاء هيئة وطنية للصحافة والإعلام تقوم علي إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة, وتطويرها وتنمية أصولها وضمان التزامها بأداء مهني واداري واقتصادي رشيد. وهذا يعني إلغاء دور مجلس الشوري الحالي فيما يخص المؤسسات الصحفية القومية, وقيامه بتعيين رؤساء مجالس إداراتها ورؤساء تحرير إصداراتها, وكذلك تعيين عدد من أعضاء مجالس إداراتها وجمعياتها العمومية. كما يلغي أيضا المجلس الأعلي للصحافة ليحل محله المجلس الوطني للإعلام, الذي سيتلقي إخطارات تأسيس الصحف الجديدة. وكان بعض الصحفيين قد طالبوا بوجود مجلس وطني مستقل للصحافة ومجلس آخر للإعلام المسموع والمرئي, ورأت الجمعية التأسيسية إنشاء مجلس واحد ترشيدا للنفقات الحكومية, مع إمكان وجود شعبتين أو أكثر داخله عند اقرار قانونه. وكانت نقابة الصحفيين قد تقدمت بسبع مواد لدعم حرية الصحافة إلي الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور, فأقرت خمس مواد منها ضمن مسودة الدستور النهائية, وبقيت مادتان دون إقرار هما: المادة التي تنص علي أن الصحافة سلطة شعبية رابعة, ومادة تطلب عدم توقيع عقوبات سالبة للحريات في جرائم النشر. وقد اعترض عدد من أعضاء الجمعية التأسيسية علي تعبير الصحافة سلطة شعبية رابعة, قائلين إن هناك ثلاث سلطات فقط هي: التنفيذية والتشريعية والقضائية, وأن الصحافة ليست سلطة في حد ذاتها ولكنها تراقب السلطات الثلاث. أما المادة الثانية التي رفضت الجمعية التأسيسية اقرارها فكانت تنص علي أنه لا يجوز توجيه الاتهام في جرائم النشر بغير طريق الادعاء المباشر, ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في هذه الجرائم باستثناء ما يتعلق منها بالنيل من سمعة الأشخاص أو أعراضهم أو سبهم أو قذفهم أو الحض علي العنف والتمييز. ورأي بعض الصحفيين والكتاب, أن المادة بهذا النص تفتح الباب لحبس الصحفيين في إطار تلك الاستثناءات, وظهر هذا الانقسام في الرأي بين الصحفيين, عند استضافة لجنة الحقوق والحريات عددا من الصحفيين لسماع وجهات نظرهم حول مواد الصحافة بالدستور. كما شهدت كتابات بعضهم المنشورة هجوما علي تلك المادة, مما دعا لجنة الحقوق والحريات بالتأسيسية إلي حذفها من مسودة مواد باب الحريات بعد أن ظلت موجودة بها لفترة. ورأي بعض أعضاء الجمعية, خاصة من السلفيين, أن نص المادة يعطي تمييزا للصحفيين علي باقي طوائف المجتمع فرفضوا إقرارها, ورأي آخرون أن مكانها هو القانون وليس الدستور, مستندين إلي أن الواقع الحالي يجعل مسألة حبس الصحفيين أمرا مستحيلا في ظل مستجدات الأوضاع وجو الحريات بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير, الأمر الذي يتطلب السعي لإقرار جوهر المادة بمنع الحبس في قضايا النشر, علي شكل قانون في ضوء المساعي التي تبناها نائب رئيس الجمهورية, وكذلك وزير العدل لإصدار قانون يمنع الحبس في قضايا النشر وتستبدل به الغرامات المالية, وذلك في ضوء وجود مواد قانونية تجيز حبس الصحفيين في قضايا النشر, منها أربع مواد في قانون الصحافة وأكثر من18 مادة في قانون العقوبات.