قبل أيام من رحيله المفاجئ التقيت معه مصادفة علي باب صالة التحرير لكنه هذه المرة لم يشأ أن يكمل معي حديثا لم يكتمل حول أمنية لم تتحقق, وبدا أنه يريد أن يغادر الدار لكن عينه لم تغب لحظة عن صالة التحرير وكأنه يلقي نظرة وداع أخيرة علي المكان الذي شهد مولده محررا بقسم الأخبار عام1976, ثم عاد الي الصالة محررا عسكريا يافعا عام1982 بعد أن اختاره رئيس القسم العسكري محمد عبدالمنعم رغم أنه كان يعمل في قسم الاستماع. والتاريخ يقول أن حسين فتح الله هو الذي قلب الأوضاع في قسم الاستماع الذي تحول من منفي للعقاب الي بوتقة للميلاد فكان أول صحفي يخرج الي النور قادما من المنفي ليفتح حسين فتح الله الباب واسعا أمام جيل من الصحفيين في جميع التخصصات الاقتصادية والفنية والسياسية والقانونية, وكان الاكتشاف الجديد لملكات وموهبة حسين فتح الله حينما اختاره الأستاذ مرسي عطا الله أول رئيس لتحرير الأهرام المسائي عام1990 ليكون رئيسا لقسم التحقيقات التي تحولت بالفعل الي منافس حقيقي لتحقيقات الأهرام اليومي, ثم اختاره الأستاذ ابراهيم نافع رئيس تحرير ومجلس إدارة الأهرام رئيسا للقسم العسكري خلفا للأستاذ محمد عبدالمنعم الذي انتقل للعمل مع رئيس الجمهورية, وبعد أن تجلت موهبة وامكانيات الصحفي الموسوعي القدير اختار ابراهيم نافع حسين فتح الله مديرا لمكتب الأهرام في ليبيا عام98. لم يلعب يوما بورقة استخدام النفوذ أو السعي وراء الفلوس قال لي أريد منك أن تبدي رأيك المهني في ابنتي الصحفية سارة التي تعمل متدربة بالأهرام.. لأنني أعتقد كما قال إنها صحفية من الطراز الرفيع.. لكنه غادرنا دون أن أقول له أنها جديرة بأن تكون خير خلف لخير سلف.. يكفي حسين فتح الله الذي ولد في عام الثورة ومات في عيد العمال أنه ترك مكانا شاغرا كان يشغله في الماضي الكفاءة والنزاهة والفطنة والأمل. محمود معوض