الاستقطاب الحاد الذي شهدته الجمعية العمومية الطارئة لنقابة الصحفيين أمس الأول, التي لم يكتمل نصابها, يؤكد الحاجة الماسة للإعلام المصري, في هذه المرحلة الحساسة, إلي أن يضطلع بواجبه الوطني في صناعة التوافق, والوحدة. لقد كان جيدا أن تتقدم مصر 23 مركزا خلال عام 2011 في مؤشر حرية الصحافة لتتبوأ المركز رقم 123 بين دول العالم بعد أن كانت تحتل المرتبة ال146 عام 2010, طبقا لتقرير منظمة فريدوم هاوس الأمريكية. لكن الحرية أساس المسئولية, كما جاء في ميثاق الشرف الصحفي الصادر عام 1998, ومن هنا يجب علي الإعلاميين المصريين الالتزام بواجبهم الوطني في عدم الوقوع في دائرة الاستقطاب السياسي, وترويج الأكاذيب والشائعات, ونشر الدعوات العنصرية, والتحريش بين أبناء الوطن, وبث الفتن بين مؤسساته, والتنميط الخاطئ للأشخاص والهيئات, وإضفاء الشرعية علي الانقسام السياسي. ومن الواجب الوطني للإعلام أيضا أن يتحلي بالنزاهة وانتفاء الغرض, وأن يتجنب الانحياز والهوي, وأن يتحري المصلحة العامة, ويراعي تقاليد المهنة, وفي الوقت ذاته: ينأي بنفسه عن أن يكون طرفا في أي خصومة سياسية, أو خلافات مجتمعية, وأن يحرص علي نقل الحقائق كاملة دون تشويه أو اجتزاء. وينتظر المصريون من الإعلام الوطني كذلك أن يبذل جهده في جمع الصف, ووحدة الكلمة, وبث الأمل. وفي المقابل, يجب علي نقابة الصحفيين أن تضطلع بدورها في تقديم أداء إعلامي رشيد ومسئول, يضمن الالتزام بتقاليد المهنة وآدابها, ويعمل ميثاق الشرف, ويحاسب الخارجين عليه, ويقدمهم إلي التأديب, طبقا للإجراءات المحددة المنصوص عليها بقانوني النقابة وتنظيم الصحافة. ومن جهتهم, يتطلع الصحفيون إلي أن تستجيب الجمعية التأسيسية لوضع الدستور إلي مطالبهم بالنص في الدستور الجديد علي حظر تعطيل الصحف وإلغائها في جرائم النشر.